فلسطين المحتلة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
نشرت حملة المقاطعة الوطنيّة خمس نقاط لتوضيح مبادئ حركة المقاطعة "BDS" وموقف الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لـ "إسرائيل" من عرض فيلم المخرج دويري في رام الله.
عبّرت الحملة في بيانها عن اعتزازها بالحوار والجدل المُجتمعي الحيوي والمسؤول الدائر حول عرض فيلم المُخرج اللبناني زياد دويري في رام الله المحتلة، ما يدل على وعي المجتمع وحرصه على المصلحة الوطنية العامة وحماية الحريّات المدنيّة في نفس الوقت.
ذكرت في البيان "نرى في النقاش الدائر فرصة ذهبية لتوضيح مبادئ حركة مقاطعة إسرائيل ولتطوير معايير مناهضة التطبيع والمقاطعة الثقافية والتي نحرص دائما أن تُعبّر، قدر المستطاع، عما يقارب الإجماع الوطني والشعبي لتعزيز الصوت الفلسطيني الموحد الرافض للتطبيع ولاستغلال إسرائيل له كورقة توت لتغطية جرائمها وإضعاف حركة التضامن مع شعبنا."
وتلخّصت النقاط الخمس لمبادئ حملة المقاطعة بتشجيع التعددية الفكرية وحماية حرية التعبير، لا "حريّة التطبيع"، وبذلك تلتزم حركة المقاطعة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الحقوق المدنيّة والسياسيّة للأمم المتحدة، والوثيقتان تُرسخان احترام التعددية الفكرية وحرية التعبير في سياق "الواجبات والمسؤوليات" تجاه عدم التعدّي على حريات الآخرين وحقوقهم وتجاه حماية المصلحة الوطنية، "والذي يُترجم في وضعنا إلى حماية نضالنا الوطني. فكوننا شعباً يخضع لنظام احتلال واستعمار-استيطاني وفصل عنصري (أبارتهايد)، لا بد بداهة من مواءمة هذه المبادئ العامة مع خصوصية وضعنا دون المساس بجوهرها"، حسب البيان.
على هذا الأساس، تحترم الحملة حرية الإبداع والاختلاف وترفض القمع، بأدواته المختلفة، للفكر ولحرية التعبير، بما فيها التسلّط الأمني، كما في مرسوم قانون "الجرائم الإلكترونية" القمعي، والإكراه الديني، وغيرها.
كما عبّرت الحملة عن وقوفها مع الغالبية الساحقة من المجتمع، التي ترفض "حرية التطبيع" كون الشعب يعي تماماً من مقاومته الممتدة لعقود ضد المشروع الاستعماري-الاستيطاني الصهيوني خطورة التطبيع كسلاح يستخدمه المستعمِرون لاستعمار عقول المستعمَرين لتذويت الهزيمة والقبول بالاستعمار كقدر محتوم.
أضافت الحملة في البيان "لا يتناقض التطبيع جوهريّاً مع نضال شعبنا من أجل التحرر الوطني والعودة وتقرير المصير وحسب، بل وتوظّفه إسرائيل كذلك -- تحت شعار، "لا تكونوا فلسطينيين/عربًا أكثر من الفلسطينيين/العرب أنفسهم" -- في حربها المفتوحة على حركة المقاطعة BDS لتقويض حركة التضامن العالمية الضخمة المنضوية في هذه الحركة."
أمّا النقطة الثانية تقول بأنّ معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع هي المرجعيّة ولكنها ليست محفورة في الصخر ولا بد أن تتطور مع متغيّرات النضال الفلسطيني، فرغم توافق أوسع ائتلاف فلسطيني في التاريخ (ضمّ غالبية القوى السياسية والأطر النقابية والأهلية الأخرى والاتحادات الشعبية وشبكات حقوق اللاجئين وغيرها) على تعريف التطبيع في المؤتمر الوطني الأول لحركة المقاطعةBDS عام 2007، إلا أنه لا بد أن تتطور معايير المقاطعة ومناهضة التطبيع حسب تطور متطلبات نضالنا الوطني ومقاومتنا الشعبية.
"لهذا الغرض، تنظّم الحملة الفلسطينية للمقاطعة، منذ انطلقت في العام 2004، حوارات مجتمعية واسعة مع فعاليات أكاديمية وثقافية فلسطينية في الوطن والشتات ومع شركاء في الوطن العربي لتطوير المعايير بما يخدم أهداف نضالنا، مع الالتزام بصون التوافق الشعبي العريض"، حسب البيان.
واعتبرت الحملة أنّ ما يُقارب الإجماع الوطني والشعبي على معايير المقاطعة هو الذي يمنحها شرعيتها وقوتها الأخلاقية وبالتالي يعزّز إمكانية مساهمتها في التحرر الوطني، "والالتزام بهذه المعايير الموضوعية - نسبياً - والمُتوافَق عليها يحمي نضالنا من نزوات وأمزجة وأجندات الأفراد والمُموّلين والجهات التي تحاول طرح معايير خاصة بها بهدف تقويض المعايير العامة لحركة المقاطعة لأنها تتعارض مع شروط بعض الممولين أو تقيّد "حريتها" في التطبيع أو في ترويجه وبالتالي تحرمها من بعض المصالح الضيّقة."
النقطة الثالثة كانت باعتبار حركة المقاطعة ركيزة نضالية رئيسية للشعب الفلسطيني يجب الحفاظ عليها وتعزيزها، إذ يُجمع الفلسطينيون/ات في الوطن والشتات، باستثناء فئة قليلة يائسة من النضال الوطني أو منتفعة من نظام الاحتلال والأبارتهايد، على الاحتفال بإنجازات حركة المقاطعة BDS حول العالم وبتصاعد تأثيرها في عزل النظام "الإسرائيلي" أكاديمياً وثقافياً وإلى حد ما اقتصاديًا، حتى بات النظام "الإسرائيلي" يعتبرها تهديداً استراتيجياً من الطراز الأول.
"فكلما نجحنا في الضغط على شركة عالمية (مثل أورانج وفيوليا) للانسحاب من كافة المشاريع الإسرائيلية، يحتفل الجميع، وهذا حق للجميع فهي حركة الكل الفلسطيني. وكلما تبنت كنيسة أمريكية كبيرة أو نقابة بريطانية ضخمة قراراً بسحب الاستثمار من بنوك إسرائيلية أو شركات عالمية متورطة في الاحتلال والأبارتهايد، يفرح الجميع. وكلما ألغت مغنيّة مشهورة عرضاً في تل أبيب أو انسحب مخرج مرموق عالميّاً من مهرجان سينمائي إسرائيلي تضامنًا مع شعبنا، يفتخر الجميع."
يُكمل البيان، "أما عندما تضغط الحركة لوقف التطبيع المحلي والعربي، كتطبيع المخرج دويري، لإدراكنا لخطورة التطبيع كسلاح دعائيّ هام توظّفه إسرائيل لضرب نضالنا الشعبي والتضامن العالمي معه، ينتفض البعض ويصرخ متهمّاً الحركة بأشنع الأوصاف، متجاهلًا حقيقة أنه لا يمكننا أن نعزّز إنجازات حركة BDS عالميًا دون حمايتها من التطبيع محليّاً وعربيّاً!"
"في الوقت الذي نحيّي فيه تصريحات رئيس البرلمان الكويتي الشجاعة والمواقف المشرّفة للرياضيين/ات العرب الذين يرفضون منازلة نظرائهم من ممثلي دولة الاحتلال في المباريات العالمية، لا يمكننا أن نعمل مع شركائنا لمناهضة تطبيع بعض الأنظمة الخليجية الفاضح والوقح مؤخراً مع إسرائيل، مثلاً، دون التصدّي أولًا للتطبيع الرسمي والأمني والاقتصادي والثقافي والبيئي الفلسطيني. فالأخير هو مفتاح الأول وركيزته وضمانة استمراريته وتفاقمه."
في النقطة الرابعة من البيان قالت الحملة "نتبنى الاحتجاج السلمي بعيداً عن العنف والتهديد به، كحركة تنطلق من المبادئ الأممية لحقوق الإنسان، ترفض حركة المقاطعة BDS، بما فيها الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، بشكل مطلق العنف والتهديد بالعنف في حل الخلافات في مجتمعنا، كما ترفض الاتهامات الشخصية والتخوين."
أمّا النقطة الخامسة والأخيرة فكانت ملخّص لموقف الحملة من عرض فيلم المخرج دويري، "فيما يتعلق بعرض فيلم للمخرج زياد دويري في مهرجان "أيام سينمائية"، هناك خلط لدى الكثيرين -- متعمّد من البعض -- حول موقف الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإٍسرائيل."
واستعرضت الحملة ملخّص دقيق لموقفها تمثّل في التالي:
أ. عقدت الحملة اجتماعاً مطولاً مع إدارة المهرجان للحوار حول إشكالية عرض الفيلم في سياق قناعتنا الراسخة بدور الثقافة والإبداع الفني في المقاومة واحترامنا لدور المهرجان الثقافي المميز والتزام إدارته بمعايير المقاطعة.
ب. بعدها، صدر بيان للحملة حيّت فيه المهرجان وهنأت الفنان الفلسطيني من القدس المحتلة الحاصل على جائزة "أفضل ممثل" في مهرجان البندقية.
ج. طرحت الحملة أن عرض فيلم (غير تطبيعي) لمخرج يستمر في الترويج للتطبيع، لا يخضع للمعايير الحالية للمقاطعة، وبالتالي لا تعتبر أن المهرجان يخالف المعايير. لذا، لم تطالب الحملة المهرجان بإلغاء العرض.
د. في نفس الوقت، أكّدت الحملة أن قيام أي مهرجان عربي (أو فلسطيني)، وبغض النظر عن النوايا، بعرض فيلم لمخرج أنتج فيلمًا سابقًا جزئياً في تل أبيب، ممارسًا "حرية التطبيع"، لا حرية التعبير، ولا يزال يروّج للتطبيع، يشجع هذا المخرج على الاستمرار في نهجه التطبيعي المدمّر.
ه. نوّهت الحملة في نفس البيان أنها تعمل من خلال لقاءات وحوارات مجتمعية بين التجمعات الفلسطينية المختلفة على تطوير معيار خاص بالتعامل مع أعمال الفنانين الذين شاركوا في مشاريع تطبيعية ولم يتراجعوا عن التطبيع. ومن أهم المقترحات دعوة المهرجانات العربية لعدم عرض هذه الأعمال حتى يـ/تتراجع الفنان/ة عن التطبيع.
و. في اليوم التالي، وفي ضوء صدور بعض التهديدات المقلقة وتبادل الاتهامات بالخيانة والتطبيع والتخريب وغيرها (والتي ترفضها الحملة، بالطبع)، أطلقت الحملة مبادرة تدعو فيها إدارة وشركاء المهرجان لوقف عرض الفيلم مؤقتاً لحين البت في معيار التطبيع المذكور أعلاه بعد لقاءات مجتمعية موسعة. في هذه الأثناء، قررت بلدية رام الله إلغاء العرض حفاظًا على السلم الأهلي.
ز. لم تَدعُ الحملة في أي لحظة إلى "منع" أو "حظر" الفيلم المذكور بل دخلت في حوارات مع أطراف عدة، من ضمنها إدارة المهرجان و"شباب ضد التطبيع"، لتفادي تصعيد الأزمة من جهة وتفادي توفير ورقة توت فلسطينية تغطي على تطبيع زياد دويري من جهة أخرى.
ح. في النهاية، الموضوع أكبر من مجرّد عرض فيلم لمخرج يسهم في التطبيع. فبوصلة الحملة متجهة دومًا نحو أفضل السبل لتعزيز دور حركة المقاطعة BDS، مع الحفاظ على الالتفاف الشعبي العريض حولها وحول مبادئها، في عزل النظام الإسرائيلي الاستعماري والعنصري كي نصل إلى حقوق شعبنا، كلّ شعبنا.