لبنان-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
أثارت الأرقام التي أظهرتها النتائج الرسميّة لـ "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيّمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان"، الكثير من التساؤلات، بسبب الهوة العميقة التي أظهرتها تلك النتيجة، بأنّ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يبلغ (174) ألف و(422) نسمة، والتي أثارت شكوكاً كثيرة وجملة من الأسئلة والمخاوف حول نتائج التعداد التي أظهرت انخفاض أعداد اللاجئين الفلسطينيين بشكل مرعب.
"التعداد العام للسكان والمساكن في المخيّمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان"، الذي أجرته لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، هو التعداد الأوّل الذي يتم بقرار رسمي لبناني- فلسطيني، منذ استضافة لبنان للاجئين الفلسطينيين قبل نحو (70) سنة، شمل اللاجئين المقيمين في (12) مخيّم و(156) تجمّع فلسطيني في لبنان، مع نسبة تغطية وصلت إلى (97.7) بالمائة من الأسر المقيمة في النطاق الجغرافي للتعداد، بحسب ما أشارت اللجنة.
ووفق نتائج التعداد، الذي استمر لعام، سجّل عدد السكان الذين تمّ عدّهم فعلياً رقماً أدنى بكثير من الأرقام المتداولة في الساحة السياسية والإعلامية والتي تتراوح بين (450) ألف و(600) ألف لاجئي فلسطيني في لبنان، وأقل من الأرقام الموجودة في سجلات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية التي تُبيّن وجود (592) ألفاً و(711) لاجئاً فلسطينياً مُسجّلاً حتى كانون الأول 2016، فيما يبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى "الأونروا" حوالي (469) ألف لاجئ.
ولمتابعة الموضوع عن كثب، تواصلت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" مع كل من رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير حسن منيمنة، المتحدثة باسم "الأونروا" في لبنان هدى السمرا، والروائي والسياسي الفلسطيني مروان عبد العال.
الوزير منيمنة صرّح أنّه "لا يُمكننا أن نفكر بحلول للقضايا التي يعاني منها الفلسطينيون، دون أن نمتلك مُعطيات حقيقية وأرقام دقيقة على ضوئها يتم رسم سياسات جديدة للتعاطي مع الملف الفلسطيني."
وعن المخاوف من ربط الإحصاء بالتهجير أو التوطين، قال منيمنة "هذا كلام عارٍ عن الصحة، التوطين والتهجير ليسا بحاجة لإحصاء"، مُوضحاً أنّ "التوطين يتم إما بشكلٍ فردي أو جماعي للفلسطينيين، أو من خلال تسوية دولية للموضوع الفلسطيني، حيث يتم محاولة فرض القبول بالتوطين الجزئي أو الكلي للفلسطينيين على الشعب اللبناني."
ولفت منيمنة إلى أنّ "الدولة اللبنانية ليست بحاجة للإحصاء لكي تشرع بالتوطين أو التهجير، وإذا كانت بحاجة لمعطيات فالأونروا تمتلك سجلات كاملة عن الفلسطينيين، وكذلك هناك سجلات في الدائرة السياسية ووزارة الداخلية يمكنها الاستعانة بها."
بدورها، قالت المتحدثة باسم "الأونروا" في لبنان هدى السمرا إنّ "عدد اللاجئين المسجلين في نظام تسجيل الأونروا في لبنان يصل إلى 469555 لاجئ."
وتابعت "يُطابق هؤلاء تعريف الأونروا للاجئ وهو أنّ اللاجئين الفلسطينيين هم أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين 1 حزيران 1946 و15 أيار 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومصدر رزقهم نتيجة حرب 1948"، مُضيفةً "ويضمّ هذا العدد أفراداً قد يكونوا غادروا لبنان، ولكن يحق لهم الاستفادة من خدمات الوكالة في حال عودتهم إلى لبنان."
وحسب المُتحدثة باسم وكالة الغوث "تعتمد الأونروا نظام تسجيل اللاجئين الذي يتضمّن كل السجلات الفاعلة وغير الفاعلة للاجئي فلسطين الذين أعلموا الوكالة بتواجدهم في لبنان. وتتضمّن هذه السجلات عائلات اللاجئين، وأشخاص آخرين تعتبرهم الوكالة مؤهّلين للحصول على الخدمات كالمُعالين من قِبل اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يُصنّفوا كلاجئين"، مُشيرةً إلى أنّ "التسجيل يتم بشكل طوعي تماماً وهو يشمل الولادات والزواج والطلاق ومغادرة لبنان بشكلٍ دائم أو مؤقّت والوفيات، ويشكّل رقم التسجيل شرطاً مسبقاً للحصول على الخدمات."
وأشارت السمرا إلى أنّ "الأونروا تعمل مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني على تحليل نتائج التعداد والبيانات الأخرى التي انطوى عليها هذا التعداد، كما تعتبر "الأونروا" أنّ هذه البيانات ستساعد الجهات المعنيّة في العمل معاً على وضع سياسات للاستجابة إلى احتياجات اللاجئين بشكل أفضل وتعزيز حقوقهم بما فيها حق العمل."
أما بالنسبة إلى ما إذا كانت "الأونروا" ستتبنّى نتائج الإحصاء التي أصدرتها لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، قالت السمرا إنّ "الأونروا تعتمد في تخطيطها للبرامج، على الأرقام المتوفرة لديها عن لاجئي فلسطين والأشخاص الآخرين المؤهلين للاستفادة من خدمات الوكالة، ومع نزوح لاجئي فلسطين من سوريا بعد العام 2011، أطلقت "الأونروا" على سبيل المثال نداءات طوارئ للاستجابة لاحتياجات لاجئي فلسطين الذين هُجّروا من جديد."
وفيما يخص أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أشارت السمرا "اللاجئون الفلسطينيون يواجهون تحديات عديدة في لبنان، مثل القيود المفروضة على حقّهم في العمل وعلى حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن الفقر والظروف المعيشية الصعبة والشعور باليأس"، وتابعت "الأونروا تسعى من خلال دعمهم إلى تخفيف معاناتهم عبر تأمين الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والاستثمار في التنمية البشرية وتقديم الخدمات الإنسانية عند الحاجة، وستواصل الأونروا العمل بلا كلل لضمان التنفيذ الكامل لهذه الولاية التي أيّدتها الجمعيّة العامة"، واصفةُ الدور الذي تضطلع فيه الأونروا بـ "دور لا غنى عنه."
وبالنسبة لدقّة نتيجة الاحصاء، قال الروائي والسياسي الفلسطيني مروان عبد العال، إنّ "النسبة دقيقة ولكن ليست شاملة، فالأمور نسبيّة ومُتحرّكة ورقم الإحصاء صحيح كعدد ملموس، فهناك نسبة من اللاجئين الذين لم يُغطيهم المسح، ونسبة تمنّعت عن الإدلاء بمعلومات، ونسبة مُسجلة وغير مقيمة في لبنان."
وبشأن انخفاض نسبة اللاجئين في لبنان، أشار عبد العال أنّ "عدد اللاجئين يتدنّى باستمرار، نتيجة النزيف المستمر نحو دول الغرب، والناتج عن استراتيجية المعاناة التي يتعرض لها الفلسطيني في لبنان، فمن الناحية السياسية، كان اللاجئ وما يزال ضحيّة عدم تحقيق حق العودة والسياسات التي تعمل على تصفية قضية اللاجئين، ومن الناحية الاقتصادية، نتيجة تقليصات خدمات الأونروا، والسياسة اللبنانية المُمتنعة عن تنفيذ القرارات والقوانين الموجبة إزاء الفلسطينيين في لبنان."
وختم عبد العال حديثه قائلاً: "الفلسطيني ليس رقماً... بل قضية عادلة، وهو ليس مادة جاهزة للشراء أو البيع أو المبادلة."