نبيل السهلي 

يعتبر المشهد الذي يمر به الفلسطينيون في هذه الأيام فصلاً من فصول
 الترانسفير التي لم تتوقف أصلاً منذ أكثر من سبعين عاماً.

واللافت أنّ الفلسطيني الذي يحمل وثيقة سفر أو جواز سفر، أو هويّة مؤقتة تشي بأنه عربي فلسطيني، بات عُرضة للإهانة والسباب والابتزاز المالي والنفسي والطرد، وصولاً إلى إطلاق النار عليه عندما يحاول الهروب والفرار من هذا البلد العربي إلى آخر، أو من الدول العربية - التي باتت معابرها موصدة- إلى بلد أوروبي كملجأ آمن.

ويُلاحظ المتابع بشكلٍ جلي بأنّ رحلة الرحيل القسري لا تزال تلاحق الشعب الفلسطيني داخل فلسطين التاريخية وفي منافيه العربيّة.

وهذا يقودنا إلى الحديث عن دور سياسة طرد العرب الفلسطينيين من وطنهم فلسطين، حيث تُعتبر تلك العملية من ركائز المشروع الصهيوني، وفي هذا السياق أكّد رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق مناحيم بيغن في مذكراته بأنّ المنظمات الصهيونية العسكرية قد قامت بطرد العرب وهي التي نظّمت عمليّة القتل والطرد، وتُشير الدراسات إلى أنّ عدد المذابح التي أمكن تسجيلها وصل إلى /34/ مذبحة منها /24/ في منطقة الجليل وخمس مذابح في وسط فلسطين وخمس مذابح في منطقة الجنوب، وثمّة سبع عشرة مذبحة نفذت في ظل وجود القوات البريطانية قبل عام 1948، ودون تدخل يذكر منها وسبع عشرة بعد إنهاء الانتداب البريطاني، ومن أشهر المذابح دير ياسين، ومجزرة الطنطورة وقرية بلد الشيخ، والصفصاف، وعيلوط، وعرب المواسي، لكن أكبرها كانت مجزرة الدوايمة، وتبعاً لتلك المجازر تم طرد 850 ألف فلسطيني في عام 1948، أصبح مجموعهم في عام 2018 ستة ملايين لاجئ، وتكرر مشهد الترانسفير "الإسرائيلي" ضد الفلسطينيين المباشر وغير المباشر في حزيران من عام 1967 أثناء احتلال الجيش "الإسرائيلي" للضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تم طرد 460 ألف فلسطيني من المنطقتين، أصبح مجموعهم الآن في منتصف عام 2018 مليوناً وستمائة ألف نازح فلسطيني، ولهذا يمكن القول أن سياسات الترانسفير "الإسرائيلية" أدت إلى طرد حوالي (60) في المائة من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ نحو  (13) مليون فلسطيني.‏
 

ومن أهم تداعيات النكبة الكبرى قبل سبعين عاماً، بروز قضية اللاجئين وتغير الخارطة الديموغرافية للشعب الفلسطيني وتكشف الحقائق والمعطيات حجم القضية الناشئة نتيجة الطرد القسري الصهيوني لنحو نصف الفلسطينيين في العام 1948، وفي هذا الإطار تشير المعطيات الإحصائية إلى أن عدد سكان فلسطين قد بلغ في نهاية الانتداب البريطاني (2.1) مليون نسمة، بينهم 30.9 في المائة من اليهود، و69.1 في المائة أصحاب الأرض الأصليين من العرب الفلسطينيين، أي كان هناك /1454000/ عربي، في مقابل /650/ ألف مستوطن يهودي حتى عشية النكبة في الخامس عشر من ايار 1948 ، وقد لوحظ وجود ميل سياسي في أثناء تقدير اللاجئين تبعاً لخلفية الباحث أو الجهة التي كانت تعد التقارير حول اللاجئين، وقد راوح التقدير بين 960 ألف لاجئ فلسطيني بحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين وتشغيلهم عام 1949، و/940/ ألفاً بحسب الجامعة العربية، و/726/ ألفاً بحسب معطيات الأمم المتحدة.‏
 

وإذا أخذنا أقل التقديرات للاجئي عام 1948، فإنه من بين مجموع الشعب الفلسطيني في عام 1949 البالغ /1466000/  فلسطيني، ثمة /726/ ألف لاجئ ، أي أصبح أكثر من 50 في المائة من سكان فلسطين العرب لاجئين، استأثرت الضفة الغربية بنحو 38 في المائة، في حين تركز 25.1 في المائة من اللاجئين في قطاع غزة الذي لا تتعدى مساحته /365/ كيلو متراً مربعاً، واضطر 13.6 في المائة من اللاجئين الذهاب إلى لبنان، وإلى سورية 11.5 وإلى الأردن 9.5 في المائة، وفرت أعداد قليلة إلى مصر لا تتعدى واحداً في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين، واستحوذ العراق أيضاً على نحو 0.5 في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين ، وغالبية الذين تركزوا في العراق من مثلث حيفا الساحلية، أي من قرى عين غزال وقرية عين حوض، وقرية جبع وغيرها من قرى عروس الساحل الفلسطيني.‏ وحصلت عملية ترانسفير كبيرة لغالبية فلسطينيي العراق بعد الغزو الأمريكي للعراق في ربيع عام 2003 ، حيث تمّ ارتكاب مجازر بحقهم على يد ميليشيات طائفية موتورة  ، ليصبحوا لاجئين في أكثر من أربعين دولة أوروبية وآسيوية وعربية . ويشار إلى أنه لا يوجد خدمات للأونروا بين تجمعات اللاجئين الفلسطيني الذين تركزوا في العراق بعد نكبة عام 1948.


تشير الدراسات إلى وجود ستة ملايين فلسطيني في  عام 2018 في حين أن العدد المقدر للاجئين هو أكثر من الرقم المذكور ، نظراً لعدم تسجيل الآلاف من اللاجئين  في سجلات الاونروا ،وثمة/41/في المائة منهم يتمركزون في المملكة الأردنية الهاشمية، و/22/ في المائة في قطاع غزة الذي يضم ثمانية مخيمات بائسة، في حين تستحوذ الضفة الغربية على /16/ في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الاونروا، في مقابل ذلك تستأثر سورية على 10.5/ في المائة وكذلك هي الحال بالنسبة للبنان.‏ ويلحظ المتابع لقضية اللاجئين بأن عمليات ترانسفير كبيرة طالت أعداداُ كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ بداية الحرب الأهلية في عام 1975، وكذلك اللاجئين الفلسطينيين في سوريا منذ تموز عام 2012 ، حيث بات أكثر من مائة ألف لاجئ فلسطيني من سوريا في مناطق لجوء جديدة عربية وأوروبية وخاصة في دولة السويد التي استصدرت قرارات من شأنها لم الشمل لمن يصل أراضيها من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، في وقت يعاني اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا من سورية  إلى دول عربية، مثل لبنان والأردن ومصر من تعامل غير إنساني على الإطلاق، واعتبرت قضيتهم أمنية وليست إنسانية.


وفي ظل استمرار رحلة الرحيل القسري  للاجئين الفلسطينيين ، يبرز سؤال برسم الإجابة، هل الشعب الفلسطيني ضلع قاصر، وما هي السبل حتى ينال معاملة إنسانية في المنافي االعربية ، فهل من جواز سفر فلسطيني جديد يُخوّل اللاجئين  عبور القارات في جهات الأرض الأربعة فهو إنسان في الدرجة الأولى قبل إطلاق الشعارات القومية.

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد