لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

زينب زيّون

زخرفة الصدف، حرفة فنيّة يدويّة قديمة، تحتاج إلى دقّة ومهارة في العمل، عرفها سكّان البحر الأبيض المتوسط منذ القدم، فكانت الأصداف البحريّة من أولى معطيات الطبيعة التي استخدمها الإنسان في تزيين البيوت وصناعة الحليّ الشخصي، فبرع بها سكّان الساحل الفلسطيني واللبناني والسوري، وامتدّت الى أسواق مدن بلاد الشام القديمة لتصير جزءاً أصيلاً من تراث المنطقة.

ورغم انحسار هذه الحرفة نسبيّاً، أمام المصنوعات الجاهزة والتجاريّة، إلّا أنّها لا تزال تستقطب مريدين كثر، يستهويهم التراث الشرقي المزخرف بقطع الصدف البحري.

عدنان الصديق، لاجئ فلسطيني من مخيّم برج الشمالي، جنوبي لبنان، احترف مهنة تزيين الصدف منذ سنوات عديدة، آخذاً على عاتقه إحياء هذه الحرفة القديمة، التي تعتبر إحدى مفردات التراث والهويّة الفلسطينية.

فمنذ طفولته اكتشف الصديق ما للأصداف من أهميّة، حيث كان يعمل على جمعها عن الشاطىء وأخذها إلى منزله، فسكنه بالقرب من البحر سهّل عليه جمع الصدف، وانتقاء أنواعاً فريدة ونادرة منها، عثر عليها وجمعها من شاطئ مدينة صور، وفق ماقال لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

طوّر الصديق مهنة تزيين الصدف، حيث جمعها في منزله ليصنع منها أشكالاً مختلفةً، فبدأ بلصقها على الأباريق والعلب الخشبية منها والزجاجية، وسواها من الأدوات المنزلية، فتحوّل منزله إلى مشغل، وبعد ذلك قام بعرض أصدافه في استراحة سياحية وأماكن أخرى  نالت إعجاب كل من شاهدها، على حدّ قوله.

وبعد سنوات عدّة، باشر الصديق بحفر أسماء وصور على الصدف، و شارك في عدد من المعارض الفنية في بيروت وصيدا وصور ووادي الزينة، عارضاً إبداعاه  بخلق مجسمات مزيّنة بها، جاءت على شكل سفن، أدوات منزلية، وكان للقدس مكان بارز في أعماله.

حصل الصديق على عدّة شهادات تقدير من مؤسسات وجهات وجمعيات محلية ودولية، ثمّنت فنّه الإبداعي في حقل الأصداف البحرية وتحويلها إلى تحف فنية.

"الشعب الفلسطيني شعب موهوب، مثقّف وفنّان"، كلمات يؤمن بها الصديق ويرددها دائماً، ليبيّن الوجه الفلسطيني المبدع والمحب للحياة، ولابعاد الصورة النمطية التي انطبعت في الأذهان، أنّ حياة الفلسطيني مليئة فقط بالحروب والاشتباكات والدمار خصوصاً في مخيّمات لبنان.

وتمنى الصديق عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن يُصار إلى دعم فنّه من قبل جهات رسمية، ليتسنى له افتتاح معرض دائم في مدينة صور. فهو يسعى لنشر هذا الفنّ القديم الذي يدخل في إطار فنون الخزفيات والزجاجيات والرسم والنحت.

"المخيّمات الفلسطينية مليئة بالمواهب التي تنتظر من يتبناها" بهذه العبارة ختم الصديق حديثه، مشيراً إلى المواهب المتعددة الموجودة في الشتات، والتي لم تستطع حتى اليوم شقّ طريقها، بسبب شحّ الدعم المادي و المعنوي الذي يعيشه الفلسطيني في لبنان. 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد