مقال: بيسان عدوان
لا أحد ينكر دور الذاكرة الجماعية في الحفاظ علي الكينونة الفلسطينية ولكن هناك تأثيرات أخرى تلقي بتبعيتها علي اللاجئ/ الإنسان منها العلاقات الإجتماعية والمهنية والاقتصادية في دول اللجوء.
فقد تأثرت الهوية الفلسطينية بهويات أخرى تبعاً لمكان اللجوء / دول المستقبل بجانب الانقطاع العائلي والجهوي واستبدل بهويات أخرى تتعلق بالبنية الاجتماعية للاجئين في كل دولة وعلاقات الحدود في الدول ، هذا بجانب الانقطاع الطبقي حيث أثرت النكبة علي الحراك الطبقي فلم تستطع البرجوازية الفلسطينية الاستمرار أو البقاء على حالها ولا اندثرت لتفسح الطريق للطبقات الناشئة المتوسطة الجديدة، بل عملت على خلق تشوهات في البنية الاقتصادية الفلسطينية التي افتقدت للاستقرار خاصة في الوطن العربي، ومنها مصر.
التوزيع الديمغرافي للفلسطينيين في مصر
لم يكن توزيع الفلسطينيين الجغرافي في مصر منذ النكبة وعدوان 1967 وحتى بداية انتفاضة 2000 قد تغير كثيراً، فقد تركز الفلسطينيون في القاهرة والإسكندرية، ومحافظة الشرقيه، ومنطقه القناة، وسيناء، ويميل الأغنياء في القاهرة إلى السكن، عادة في هليوبولس، والدقي ومدينة نصر، بينما يسكن أفراد الطبقه الوسطى في أحياء العباسية، وشبرا.
أما الفقراء فمراكزهم في شبرا و عين شمس وحلوان في القاهرة إضافة إلى محافظة الشرقيه في أبي كبير، والزقازيق، وناقوس الصلاحية، والخطرة. أما في سيناء فهم، على الأغلب، في العريش والشيخ زويد.
تركز الفلسطينيون في محافظات القاهرة و الجيزة و الإسكندرية، ويشهد التوزيع الديمغرافي للفلسطينين في مصر على أن أغلبهم من سكان الحضر، حيث يسكن 94.4 % من مجموعهم المدن، و تحظى القاهرة والجيزة بـ 59% منهم، فيما يسكن 5.6 % في الأرياف، ويشكل الهرم السكاني للفلسطينيين اتساعاً عند القاعدة أي أن نسبة الأعمار المتوسطة تتسع، فتصل نسبة الفئة العمرية من 20-24 سنة إلى 14.7% من مجموع السكان، أما الذين تجاوزت أعمارهم 65 سنة، فلا يمثلون أكثر من 1.8%، وشكلت نسبة الأعمار الصغيرة ( أقل من 15 سنة) 29,6%. فيما احتلت الفئات المتوسطة ( 15-64 سنة) النسبة الغالبة (68,6%) من المجموع الكلي، نظراً لأن الطلاب يشكلون ما يقرب من 46% من المجموع الكلي للسكان الفلسطينيين. (موسوعة النكبة الفلسطينية الرقمية).
الفلسطينيون في مصر .. قوة اقتصادية لا يُستهان بها
ما بين عام 1967 حتى أواخر السبعينيات شكلت قوة العمل الفلسطيني في مصر 86.5% من مجموع الفلسطينيين في مصر، منهم 30% يعملون لحسابهم الخاص و 67,6% يعملون بأجر نقدي في الدوائر الحكومية، أو لدى الغير، وتوزع العاملون على مختلف الأنشطة الاقتصادية فإن 32,1 % يعملون في الخدمات الجماعية و الاجتماعية و الشخصية. بينما يعمل 19,8 % في التجارة و المطاعم و الفنادق، و 12,1% بالنقل و التخزين، ويعمل في الصناعة نسبة 8,7%، ويعمل في الزراعه وصيد الأسماك نسبة 4,5%، و22,7% في المهن الاخرى، بينما شكل الطلاب 53%، وشكل العاطلون 1 19,2% من جملة السكان. (اتحاد العمال الفلسطيني).
وفي منتصف الثمانينات رصد أحد الباحثين المصريين 222 متجراً للفلسطينين في مصر، بينها 58 مطعماً و محل بقالة، و 74 محلاً لبيع الأقمشة، و متجران للمجوهرات، و32 وكالة سياحة و مكتب استيراد و تصوير، و46 مصنع جلود وفواكه وصابون وأحذيه.
ويقطن خمسة آلاف فلسطيني قرية عرب أبو ذكري، في قويسنا بالمنوفيه، حيث يمثل المصريين هناك أقلية. ويعمل معظم الفلسطينيين هناك في مجالات الأعمال الحرة، والاستثمار بشتى اشكاله، فيما يتركز نشاطهم في المجال الزراعي، في محافظتي الشرقيه والإسماعيليه بشكل خاص. ويعمل فلسطينيو ابو ذكري، في معظمهم، بصناعة "الطواقي" حيث ينسجون وبر الجمال، ويصنعون منه طواقي، يبيعونها لأهالي القرى المجاورة. وكان هؤلاء الفلسطينيون يعملون في تجارة الجمال، إلا أنهم تحولوا، مع مرور الوقت، للعمل في الزراعة والتجارة الصغيرة، شأن أهل القريه، تماماً.
سياسات حكومية تؤثر على القوة الفلسطينية العاملة في مصر
مع السياسات التمييزية التي انتهجتها مصر منذ اغتيال وزير الثقافة المصري يوسف السباعي عام 1979، صارت هناك تغييرات ملحوظة على العمل الفلسطينيي وتعليم الفلسطينيين في مصر حتى انتفاضة 2000، هاجر العديد من بناة قوة العمل الفلسطيني إلى ليبيا ودول الخليج لعدم قدرتهم على العمل داخل مصر بسبب السياسات العقابية التي نصت على تقييد حقوق الفلسطينيين في العمل داخل الإقليم المصري، فقانون 48 لعام 1978 بشأن التشغيل في القطاع العام نصَّ على وجوب المعاملة بالمثل بالنسبة لتشغيل مواطني الدول العربية مما يعني أن الحكومة المصرية لا توظف إلا مواطني الدول العربية التي توظف دوائرها الحكومية المصريين، وقانون 37 لعام 1981أنه لا يسمح للأجانب بممارسة مهنهم إلا بعد الحصول على تصريح تصدره وزارة القوى العاملة والتدريب بالإضافة إلى إذن إقامة، مما يجعلنا ندور في دائرة مغلقة ) ، وقرار وزير العمل رقم 25 لعام 1982 والذي زاد من العراقيل أمام الفلسطينيين هو فرض حصة تحدد عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص حيث إنه لا يجب أن تتجاوز تلك الحصة 10% من إجمالى عدد الموظفين في أى مكان من أماكن العمل، مما حدا بالفلسطينيين بالعمل بشكل غير قانوني وتحت وطأة ظروف العمل المجحفة التي يفرضها وضعهم القانوني الهش في الإقليم المصري، بجانب الضرائب الخاصة التي تساوي 34% من قيمة الدخل عن أي تصريح للعمل من أجل الحصول على اقامة في البلاد.
من المعروف أن الحكومة المصرية من جهتها لا تفصح عن المعلومات والأرقام التي تبين أعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مختلف أنحاء مصر وكذلك لا تقوم السفارة الفلسطينية بأي مهمة لإحصائهم.
يقول محمود درويش في (مديح الظلّ العالي) "القمح مرٌ في حقول الآخرين، والماء مالح، والغيم فولاذ وهذا النجم جارح، وعليك أن تحيا وأن نحيا، وأن تعطي مقابل حبة الزيتون جلدك،كم كنت وحدك يا ابن أمي".
يتبع ...
لا أحد ينكر دور الذاكرة الجماعية في الحفاظ علي الكينونة الفلسطينية ولكن هناك تأثيرات أخرى تلقي بتبعيتها علي اللاجئ/ الإنسان منها العلاقات الإجتماعية والمهنية والاقتصادية في دول اللجوء.
فقد تأثرت الهوية الفلسطينية بهويات أخرى تبعاً لمكان اللجوء / دول المستقبل بجانب الانقطاع العائلي والجهوي واستبدل بهويات أخرى تتعلق بالبنية الاجتماعية للاجئين في كل دولة وعلاقات الحدود في الدول ، هذا بجانب الانقطاع الطبقي حيث أثرت النكبة علي الحراك الطبقي فلم تستطع البرجوازية الفلسطينية الاستمرار أو البقاء على حالها ولا اندثرت لتفسح الطريق للطبقات الناشئة المتوسطة الجديدة، بل عملت على خلق تشوهات في البنية الاقتصادية الفلسطينية التي افتقدت للاستقرار خاصة في الوطن العربي، ومنها مصر.
التوزيع الديمغرافي للفلسطينيين في مصر
لم يكن توزيع الفلسطينيين الجغرافي في مصر منذ النكبة وعدوان 1967 وحتى بداية انتفاضة 2000 قد تغير كثيراً، فقد تركز الفلسطينيون في القاهرة والإسكندرية، ومحافظة الشرقيه، ومنطقه القناة، وسيناء، ويميل الأغنياء في القاهرة إلى السكن، عادة في هليوبولس، والدقي ومدينة نصر، بينما يسكن أفراد الطبقه الوسطى في أحياء العباسية، وشبرا.
أما الفقراء فمراكزهم في شبرا و عين شمس وحلوان في القاهرة إضافة إلى محافظة الشرقيه في أبي كبير، والزقازيق، وناقوس الصلاحية، والخطرة. أما في سيناء فهم، على الأغلب، في العريش والشيخ زويد.
تركز الفلسطينيون في محافظات القاهرة و الجيزة و الإسكندرية، ويشهد التوزيع الديمغرافي للفلسطينين في مصر على أن أغلبهم من سكان الحضر، حيث يسكن 94.4 % من مجموعهم المدن، و تحظى القاهرة والجيزة بـ 59% منهم، فيما يسكن 5.6 % في الأرياف، ويشكل الهرم السكاني للفلسطينيين اتساعاً عند القاعدة أي أن نسبة الأعمار المتوسطة تتسع، فتصل نسبة الفئة العمرية من 20-24 سنة إلى 14.7% من مجموع السكان، أما الذين تجاوزت أعمارهم 65 سنة، فلا يمثلون أكثر من 1.8%، وشكلت نسبة الأعمار الصغيرة ( أقل من 15 سنة) 29,6%. فيما احتلت الفئات المتوسطة ( 15-64 سنة) النسبة الغالبة (68,6%) من المجموع الكلي، نظراً لأن الطلاب يشكلون ما يقرب من 46% من المجموع الكلي للسكان الفلسطينيين. (موسوعة النكبة الفلسطينية الرقمية).
الفلسطينيون في مصر .. قوة اقتصادية لا يُستهان بها
ما بين عام 1967 حتى أواخر السبعينيات شكلت قوة العمل الفلسطيني في مصر 86.5% من مجموع الفلسطينيين في مصر، منهم 30% يعملون لحسابهم الخاص و 67,6% يعملون بأجر نقدي في الدوائر الحكومية، أو لدى الغير، وتوزع العاملون على مختلف الأنشطة الاقتصادية فإن 32,1 % يعملون في الخدمات الجماعية و الاجتماعية و الشخصية. بينما يعمل 19,8 % في التجارة و المطاعم و الفنادق، و 12,1% بالنقل و التخزين، ويعمل في الصناعة نسبة 8,7%، ويعمل في الزراعه وصيد الأسماك نسبة 4,5%، و22,7% في المهن الاخرى، بينما شكل الطلاب 53%، وشكل العاطلون 1 19,2% من جملة السكان. (اتحاد العمال الفلسطيني).
وفي منتصف الثمانينات رصد أحد الباحثين المصريين 222 متجراً للفلسطينين في مصر، بينها 58 مطعماً و محل بقالة، و 74 محلاً لبيع الأقمشة، و متجران للمجوهرات، و32 وكالة سياحة و مكتب استيراد و تصوير، و46 مصنع جلود وفواكه وصابون وأحذيه.
ويقطن خمسة آلاف فلسطيني قرية عرب أبو ذكري، في قويسنا بالمنوفيه، حيث يمثل المصريين هناك أقلية. ويعمل معظم الفلسطينيين هناك في مجالات الأعمال الحرة، والاستثمار بشتى اشكاله، فيما يتركز نشاطهم في المجال الزراعي، في محافظتي الشرقيه والإسماعيليه بشكل خاص. ويعمل فلسطينيو ابو ذكري، في معظمهم، بصناعة "الطواقي" حيث ينسجون وبر الجمال، ويصنعون منه طواقي، يبيعونها لأهالي القرى المجاورة. وكان هؤلاء الفلسطينيون يعملون في تجارة الجمال، إلا أنهم تحولوا، مع مرور الوقت، للعمل في الزراعة والتجارة الصغيرة، شأن أهل القريه، تماماً.
سياسات حكومية تؤثر على القوة الفلسطينية العاملة في مصر
مع السياسات التمييزية التي انتهجتها مصر منذ اغتيال وزير الثقافة المصري يوسف السباعي عام 1979، صارت هناك تغييرات ملحوظة على العمل الفلسطينيي وتعليم الفلسطينيين في مصر حتى انتفاضة 2000، هاجر العديد من بناة قوة العمل الفلسطيني إلى ليبيا ودول الخليج لعدم قدرتهم على العمل داخل مصر بسبب السياسات العقابية التي نصت على تقييد حقوق الفلسطينيين في العمل داخل الإقليم المصري، فقانون 48 لعام 1978 بشأن التشغيل في القطاع العام نصَّ على وجوب المعاملة بالمثل بالنسبة لتشغيل مواطني الدول العربية مما يعني أن الحكومة المصرية لا توظف إلا مواطني الدول العربية التي توظف دوائرها الحكومية المصريين، وقانون 37 لعام 1981أنه لا يسمح للأجانب بممارسة مهنهم إلا بعد الحصول على تصريح تصدره وزارة القوى العاملة والتدريب بالإضافة إلى إذن إقامة، مما يجعلنا ندور في دائرة مغلقة ) ، وقرار وزير العمل رقم 25 لعام 1982 والذي زاد من العراقيل أمام الفلسطينيين هو فرض حصة تحدد عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص حيث إنه لا يجب أن تتجاوز تلك الحصة 10% من إجمالى عدد الموظفين في أى مكان من أماكن العمل، مما حدا بالفلسطينيين بالعمل بشكل غير قانوني وتحت وطأة ظروف العمل المجحفة التي يفرضها وضعهم القانوني الهش في الإقليم المصري، بجانب الضرائب الخاصة التي تساوي 34% من قيمة الدخل عن أي تصريح للعمل من أجل الحصول على اقامة في البلاد.
من المعروف أن الحكومة المصرية من جهتها لا تفصح عن المعلومات والأرقام التي تبين أعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مختلف أنحاء مصر وكذلك لا تقوم السفارة الفلسطينية بأي مهمة لإحصائهم.
يقول محمود درويش في (مديح الظلّ العالي) "القمح مرٌ في حقول الآخرين، والماء مالح، والغيم فولاذ وهذا النجم جارح، وعليك أن تحيا وأن نحيا، وأن تعطي مقابل حبة الزيتون جلدك،كم كنت وحدك يا ابن أمي".
يتبع ...
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين