فلسطين المحتلة-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
يُواصل الحصار المفروض على قطاع غزة من عدة أطراف إطباق الخناق على الفلسطينيين، ليطال كافة المناحي والقطاعات الحيويّة والجانب المعيشي والاقتصادي والصحي وغير ذلك، مع ارتفاع آثاره خاصةً مع الضغوط الأخيرة التي تُمارس على الفلسطينيين في القطاع، بالتزامن مع مسيرات العودة الكبرى التي يُشارك فيها آلاف الفلسطينيين من أهالي القطاع منذ 30 آذار/مارس الماضي، في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع وتطبيق حق العودة وفقاً لقرار (194).
وفي هذا السياق، أكّد مدير عام الإدارة العامة للمستشفيات د. عبد اللطيف الحاج، تأجيل (4000) عمليّة جراحيّة من العمليّات المُجدولة، في ظل الضغط على غرف العمليات وأقسام المبيت في مستشفيات وزارة الصحة.
ويأتي ذلك بسبب العدد الكبير من الإصابات التي تستقبلها المستشفيات من مُصابي مسيرة العودة السلميّة، والتي تحتاج إلى إجراء عمليّات جراحيّة مُركّبة، مُنوّهاً إلى العجز في إجراء تلك العمليات، عدا بعض العمليات البسيطة في أقسام العناية النهاريّة التي لا تستوجب مبيت المريض وإشغاله للأسرّة.
وأوضح الحاج أنّ المصابين يستهلكون (4) أضعاف المرضى العاديين، في حين أنّ الأصناف العلاجيّة تستنزف في الأوضاع العادية بقدر (10) منها في الأيام الاعتياديّة من أدوية ومستهلكات طبيّة، من حيث المواد الطبيّة المُعقّمة والمحاليل الطبيّة، والأدوية مانعة التجلّط، والمضادات الحيويّة والوريديّة، إضافة إلى المستهلكات الطبيّة من مثبتات العظام الخارجية التي استهلك منها في هذه الفترة ما يكفي طوال العام.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال القطاع الخاص في قطاع غزة أنّ الحصار أحرق الأخضر واليابس، وحوّل الحياة في القطاع إلى جحيم لا يُطاق، فالقطاع يحتضر، داعياً العالم أجمع إلى تدارك الكارثة قبل وقوعها، وإنقاذه قبل فوات الأوان.
وفي النداء العاجل الذي أصدره القطاع الخاص باسمه وباسم القطاعين التجاري والاقتصادي وآلاف المنشآت الاقتصادية وعشرات الآلاف من التجار ورجال الأعمال والصناعيين والمُقاولين والزراعيين والناقلين والعاملين لديهم، جاء أنّ "القطاع اقترب في كافة مناحيه وقطاعاته الحيوية من بلوغ نقطة الصفر، وبات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل المحتوم، ولم يعد هنالك أي مجال للصمت والسكوت، فغزة تحتضر، والانهيارات تتوالى اقتصادياً واجتماعياً وصحياً، والمشاريع الدولية تعطّلت، والناس لا تجد لقمة الخبز، والعالم صامت صمت القبور، والمجتمع الدولي لا يُحرك ساكناً رغم ما يتشدق به من قيم العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان. وشعبنا في غزة يعيش بأسره اليوم في غرفة الإنعاش."
وحذر النداء العالم أجمع والأطراف كافة، من أنّ "الانفجار قادم لا محالة ما لم يتم التدخل العاجل والسريع لوضع خطة لإنقاذ غزة وأهلها، فشعبنا لن يحتمل المزيد من الضغط والحصار، ولن يسمح لأبنائه وشبابه وتجاره وصانعيه ومقاوليه ومزارعيه أن يتحولوا إلى متسولين."
كما حذّر حكومة الاحتلال من مغبّة الاستمرار في تشديد الحصار وتضييق الخناق على غزة وأهلها، ومن عواقب الاستمرار في تشديد الحصار، ودعاها إلى رفع الحصار عن قطاع غزة فوراً، وفتح المعابر، وإطلاق العنان لحركة التجارة والصناعة والاقتصاد أن تعمل بكل حرية، والسماح باستيراد وتصدير البضائع والمنتوجات من وإلى قطاع غزة وتسهيل حركة الأفراد.
ودعا النداء دول الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة واللجنة الرباعية، والمجتمع الدولي ككل، إلى التحرك العاجل والتدخل السريع لإنقاذ غزة قبل فوات الأوان، وممارسة الضغط الجاد والحقيقي على الاحتلال من أجل إنهاء الحصار الجائر بشكل فوري، وفتح كافة معابر القطاع أمام حركة التجارة والبضائع والأفراد دون أي تأخير.
ويأتي ذلك أيضاً بالتزامن مع مواصلة حكومة التوافق الفلسطينية في عدم صرف رواتب الموظفين العموميين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، أسوةً بنظرائهم في الضفة المحتلة الذين تقاضوا رواتبهم في التاسع من نيسان/ابريل الجاري، بالإضافة إلى حرمان أهالي الشهداء والأسرى من مخصصاتهم، وتأخير مخصصات الفقراء والمحتاجين المعروفة بـ "شيكات الشؤون الاجتماعية."
ويُضاف إلى ذلك استمرار الإجراءات العقابيّة التي فرضها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على القطاع العام الماضي، والتي شملت تقليص كميّة الكهرباء الواردة وخصم ما نسبته (30-50) بالمائة من رواتب موظفي السلطة وإحالة الآلاف منهم للتقاعد، عدا عن تقليص التحويلات الطبيّة.
وكانت وزارة المالية قالت في التاسع من نيسان/ابريل الجاري أنّ عدم صرف مستحقات ورواتب "عدد" من الموظفين العموميين والعاملين في المؤسسات الحكومية يعود إلى أسباب فنيّة، إلا أنّ الأمر اقتصر بالفعل على الموظفين في قطاع غزة، علماً بأنّ عدد كبير من هؤلاء الموظفين يعتمدون بشكل كامل على الراتب ولا مصدر دخل آخر لديهم، خاصةً مع اقتراب قدوم شهر رمضان.
وكان عباس توعّد قطاع غزة في خطابه بتاريخ 19 آذار/مارس أنه في حال عدم تسلّم السلطة للقطاع بشكلٍ كامل "الوزارات والدوائر والأمن والسلاح"، فإنّه "لكل حادث حديث، وإذا رفضوا لن نكون مسؤولين عمّا يجري هناك."