مقال: بيسان عدوان
كانت القضيّة الفلسطينيّة وما تزال درّة الحالة الثوريّة في العالم العربيّ، وخصوصًا في مصر، فعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، كانت المظاهرات المصريّة للتضامن مع القضية الفلسطينيّة تمرينًا أساسيّاً لاحتجاجات المصريين ضدّ السلطة وأجهزتها القمعيّة.
وكانت حركة دعم الانتفاضة في نظر الكثيرين هي الخطوة الأولى نحو انتفاضة المصريين في الخامس والعشرين من يناير2011.
في المقابل، كان التجمّعُ الفلسطينيّ في مصر يعيش عمومًا في حالة تهميشٍ ممنهجة، فتأثرتْ علاقاتُه الاجتماعيّة بالبلد المستقبل والبلد الأمّ، وتأثّرت هويّته الفلسطينيّة بهويّات أخرى.
بدء حملات موجهة رسمياً ضد الفلسطينيين
حملات الهجوم المصرى على الفلسطينيين لها تاريخ قديم، حيث بدأت فى نهايات السبعينيات، وتحديدًا بعد اغتيال وزير الثقافة المصرى يوسف السباعى فى قبرص عام 1978 على يد مجموعة فلسطينية معترضة على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، حيث أعقبت ذلك الحادث حملة إعلامية تهاجم فلسطين وقضيتها، تواكبت مع غضب شعبى بتحريض رسمي تجلى فى هتافات معادية لفلسطين شهدتها جنازة السباعى.
انهالت وسائل الأعلام في ضخ اشاعات حول مشاركة الفلسطينيين في الثورة طيلة السنوات الأولى لها، ففي يناير 2011 انطلقت القوى المضادة للثورة في خلق عدو يريد بمصر السوء فكان الفلسطيني والاخص الحمساوي ذلك العدو الذي يريد هدم مصر كعناصر مندسة وسط من كان في ميدان التحرير، وكلما أخفقت القوى المناهضة للثورة المصرية في استعادة زمام الأمور ونجح الثوار في اجتياز الأفخاخ كان الفلسطيني المحرض/المخرب/المشارك/الارهابي في قتل الثوار والشرطة والجيش المصري في سيناء.
الوثيقة المصرية جواز الجحيم للمنسيين
عندما وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها في الفترة ما بين عامي 1948م و1967م لم تمنح الفلسطينيين في “قطاع غزة” الجنسية المصرية كما فعلت الأردن وإنما مُنِحوا وثائق سفر مصرية لا تعطيهم حق الإقامة في مصر ومن أراد الدخول إلى مصر من حملة الوثائق المصرية يجب عليه الحصول على تأشيرة أولاً.
وبحسب الباحثين، تضم مصر أكبر عدد من النازحين من قطاع غزة، حيث بلغ عددهم 89 ألفاً، بالإضافة إلى عدد عشوائي لم يتم حصره بعد يتراوح ما بين 10و 20 ألفاً، مشتتين في ريف مصر وقراها.
ورفضت المصادر الرسمية التي توجهنا لها للكشف عن الأعداد الحقيقية للاجئين في مصر، بينما أشارت مصادر رسمية فلسطينية إلى أن العدد التقريبي لحملة الوثائق المصرية خارج القطر ما يقرب من 30 ألف يقيم معظمهم في دول شمال إفريقيا والخليج العربي، فيما وصل عدد حاملي وثائق السفر المصرية إلى 80 ألف فلسطيني.
خلال العقود الماضية تجنّب فلسطينيون كُثر الإفصاحَ عن أصلهم هربًا من المضايقة، رغم الادّعاءات الرسميّة المصريّة بالحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة. وعلى الرغم ممّا أنجزته الثورةُ المصريّة من إتاحة المناخ الديمقراطيّ للمطالبة بحقّ تجنيس من يستحقّ ذلك، فقد ظلّ كثيرٌ من الفلسطينيين ممّن دعموا الثورة المصريّة أو شاركوا في أنشطتها أو انضمّوا إلى مجموعات الزحف إلى فلسطين مضطرّين إلى إخفاء هويّتهم خشية عدم استقرار الوضع السياسيّ الأمنيّ وسيطرةِ المؤسّسة العسكريّة.
أعطى قانونُ الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 السلطاتِ صلاحيّاتٍ واسعةً لتعطيل الحريّات الأساسيّة، بما في ذلك: حظرُ المظاهرات والاجتماعات العامة، واعتقالُ المشتبه بهم واحتجازُهم من دون محاكمة لفترات طويلة، واستخدامُ محاكم أمن الدولة. وبموجب قانون الطوارئ، ضُبطتْ أنشطةُ الفلسطينيين ضبطًا صارمًا، وجرت اعتقالاتٌ على نطاقٍ واسع، وفُرضت الرقابةُ على الأنشطة الخيريّة والثقافيّة نفسها، الأمرُ الذي انعكس على حياة الفلسطينيين وخشيتهم بعضهم من بعض.
يرى محمود أجمعان، وهو ناشط فلسطينيّ حقوقيّ، أنّ تجنيس الفلسطينيين من أمّهات مصريّات قد حلّ ثلثَي الأزمة، إذ تساءل: “ماذا عن الفلسطينيين من أبوين فلسطينيين؟” ولا تزال السياسات المصرية التي مورست ضدّ المجتمع الفلسطينيّ في عهدي السادات ومبارك قائمةً، بما يقيّد حريّته في الحركة والتنقل والتعليم والإقامة والعمل، رغم تعارض ذلك مع اتفاقيّات حقوق الإنسان واتفاقيّة اللاجئين لعام 1951؛ بل إنها مخالفة للقوانين التي شُرّعتْ في الستينيّات بمصر، ومخالفة لبروتوكول الدار البيضاء الذي وافقتْ عليه الدولةُ المصريّة.
يذكر أن مراجعة لقانون الجنسية أجري في عام 2004 أصبح بموجبها منح الجنسية المصرية تلقائيًا لمواليد الزيجات المختلطة بين الفلسطينيين والمصريين والتي كانت ولادتهم بعد صدور القانون، وفي أعقاب تولي محمد مرسي رئيسا للجمهورية المصرية بعد ثورة يناير 2011، منح أكثر من 30 ألف فلسطيني من أمهات مصريات الجنسية سواء كانوا من حملة الجوازات السلطة الفلسطينية أو من حملة الوثائق المصرية دون مراجعة جديدة للقانون الذي يعطي الجنسية لأبناء الأم المصرية الذين ولدوا بعد قانون 2004. وعليه تشير مصادر اعلامية مصرية بعد 30 يونيو 2-13 أن الدولة المصرية ستقوم بسحب الجنسية المصرية من أولئك الذين حصلوا عليها ولاتتنطبق عليهم الشروط دون الإفصاح عن ماهية الشروط أو بنودها. وفقاً لباحثين قانونيين فإن مثل هذا الإجراء غير قانوني ولا دستوري وفقا للدستور المصري 2013.
البحر طوق النجاة
بعد 70 عاما على نكبة عاشها الفلسطنييون كجماعة منسية من القيادات الفلسطينية نفسها ومستثنين من أي قرار دولي أو أي سيناريوهات لحل قضية اللاجئين، وفي ظل ما يقاسوه من سياسات تمييزية عنيفة وتهميش وانتهاكات للحياة الآدمية، صار البحر الابيض ملاذه الوحيد للخروج من غياهب الظلم، والقسوة، وهروب من جحيم الحرب في سوريا وحجيم الحياة في قطاع غزة المحاصرة سياسية واجتماعيا واقتصاديا، المنقسمة على نفسها.
56 أسرة فلسطينية من حملة الوثائق السورية الذين رماهم البحر قبالة شواطئ الاسكندرية منذ بداية عام 2015 محتجزون لدى السلطات المصرية غير مسموح لهم بدخول البلاد كما نظرائهم من اللاجئين السوريين الذين قادهم نفس القدر إلي مصر هرباً من نيران الحرب في سورية.
ليست تلك الحالات الوحيدة، فخلال الأزمة السورية، هجر الكثير من الفلسطينيين مع أقرانهم السوريين إلى الاردن ولبنان ومصر ومنها الي بلاد أوروبا عبر الهجرات غير الشرعية والمحفوفة بالمخاطر، ومن لم يحالفه الحظ لم يعد أدراجه لسورية ولم تقبله دولتا الاردن ولبنان بدعاوي سياسية كثيرة، فيما قبلت مصر طلب دخول بعضهم البلاد بصفة شرعية وحجزت العديد منهم في السجون لحين تدخل السلطة الفلسطينية أو بعض الجهات الانسانية والاوربية وترحيلهم إما لقطاع غزة أو لأحد الدول الغربية .
ووفقاً لاحصائيات حقوقية ودولية دخل مايقرب من 30 ألف فلسطيني من سوريا إلي مصر يعيشون ظروف أخوانهم الفلسطينيين في مصر،من مشكلات في الإقامة والعمل والتعليم والصحة، إلى تضييق ومحاولات للهجرة غير الشرعية للخروج من جحيم النكبات المتوالية،خاصة بعد تنكيل الاعلام المصري بهم على اعتبارهم موالين للاخوان المسلمين وحركة حماس ما زاد الطين بلة.
الفلسطيني من جحيم إلى جحيم
" هرب من جحيم الحرب ... لجحيم البحر...لجحيم المجهول " هكذا أخبرنا زياد عايش (52) عاماً قادما من مخيم اليرموك إلى مصر لينتهي به الحال جالسا ينتظر مصيراً غير معلوم، قال " هربت من الحرب والدمار إلي الموت البطئ في مجهول لا ينتهي". حصل عايش على إقامة سياحية هو وأسرته حين قدم إلى مصر تجدد كل شهرين، ولا تسمح له بالعمل ولا يُسجّل ضمن مستحقّي الإعانات التي تُقدّمها المفوضيّة العليا للاجئين السوريين الفارّين من القتال في سوريا.
عمل زياد كمحامي وقت إقامته في دمشق، وحين وصل إلى مصر تنقل بين مهن متواضعة لم توفرّ له ولأسرته مقدار ما يعينهم على حياة آدميّة، وفي ظل شحّ المساعدات التي تقدمّها الهيئات الإغاثية والإنسانيّة المصرية ونفاد كثير من مواردها الماليّة، مع الأمد الطويل للثورة السوريّة. توقفت المساعدات عن آلاف الأسر السوريّة، والفلسطينيّة السوريّة التي لم تدخل ضمن مظلّة المساعدات لأسباب بيروقراطيّة وسياسيّة.
في القاهرة، قرارٌ ما أصدره موظف ما في الدولة المصرية يقضي بأن يُرحلّ أي لاجيء لا يأتي من مطار دمشق، أو يأتي منفردًا وعمره أقل من أربعين عاما. وفي حالة زياد جاء إلى القاهرة عن طريق مطار الدوحة وعند كتابة التقرير كان زياد قد رُحِّل إلى دمشق تاركاً أسرته وراءه في مصر لأنهم جاءوا عن طريق مطار دمشق.
• كانت تحكي الحاجة رشيدة الدويك 69 عاما عن خروجها من اليرموك في 2012 تماما كما تحكي عن خروجهم من خربة كوكبة في فلسطين عام 1948، كانت كثيرا ما تخلط الأسماء والأماكن بين الحدثين وكلما ذكرت "كوكبا" تنهمر بكاء وتقول " في فلسطين كنا بنقول كلها شهرين وبنرجع صار لنا قرابة 70 سنة وما رجعنا"، ونحنا طالعين من اليرموك سمعت ابنتي تخبر ابناءها الخائفين كلها شهرين وبنرجع " استدركت بالقول " ياخوفي يابنتي نموت وندفن في أرض غريبة وماعاد نرجع ولا بالدنيا ولا بالآخرة ".
" هذه الأمور جميعُها خلقتْ هويّة فلسطينيّة/مصريّة مشوّشة ومرتبكة، عمادُها الخوفُ من التشريد والترحيل إلى مجهولٍ لا يرحم، لكن المجهول وركوب البحر والموت بين أمواجه صار أرحم على الفلسطينين المقيمين في مصر أو الهاربين من الحرب في سورية وغزة بعد إخفاقات الثورات العربية في مصر وسوريا وقطاع غزة".
كانت القضيّة الفلسطينيّة وما تزال درّة الحالة الثوريّة في العالم العربيّ، وخصوصًا في مصر، فعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، كانت المظاهرات المصريّة للتضامن مع القضية الفلسطينيّة تمرينًا أساسيّاً لاحتجاجات المصريين ضدّ السلطة وأجهزتها القمعيّة.
وكانت حركة دعم الانتفاضة في نظر الكثيرين هي الخطوة الأولى نحو انتفاضة المصريين في الخامس والعشرين من يناير2011.
في المقابل، كان التجمّعُ الفلسطينيّ في مصر يعيش عمومًا في حالة تهميشٍ ممنهجة، فتأثرتْ علاقاتُه الاجتماعيّة بالبلد المستقبل والبلد الأمّ، وتأثّرت هويّته الفلسطينيّة بهويّات أخرى.
بدء حملات موجهة رسمياً ضد الفلسطينيين
حملات الهجوم المصرى على الفلسطينيين لها تاريخ قديم، حيث بدأت فى نهايات السبعينيات، وتحديدًا بعد اغتيال وزير الثقافة المصرى يوسف السباعى فى قبرص عام 1978 على يد مجموعة فلسطينية معترضة على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، حيث أعقبت ذلك الحادث حملة إعلامية تهاجم فلسطين وقضيتها، تواكبت مع غضب شعبى بتحريض رسمي تجلى فى هتافات معادية لفلسطين شهدتها جنازة السباعى.
انهالت وسائل الأعلام في ضخ اشاعات حول مشاركة الفلسطينيين في الثورة طيلة السنوات الأولى لها، ففي يناير 2011 انطلقت القوى المضادة للثورة في خلق عدو يريد بمصر السوء فكان الفلسطيني والاخص الحمساوي ذلك العدو الذي يريد هدم مصر كعناصر مندسة وسط من كان في ميدان التحرير، وكلما أخفقت القوى المناهضة للثورة المصرية في استعادة زمام الأمور ونجح الثوار في اجتياز الأفخاخ كان الفلسطيني المحرض/المخرب/المشارك/الارهابي في قتل الثوار والشرطة والجيش المصري في سيناء.
الوثيقة المصرية جواز الجحيم للمنسيين
عندما وضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها في الفترة ما بين عامي 1948م و1967م لم تمنح الفلسطينيين في “قطاع غزة” الجنسية المصرية كما فعلت الأردن وإنما مُنِحوا وثائق سفر مصرية لا تعطيهم حق الإقامة في مصر ومن أراد الدخول إلى مصر من حملة الوثائق المصرية يجب عليه الحصول على تأشيرة أولاً.
وبحسب الباحثين، تضم مصر أكبر عدد من النازحين من قطاع غزة، حيث بلغ عددهم 89 ألفاً، بالإضافة إلى عدد عشوائي لم يتم حصره بعد يتراوح ما بين 10و 20 ألفاً، مشتتين في ريف مصر وقراها.
ورفضت المصادر الرسمية التي توجهنا لها للكشف عن الأعداد الحقيقية للاجئين في مصر، بينما أشارت مصادر رسمية فلسطينية إلى أن العدد التقريبي لحملة الوثائق المصرية خارج القطر ما يقرب من 30 ألف يقيم معظمهم في دول شمال إفريقيا والخليج العربي، فيما وصل عدد حاملي وثائق السفر المصرية إلى 80 ألف فلسطيني.
خلال العقود الماضية تجنّب فلسطينيون كُثر الإفصاحَ عن أصلهم هربًا من المضايقة، رغم الادّعاءات الرسميّة المصريّة بالحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة. وعلى الرغم ممّا أنجزته الثورةُ المصريّة من إتاحة المناخ الديمقراطيّ للمطالبة بحقّ تجنيس من يستحقّ ذلك، فقد ظلّ كثيرٌ من الفلسطينيين ممّن دعموا الثورة المصريّة أو شاركوا في أنشطتها أو انضمّوا إلى مجموعات الزحف إلى فلسطين مضطرّين إلى إخفاء هويّتهم خشية عدم استقرار الوضع السياسيّ الأمنيّ وسيطرةِ المؤسّسة العسكريّة.
أعطى قانونُ الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 السلطاتِ صلاحيّاتٍ واسعةً لتعطيل الحريّات الأساسيّة، بما في ذلك: حظرُ المظاهرات والاجتماعات العامة، واعتقالُ المشتبه بهم واحتجازُهم من دون محاكمة لفترات طويلة، واستخدامُ محاكم أمن الدولة. وبموجب قانون الطوارئ، ضُبطتْ أنشطةُ الفلسطينيين ضبطًا صارمًا، وجرت اعتقالاتٌ على نطاقٍ واسع، وفُرضت الرقابةُ على الأنشطة الخيريّة والثقافيّة نفسها، الأمرُ الذي انعكس على حياة الفلسطينيين وخشيتهم بعضهم من بعض.
يرى محمود أجمعان، وهو ناشط فلسطينيّ حقوقيّ، أنّ تجنيس الفلسطينيين من أمّهات مصريّات قد حلّ ثلثَي الأزمة، إذ تساءل: “ماذا عن الفلسطينيين من أبوين فلسطينيين؟” ولا تزال السياسات المصرية التي مورست ضدّ المجتمع الفلسطينيّ في عهدي السادات ومبارك قائمةً، بما يقيّد حريّته في الحركة والتنقل والتعليم والإقامة والعمل، رغم تعارض ذلك مع اتفاقيّات حقوق الإنسان واتفاقيّة اللاجئين لعام 1951؛ بل إنها مخالفة للقوانين التي شُرّعتْ في الستينيّات بمصر، ومخالفة لبروتوكول الدار البيضاء الذي وافقتْ عليه الدولةُ المصريّة.
يذكر أن مراجعة لقانون الجنسية أجري في عام 2004 أصبح بموجبها منح الجنسية المصرية تلقائيًا لمواليد الزيجات المختلطة بين الفلسطينيين والمصريين والتي كانت ولادتهم بعد صدور القانون، وفي أعقاب تولي محمد مرسي رئيسا للجمهورية المصرية بعد ثورة يناير 2011، منح أكثر من 30 ألف فلسطيني من أمهات مصريات الجنسية سواء كانوا من حملة الجوازات السلطة الفلسطينية أو من حملة الوثائق المصرية دون مراجعة جديدة للقانون الذي يعطي الجنسية لأبناء الأم المصرية الذين ولدوا بعد قانون 2004. وعليه تشير مصادر اعلامية مصرية بعد 30 يونيو 2-13 أن الدولة المصرية ستقوم بسحب الجنسية المصرية من أولئك الذين حصلوا عليها ولاتتنطبق عليهم الشروط دون الإفصاح عن ماهية الشروط أو بنودها. وفقاً لباحثين قانونيين فإن مثل هذا الإجراء غير قانوني ولا دستوري وفقا للدستور المصري 2013.
البحر طوق النجاة
بعد 70 عاما على نكبة عاشها الفلسطنييون كجماعة منسية من القيادات الفلسطينية نفسها ومستثنين من أي قرار دولي أو أي سيناريوهات لحل قضية اللاجئين، وفي ظل ما يقاسوه من سياسات تمييزية عنيفة وتهميش وانتهاكات للحياة الآدمية، صار البحر الابيض ملاذه الوحيد للخروج من غياهب الظلم، والقسوة، وهروب من جحيم الحرب في سوريا وحجيم الحياة في قطاع غزة المحاصرة سياسية واجتماعيا واقتصاديا، المنقسمة على نفسها.
56 أسرة فلسطينية من حملة الوثائق السورية الذين رماهم البحر قبالة شواطئ الاسكندرية منذ بداية عام 2015 محتجزون لدى السلطات المصرية غير مسموح لهم بدخول البلاد كما نظرائهم من اللاجئين السوريين الذين قادهم نفس القدر إلي مصر هرباً من نيران الحرب في سورية.
ليست تلك الحالات الوحيدة، فخلال الأزمة السورية، هجر الكثير من الفلسطينيين مع أقرانهم السوريين إلى الاردن ولبنان ومصر ومنها الي بلاد أوروبا عبر الهجرات غير الشرعية والمحفوفة بالمخاطر، ومن لم يحالفه الحظ لم يعد أدراجه لسورية ولم تقبله دولتا الاردن ولبنان بدعاوي سياسية كثيرة، فيما قبلت مصر طلب دخول بعضهم البلاد بصفة شرعية وحجزت العديد منهم في السجون لحين تدخل السلطة الفلسطينية أو بعض الجهات الانسانية والاوربية وترحيلهم إما لقطاع غزة أو لأحد الدول الغربية .
ووفقاً لاحصائيات حقوقية ودولية دخل مايقرب من 30 ألف فلسطيني من سوريا إلي مصر يعيشون ظروف أخوانهم الفلسطينيين في مصر،من مشكلات في الإقامة والعمل والتعليم والصحة، إلى تضييق ومحاولات للهجرة غير الشرعية للخروج من جحيم النكبات المتوالية،خاصة بعد تنكيل الاعلام المصري بهم على اعتبارهم موالين للاخوان المسلمين وحركة حماس ما زاد الطين بلة.
الفلسطيني من جحيم إلى جحيم
" هرب من جحيم الحرب ... لجحيم البحر...لجحيم المجهول " هكذا أخبرنا زياد عايش (52) عاماً قادما من مخيم اليرموك إلى مصر لينتهي به الحال جالسا ينتظر مصيراً غير معلوم، قال " هربت من الحرب والدمار إلي الموت البطئ في مجهول لا ينتهي". حصل عايش على إقامة سياحية هو وأسرته حين قدم إلى مصر تجدد كل شهرين، ولا تسمح له بالعمل ولا يُسجّل ضمن مستحقّي الإعانات التي تُقدّمها المفوضيّة العليا للاجئين السوريين الفارّين من القتال في سوريا.
عمل زياد كمحامي وقت إقامته في دمشق، وحين وصل إلى مصر تنقل بين مهن متواضعة لم توفرّ له ولأسرته مقدار ما يعينهم على حياة آدميّة، وفي ظل شحّ المساعدات التي تقدمّها الهيئات الإغاثية والإنسانيّة المصرية ونفاد كثير من مواردها الماليّة، مع الأمد الطويل للثورة السوريّة. توقفت المساعدات عن آلاف الأسر السوريّة، والفلسطينيّة السوريّة التي لم تدخل ضمن مظلّة المساعدات لأسباب بيروقراطيّة وسياسيّة.
في القاهرة، قرارٌ ما أصدره موظف ما في الدولة المصرية يقضي بأن يُرحلّ أي لاجيء لا يأتي من مطار دمشق، أو يأتي منفردًا وعمره أقل من أربعين عاما. وفي حالة زياد جاء إلى القاهرة عن طريق مطار الدوحة وعند كتابة التقرير كان زياد قد رُحِّل إلى دمشق تاركاً أسرته وراءه في مصر لأنهم جاءوا عن طريق مطار دمشق.
• كانت تحكي الحاجة رشيدة الدويك 69 عاما عن خروجها من اليرموك في 2012 تماما كما تحكي عن خروجهم من خربة كوكبة في فلسطين عام 1948، كانت كثيرا ما تخلط الأسماء والأماكن بين الحدثين وكلما ذكرت "كوكبا" تنهمر بكاء وتقول " في فلسطين كنا بنقول كلها شهرين وبنرجع صار لنا قرابة 70 سنة وما رجعنا"، ونحنا طالعين من اليرموك سمعت ابنتي تخبر ابناءها الخائفين كلها شهرين وبنرجع " استدركت بالقول " ياخوفي يابنتي نموت وندفن في أرض غريبة وماعاد نرجع ولا بالدنيا ولا بالآخرة ".
" هذه الأمور جميعُها خلقتْ هويّة فلسطينيّة/مصريّة مشوّشة ومرتبكة، عمادُها الخوفُ من التشريد والترحيل إلى مجهولٍ لا يرحم، لكن المجهول وركوب البحر والموت بين أمواجه صار أرحم على الفلسطينين المقيمين في مصر أو الهاربين من الحرب في سورية وغزة بعد إخفاقات الثورات العربية في مصر وسوريا وقطاع غزة".
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين