تقرير خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
من المؤكد أن التطرف الديني الحافل في المنطقة العربية سيدفع جيل الشباب إلى طرح تساؤلات حول الدين، ماهيته ومبررات وجوده، وهذا ليس حكراً على الدين الإسلامي، بل يندرج على جميع الأديان، فالتطرف في دين ما سيدفع أتباعه الجدد (الشباب) إلى اتخاذ موقف نقدي منه يصل أحيانا حد نقده والارتداد عنه. لكن ليس هذا هو السياق الفكري الذي تندرج فيه قصة الفتاة الفلسطينية ــ أو التي كانت فلسطينية ـ ساندرا التي شغلت مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية في الأيام القليلة الماضية.
ساندرا سولومون (38 عاما) هي فتاة فلسطينية، ولدت في فلسطين وانتقل أهلها إلى السعودية، ومن ثم هاجرت إلى كندا، ومن هناك، طلت ساندرا عبر شاشة القناة الثانية "الإسرائيلية"، لتعبر عن آراءها حول "أهمية دولة إسرائيل" بذات التطرف الذي ادعت أنها تحاربه!
"أنا عشت في السعودية، وكان الحجاب هو السبب الرئيسي لنفوري من الإسلام، والعيش تحت وطأة تطبيق الشريعة الإسلامية" كذلك تبدأ ساندرا حديثها للقناة العبرية، تهاجم الإسلام بعنف، ليس التطرف فيه أو المغالاة، بل وجوده أساساً، فهي التي تركته متحولةً إلى المسيحية المعروف أنها دين مسالم، يحارب القتل، ويدعو للتسامح، ولعل ذلك أبعد ما يكون عن خطاب ساندرا العنفي المطالب بقتل المسلمين عامة والفلسطينيين على وجه الخصوص.
"تربيت في بيت يكره اليهود ويمجد هتلر والهولوكوست، نحنا من طفولتنا نتعلم من القرآن الذي يشبّه اليهود بالحمار الذي يحمل أسفاراً، وبأحفاد القردة" تسوق ساندرا في حديثها هذا (أدلة) على كره اليهود الذي تجرعته منذ طفولتها في بيتها. الأدلة السابقة توضّح مدى ضحالة ساندرا في الإسلام، ليس دفاعاً عن دين محدد، بل دفاعاً عن المعرفة، فوصف (أحفاد القردة) يتصل بنظرية التطور للعالم تشارلز داروين، لا بالإسلام، ولا يوجد آية قرآنية استشرفت نظرية التطور بهذا الوضوح، لا سيما أن نظرية التطور الطبيعي تقف في الوجهة المقابلة لكل الأديان السماوية، الإسلام والمسيحية التي انتقلت إليها ساندرا، واليهودية التي تهلل لها في حديثها!
تعرض ساندرا في المقابلة الوشوم التي نقشتها على يديها ورقبتها، حيث كتبت "إسرائيل" بالعبرية، ووشمت على يدها النجمة السداسية، وأكدت أنها: " تحلم بالذهاب إلى إسرائيل، ولي الشرف في قول الحق، وأتمنى رفع العلم الإسرائيلي بكل احترام"، مختتمة بذلك حديثها على القناة العبرية التي هللت لها، فهي علامة تجارية رابحة للكيان الصهيوني.
في إجابة على سؤال المذيع الإسرائيلي عن رأي أهلها في موقفها، أجابت ساندرا: "من المؤكد سيحرض أهلي علي ويعنفوني، أساساً أنا أهلي تبرأوا مني كوني تركت الإسلام وانتقلت للمسيحية"، وهذا فعلا ما حدث، إذ تبرأ أهل ساندرا منها في بيان نشرته وسائل الإعلام، فقد أكدوا حسب بيانهم أن "ساندرا لم تبحث عن الحقيقة، بل بحثت عن المال والشهرة. خبر تحوّلها من الإسلام للمسيحية لم يمنحها الشهرة التي حلمت بها. فلجأت إلى بني صهيون فوجدت عندهم طلبها ووجدوا فيها مادة زخمة للإعلام. تعددت الاسباب ولم يجدوا غير وسيلة واحدة لتحقيق أهدافهم وهي باستخدام اسم صخر حبش، الرجل الذي حارب من أجل فلسطين وكتب فيها أجمل الأشعار وألف فيها العديد من الكتب السياسية".
لعبت القناة العبرية في مقابلتها مع ساندرا على وتر صلة القربى التي تجمعها مع خالها المناضل المعروف "صخر حبش" القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية الذي كان من المقربين من "أبو عمار"، عرضت القناة الصورتين معاً، صوراً لحبش وعرفات من زمن الثورة الفلسطينية، وبالمقابل عرضت مقابلتها مع ساندرا، ولسان حال القناة يقول، أنظروا للفلسطيني أين كان وأين هو اليوم، ما يعيد إلى الأذهان قصة "الأمير الأخضر"
"الأمير الأخضر" مصعب حسن يوسف ابن القيادي البارز في حماس "حسن يوسف" الذي انتقل إلى المسيحية وأقام في الولايات المتحدة بعد أن أماط الكيان الصهيوني اللثام عن جاسوسيته للموساد.
تطرح ساندرا، ومن قبلها مصعب، التطرف اليهودي كبديل عن التطرف الإسلامي، لذلك قد لا تشكّل هذه النماذج الفصامية خطراً على الوجود الفلسطيني اليوم، لكنها تحمّل الشباب الفلسطيني والعربي (الإناث في حالة ساندرا تحديداً) مسؤولية القيام بقطيعة مع التطرف بكل أنواعه، وبكل مناشئه الدينية، قبل أن تأخذ هذه الحالات السطحية للتغيير مكاناً لها في المجتمع العربي الجديد.