لبنان - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

زينب زيّون

لم تبدد التطورات الإيجابيّة في الملف الأمني، التي شهدها مخيّم عين الحلوة للاجئين جنوبي لبنان، المتمثلة بتسليم العديد من الطلوبين أنفسهم للدولة اللبنانية،  قلق الأهالي من عودة الأوضاع إلى التدهور، خصوصاً أنّ المخيم لا يزال يشهد بين الحين والآخر أحداثاً أمنية أصابت حياتهم وأهمّ قطاع حيوي ملتصق بمعيشتهم بالشلل، ألا وهو القطاع التجاري.

"الحالة تعبانة يا بنتي، أهالي المخيّم خايفين من الأوضاع الأمنية السيئة، يوم منسمع صوت إطلاق نار ويوم بيرموا علينا قنبلة"، عبارة قالتها بتأثّر بالغ، صاحبة أحد محلات الألبسة، داخل سوق الخضار الواقع وسط المخيّم. وتابعت: "وضع السوق متل ما شايفين، أهالي المخيّم خايفين يزوروا السوق، وأهالي مدينة صيدا ما بيستغنوا عن حياتهم ليشتروا إحتياجات منازلهم ولو بأسعار قليلة مقابل ما هي عليه خارج المخيّم".

بعد سماع تلك العبارات، أكمل فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جولته  بغية رصد أوضاع السوق، الذي يبلغ طوله نحو 400 متراً، حيث التقى أصحاب المحلات، الذين أجمعوا على أنّ "الحالة بات يُرثى لها، فحركة التسوّق تشهد حالة من الشلل، والأوضاع الإقتصادية صعبة".

باعة الفاكهة والخضار في كلّ مكان، ينادون على بضائعهم طلباً لأرزاقهم، بأصوات عالية "يللا يا بندورة.. 3 كيلو البندورة بألف ليرة"، نعم، هكذا هي أسعار بقية الخضار والفاكهة، أسعار مقبولة جداً، وتنافس أسواق مدينة صيدا.

على بسطته المتواضعة، يقف محمد اسماعيل، ينتظر من يشتري منه الخضار. يُخبر محمد أنّه أنهى دراسته بمجال التمريض، ولمّا لم يجد عملاً في تخصصه قرر اقتناء عربة خضار علّه يستطيع تأمين لقمة عيش كريمة لعائلته.

"كنّا نقول سوق الخضار هو الشريان الحيوي للمخيّم، لكن الأحداث الأمنية المتتالية بالمخيّم أصابته وأدّت لانهيار اقتصادي كبير داخله". يتحدث هنا  محمد عن اللبنانيين عموماً وأهالي منطقة صيدا خصوصاً، الذين كانوا يترددون عادةً إلى مخيّم عين الحلوة لشراء ما يحتاجونه وبأسعار رخيصة، مضيفاً: "بعد الأحداث الأمنيّة المتتالية بات زوّار السوق يهابون الدخول إليه".

وبمزيد من التفاصيل، حول أسباب هذا التراجع بحركة البيع والشراء، تحدث عضو لجنة سوق الخضار في مخيّم عين الحلوة أحمد قاسم، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "معركة حي الطيرة، في نيسان الماضي، أثّرت سلباً على وضع المخيّم ككل، لتليها معركة الطيرة الثانية وتزيد الطين بلّة، بالإضافة إلى تهجير أهالي الطيرة وحي الأحمر والصحون وجبل الحليب إلى خارج المخيّم، وإطلاق النار والاشكالات الفردية والوضع الأمني المُتردّي، كُلها أمور أثّرت على الحركة الاقتصادية، وشكّلت رادعاً لأهالي المخيّم والجوار، الذين صاروا يهابون التجوال داخل المخيّم".

وبلغة الأرقام، تحدث قاسم عن تراجع نسبة الحركة الاقتصادية في المخيّم حوالي 70%، موضّحاً أنّ "الإجراءات الأمنية التي تتخذها الدولة اللبنانية على مداخل المخيّم، وزحمة السير التي نتجت عنها، أثرت كذلك على دخول الأفراد إليه"، مبيّناً أن تردّي الأوضاع الأمنية داخل المخيّم وعدم قدرة القوى الأمنية على ضبط الوضع بشكل تام بالإضافة إلى إجراءات الدولة اللبنانية على الحواجز، عوامل اجتمعت لتشلّ حركة السوق وترمي بسلبياتها على عاتق تجاره.

وقال قاسم إنّ "السوق يحتوي على 160 محلّاً تجارياً، بالإضافة إلى نحو 100 عربة"، أي أنّ حوالي 260 عائلة تعتمد على حركة البيع والشراء داخل السوق لتأمين لقمة العيش". مضيفاً أنّ الديون باتت تتزايد على عاتق العديد من التجار، بحيث صاروا يأخذون قروضاً بغية الاستمرارية، لأنّهم رهنٌ لالتزامات شهرية "إيجار المحل، شراء البضائع...".

ومن منطلق أنّ الأمن والأمان ينعكسان على الحركة التجارية، أشار قاسم أنّ القنبلة التي ألقاها مجهولون، صباح يوم الجمعة 9 شباط الفائت، والتي سقطت على خيمة السوق، أدّت إلى خلق حالة من الهلع والخوف في نفوس الأهالي. مضيفاً: "نحن، كلجنة نتابع أوضاع السوق والتجار فيه، ونعمل على نقلها للفصائل الفلسطينية علّهم يساعدوننا".

وعن الحلّ المناسب لعودة الحركة التجارية إلى منحاها الإعتيادي، تحدّث عضو لجنة سوق الخضار سامي عبد الوهاب، موضحاً أنّ "الحلّ الوحيد هو اتفاق الفصائل الفلسطينية والعمل على ضبط الوضع الأمني داخل المخيّم، فالوضع الأمني هو مفتاح الحركة التجارية".

ووصف عبد الوهاب سوق الخضار في مخيّم عين الحلوة بـ "أهم الأسواق التجارية في جنوبي لبنان"، موضحاً أنه "وفي عامي 2014 و2015 أقيم داخل السوق شهري تسوّق توّجا بالنجاح، حيث اجتمعت كافة الفصائل وعدد هائل من أهالي المخيّم والزوار تحت خيمة السوق، لكن هذه السنة الوضع مختلف تماماً، فالوضع الأمني المتوتر يمنع اللجنة من تنظيم شهر تسوّق خوفاً من أي حدث أمني ممكن أن يحصل".

وشدد عبد الوهاب على أهمية ضبط الوضع الأمني داخل المخيّم، حتى يعلم العالم أجمع أنّ الشعب الفلسطيني يحب الحياة، ولإبعاد الصورة النمطية التي ترسّخت عن مخيّمنا بأنه للاقتتال والنزاعات المسلّحة، ولإثبات أن سوق الخضار، صورة مشرقة لغد أفضل.

يُذكر أنّ أوضاعاً إقتصادية صعبة أثقلت كاهل اللاجئين الفلسطينيين، القاطنين داخل مخيّمات لبنان، خصوصاً مخيّم عين الحلوة الذي شهد اشتباكات متكرّرة، ودمّرت أحياؤه، وهجّر أهله، وتكبّد خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.

شاهد الفيديو►

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد