مقال: علي بدوان
بدأ تَدَفُق وإضطراب الأصوات المتواترة بالهدوء النسبي، وحلَّ مكانها التفكير الهادىء بشأن المآلات المتوقعة لحالِ مخيم اليرموك بعد الكارثة الكبرى التي ألمَّت به، وقد جاء لقاء العمل للجنة المتابعة الفلسطينية العليا مع رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس ليجيب على العديد من الأسئلة المطروحة التي بدأت تُشكّل قلقاً وتوتراً كبيراً لدى غالبية أبناء مخيم اليرموك ومواطنيه من سوريين وفلسطينيين على حدٍ سواء.
القلق الكبير الذي سرى كالنار في الهشيم عند عامة الناس من أبناء ومواطني مخيم اليرموك، جاء بعد بروز ثلاثة عوامل :
أولها حجم الدمار الهائل الذي لَحِقَ بعموم مخيم اليرموك، وخاصة في البنية التحتية، والعقارات، حيث تُقَدّر نسبة الدمار التي لحِقَت بالأبنية والعقارات بنحو أكثر من 80% من إجمالي عقارات وأبنية مخيم اليرموك النظامية، عدا عن الدمار الهائل الذي لحق بمنشآت وكالة الأونروا، خاصة المدارس.
وثانيها وجود تسريبات إعلامية تواتر نَشرُها على مواقع الكترونية عدة، ومنها مواقع شبه رسمية، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، تَحدَثَت عن خرائط تنظيمية جديدة ستمس مخيم اليرموك، وبما يؤدي لإنهاء بنيته وخريطته التنظيمية السابقة بشكلٍ كامل، كما هو حال منطقة خلف الرازي بدمشق، والتي يتوقع أن تمتد خريطتها التنظيمية الجديدة الى بدايات اوتوستراد درعا عند منطقة الدحاديل ونهر عيشة.
وثالثها تقاعس الفصائل الفلسطينية في التفاعل مع عامة الناس وابتعادها عن الجمهور، وعدم وضوح التصريحات التي صدرت عن بعض أقطاب تلك الفصائل، واختفاء أصوات فصائل كانت تملأ الدنيا ضجيجاً بمناسبة ودون مناسبة، وبالتالي فإن درجة من الإحباط سادت الشارع نتيجة ذلك.
إذاً، جاء لقاء لجنة المتابعة الفلسطينية العليا برئاسة السفير محمود الخالدي مع رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس، لينهي الجدل الذي جَلَبَ القلق والتوتر للناس. فرئيس الوزراء السوري أبلَغَ لجنة المتابعة الفلسطينية العليا بأن الخريطة التنظيمية لمخيم اليرموك لن تُمَسّ على الإطلاق، وأن مخيم اليرموك من المناطق السكنية النظامية، من حيث الملكية، ومن حيث التنظيم، ومن الأحياء السكنية التي لاعلاقة لها بمناطق المخالفات وفق الخريطة التنظيمية له والمُقرة عام 1994. وبالتالي فإن حي اليرموك بدمشق ـــ على حد تعبير رئيس الوزراء السوري ـــ خارج إطار مناطق إعادة التنظيم تماماً.
وفي الجانب المُتعلق بإعادة تصحيح واقع المخيم بعد الكارثة التي لحقت به، وعودة الناس إليه، فإن تقديرات لجنة المتابعة الفلسطينية العليا، وبناء على ماجرى في لقاء العمل مع رئيس الوزراء السوري، وفي لقاء العمل التالي مع وزير الإدارة المحلية السوري، فإن المرحلة التالية ستبدأ خلال فترة قريبة جداً يتم خلالها ترحيل كل الركام الناتج عن العمليات العسكرية، ومساعدة الناس على إعادة بناء المنازل والعقارات المُدمرة، وبما يتيسر (لاحظوا بما يتيسر) من تسهيلات تُقدمها الدولة السورية للناس، وخصوصاً مايتعلق منها بترحيل الركام، وتيسير رخص البناء وتجديد القديمة منها، ومنح طابق إضافي أو طابقين لكل بناء حسب خريطته الهندسية وموقعه، وبما يؤمن للمالك جزءاً من التغطيةِ الماليةِ لإعادةِ إعمار عقاره المُدَمّر. وتوقعت المصادر المُشاركة في اللقاء أنَّ عملية ترحيل الركام وبقايا الدمار قد تستغرق عدة أشهر (حوالي أربعة اشهر) عند البدء بتنفيذها كما هو مُقرّر خلال الفترةِ القريبةِ جداً، وفق ماوعد به رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس.
عملياً، الآن، وحتى اللحظة الراهنة، لايوجد قرار حكومي بعودة الناس إلى مخيم اليرموك من عدمهِ (لاحظ : من عدمه) وهنا تَكمُنُ مشكلة اضافية، خاصة بالنسبة لأهالي البيوت والأبنية التي يُمكن ترميمها والإقامةِ بها. فالموضوع مازل مُعلّقاً وغير واضح، وهناك اجتهادات تطاله من حيث توقيت عودة الناس، مع أنَّ الفصائل الفلسطينية كانت قد اتخذت توجهاً واضحاً بالعودة إلى مقراتها ومؤسساتها التي كانت موجودة في المخيم، ولكن تلك الفصائل لم تُنفذ حتى الآن قرارها بهذا الشأن إلا بشكلٍ مجزوء، فبعض الفصائل الفلسطينية عادت، وعملت على ترميم وتنظيف محيط مقراتها، وبعضها الآخر لم يَعُد حتى الآن.
إنَّ عدم عودة الفصائل والقوى الفلسطينية وعموم مؤسساتها الى مخيم اليرموك كما يجب، ووفقاً لتوجهاتها التي كانت قد أعلنت عنها واتخذتها، أحبَطَ الناس، وجَعَلَ جزءاً كبيراً منهم يتردد في العودة خشية من عواقب سلبية قد تنعكس عليهم، وخشية من فقدان الأمن المطلوب لأسرهم وعائلاتهم داخل المخيم الذي يقع الآن ـــــ بشكلٍ أو بأخر ـــــ تحت خانة الإستباحة بحدودٍ معينة من قبل مجموعات من اللصوص المختصين بسرقة البيوت وسرقة مواد البنى وأساسيات البنية التحتية كالشبكة الكهربائية (ظاهرة التعفيش).
ومع هذا، فقد بدأت بعض الأسر والعائلات الفلسطينية بالعودة إلى مخيم اليرموك، في عملية بَدَت تتم الآن بخطواتٍ وئيدةٍ، يُفترض بها أن تتسع وأن تتوسع بعد أن تُباشر الفصائل والقوى الفلسطينية بجهودها المطلوبة، ومنها عودتها جميعها إلى مخيم اليرموك بدلاً من البقاء في مقراتها داخل مدينة دمشق. وقد تركّزت عودة بعض العائلات إلى المُربعات التي يُمكن الإقامة بها وإصلاح ماتم تدميره، ومنها شارع الجاعونة، الذي تم تنظيف مسافاتٍ جيدةٍ منه من قبل النشطاء من أبناء مخيم اليرموك، النشطاء الذي تطوعوا للقيام بحملاتِ تنظيف وترتيب جامع عبد القادر الحسيني، ويتجهون الآن لإصلاح ما يُمكن اصلاحه وترميمه من مقبرة الشهداء القديمة التي طالتها عملية الإستهداف والتدمير.
ويبقى القول، إنَّ على الفصائل الفلسطينية، أن تتحرك، وأن تغادر كسلها، وأن تحترم الناس، وعليها أن تلتقط الفرصة كي تُعيدَ اليها ثقة الناس والمجتمع، وثقة الشارع الذي خَسِرَته خلال السنواتِ الأخيرةِ من عُمر المأساة التي تعرض ومازال يتعرض لها لاجئو فلسطين في سوريا. ففرصتها الثمينة الآن تتمثل في إقدامها على اتخاذ خطوات ملموسة على الأرض، وتفعيل دورها ودور كادراتها وأعضائها وإعادة تركيز وجودها في مخيم اليرموك.
مخيم اليرموك مازال اليرموك مُبتسماً رغم الدمار الهائل، والآلام غير المسبوقة، ووجع وهوان اللجوء والتشرد، وذل النكبة ... مازال اليرموك مبتسماً ... لاقتحام بوابة الامل الذي خبا نوره بعد الذي حدث ...
بدأ تَدَفُق وإضطراب الأصوات المتواترة بالهدوء النسبي، وحلَّ مكانها التفكير الهادىء بشأن المآلات المتوقعة لحالِ مخيم اليرموك بعد الكارثة الكبرى التي ألمَّت به، وقد جاء لقاء العمل للجنة المتابعة الفلسطينية العليا مع رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس ليجيب على العديد من الأسئلة المطروحة التي بدأت تُشكّل قلقاً وتوتراً كبيراً لدى غالبية أبناء مخيم اليرموك ومواطنيه من سوريين وفلسطينيين على حدٍ سواء.
القلق الكبير الذي سرى كالنار في الهشيم عند عامة الناس من أبناء ومواطني مخيم اليرموك، جاء بعد بروز ثلاثة عوامل :
أولها حجم الدمار الهائل الذي لَحِقَ بعموم مخيم اليرموك، وخاصة في البنية التحتية، والعقارات، حيث تُقَدّر نسبة الدمار التي لحِقَت بالأبنية والعقارات بنحو أكثر من 80% من إجمالي عقارات وأبنية مخيم اليرموك النظامية، عدا عن الدمار الهائل الذي لحق بمنشآت وكالة الأونروا، خاصة المدارس.
وثانيها وجود تسريبات إعلامية تواتر نَشرُها على مواقع الكترونية عدة، ومنها مواقع شبه رسمية، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، تَحدَثَت عن خرائط تنظيمية جديدة ستمس مخيم اليرموك، وبما يؤدي لإنهاء بنيته وخريطته التنظيمية السابقة بشكلٍ كامل، كما هو حال منطقة خلف الرازي بدمشق، والتي يتوقع أن تمتد خريطتها التنظيمية الجديدة الى بدايات اوتوستراد درعا عند منطقة الدحاديل ونهر عيشة.
وثالثها تقاعس الفصائل الفلسطينية في التفاعل مع عامة الناس وابتعادها عن الجمهور، وعدم وضوح التصريحات التي صدرت عن بعض أقطاب تلك الفصائل، واختفاء أصوات فصائل كانت تملأ الدنيا ضجيجاً بمناسبة ودون مناسبة، وبالتالي فإن درجة من الإحباط سادت الشارع نتيجة ذلك.
إذاً، جاء لقاء لجنة المتابعة الفلسطينية العليا برئاسة السفير محمود الخالدي مع رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس، لينهي الجدل الذي جَلَبَ القلق والتوتر للناس. فرئيس الوزراء السوري أبلَغَ لجنة المتابعة الفلسطينية العليا بأن الخريطة التنظيمية لمخيم اليرموك لن تُمَسّ على الإطلاق، وأن مخيم اليرموك من المناطق السكنية النظامية، من حيث الملكية، ومن حيث التنظيم، ومن الأحياء السكنية التي لاعلاقة لها بمناطق المخالفات وفق الخريطة التنظيمية له والمُقرة عام 1994. وبالتالي فإن حي اليرموك بدمشق ـــ على حد تعبير رئيس الوزراء السوري ـــ خارج إطار مناطق إعادة التنظيم تماماً.
وفي الجانب المُتعلق بإعادة تصحيح واقع المخيم بعد الكارثة التي لحقت به، وعودة الناس إليه، فإن تقديرات لجنة المتابعة الفلسطينية العليا، وبناء على ماجرى في لقاء العمل مع رئيس الوزراء السوري، وفي لقاء العمل التالي مع وزير الإدارة المحلية السوري، فإن المرحلة التالية ستبدأ خلال فترة قريبة جداً يتم خلالها ترحيل كل الركام الناتج عن العمليات العسكرية، ومساعدة الناس على إعادة بناء المنازل والعقارات المُدمرة، وبما يتيسر (لاحظوا بما يتيسر) من تسهيلات تُقدمها الدولة السورية للناس، وخصوصاً مايتعلق منها بترحيل الركام، وتيسير رخص البناء وتجديد القديمة منها، ومنح طابق إضافي أو طابقين لكل بناء حسب خريطته الهندسية وموقعه، وبما يؤمن للمالك جزءاً من التغطيةِ الماليةِ لإعادةِ إعمار عقاره المُدَمّر. وتوقعت المصادر المُشاركة في اللقاء أنَّ عملية ترحيل الركام وبقايا الدمار قد تستغرق عدة أشهر (حوالي أربعة اشهر) عند البدء بتنفيذها كما هو مُقرّر خلال الفترةِ القريبةِ جداً، وفق ماوعد به رئيس الوزراء السوري المهندس عماد خميس.
عملياً، الآن، وحتى اللحظة الراهنة، لايوجد قرار حكومي بعودة الناس إلى مخيم اليرموك من عدمهِ (لاحظ : من عدمه) وهنا تَكمُنُ مشكلة اضافية، خاصة بالنسبة لأهالي البيوت والأبنية التي يُمكن ترميمها والإقامةِ بها. فالموضوع مازل مُعلّقاً وغير واضح، وهناك اجتهادات تطاله من حيث توقيت عودة الناس، مع أنَّ الفصائل الفلسطينية كانت قد اتخذت توجهاً واضحاً بالعودة إلى مقراتها ومؤسساتها التي كانت موجودة في المخيم، ولكن تلك الفصائل لم تُنفذ حتى الآن قرارها بهذا الشأن إلا بشكلٍ مجزوء، فبعض الفصائل الفلسطينية عادت، وعملت على ترميم وتنظيف محيط مقراتها، وبعضها الآخر لم يَعُد حتى الآن.
إنَّ عدم عودة الفصائل والقوى الفلسطينية وعموم مؤسساتها الى مخيم اليرموك كما يجب، ووفقاً لتوجهاتها التي كانت قد أعلنت عنها واتخذتها، أحبَطَ الناس، وجَعَلَ جزءاً كبيراً منهم يتردد في العودة خشية من عواقب سلبية قد تنعكس عليهم، وخشية من فقدان الأمن المطلوب لأسرهم وعائلاتهم داخل المخيم الذي يقع الآن ـــــ بشكلٍ أو بأخر ـــــ تحت خانة الإستباحة بحدودٍ معينة من قبل مجموعات من اللصوص المختصين بسرقة البيوت وسرقة مواد البنى وأساسيات البنية التحتية كالشبكة الكهربائية (ظاهرة التعفيش).
ومع هذا، فقد بدأت بعض الأسر والعائلات الفلسطينية بالعودة إلى مخيم اليرموك، في عملية بَدَت تتم الآن بخطواتٍ وئيدةٍ، يُفترض بها أن تتسع وأن تتوسع بعد أن تُباشر الفصائل والقوى الفلسطينية بجهودها المطلوبة، ومنها عودتها جميعها إلى مخيم اليرموك بدلاً من البقاء في مقراتها داخل مدينة دمشق. وقد تركّزت عودة بعض العائلات إلى المُربعات التي يُمكن الإقامة بها وإصلاح ماتم تدميره، ومنها شارع الجاعونة، الذي تم تنظيف مسافاتٍ جيدةٍ منه من قبل النشطاء من أبناء مخيم اليرموك، النشطاء الذي تطوعوا للقيام بحملاتِ تنظيف وترتيب جامع عبد القادر الحسيني، ويتجهون الآن لإصلاح ما يُمكن اصلاحه وترميمه من مقبرة الشهداء القديمة التي طالتها عملية الإستهداف والتدمير.
ويبقى القول، إنَّ على الفصائل الفلسطينية، أن تتحرك، وأن تغادر كسلها، وأن تحترم الناس، وعليها أن تلتقط الفرصة كي تُعيدَ اليها ثقة الناس والمجتمع، وثقة الشارع الذي خَسِرَته خلال السنواتِ الأخيرةِ من عُمر المأساة التي تعرض ومازال يتعرض لها لاجئو فلسطين في سوريا. ففرصتها الثمينة الآن تتمثل في إقدامها على اتخاذ خطوات ملموسة على الأرض، وتفعيل دورها ودور كادراتها وأعضائها وإعادة تركيز وجودها في مخيم اليرموك.
مخيم اليرموك مازال اليرموك مُبتسماً رغم الدمار الهائل، والآلام غير المسبوقة، ووجع وهوان اللجوء والتشرد، وذل النكبة ... مازال اليرموك مبتسماً ... لاقتحام بوابة الامل الذي خبا نوره بعد الذي حدث ...
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين