الأردن
تحدث تقرير نشرته "رويترز" اليوم السبت عن مخاوف أردنية من نوايا أمريكية مبيتة، بتحويل الأردن إلى "وطن بديل" للفلسطينيين في حال نجحت إدارة الرئيس "دونالد ترامب" بتمرير ما يسمى صفقة القرن، التي ماتزال بنودها الرئيسية غير معلنة، فيما تشير تسريبات حولها إلى أنها " تتخلى عن فكرة قيام دولة فلسطينية كاملة لصالح حكم ذاتي محدود في جزء من الأراضي المحتلة، الأمر الذي من شأنه أن يقوض حق الفلسطينيين في العودة".
يقول تقرير "رويترز" إنه على الرغم من النفي الأمريكي، يخشى الأردنيون من عودة ترامب إلى فكرة إسرائيلية قديمة مفادها أن "الأردن هو فلسطين, وأن هذا هو المكان الذي يجب أن يذهب إليه فلسطينيو الضفة الغربية".
يضيف: "إن أي تغيير في التوافق الدولي على حل الدولتين، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم التي احتلت عام 48، وهي قضايا لطالما دعمتها السياسة الأمريكية، يتردد صداه في الأردن أكثر منه في أي مكان آخر".
وبحسب "رويترز" فإن قضية الفلسطينيين الموجودين في الأردن "حساسة لدرجة أن الحكومة لا تنشر أي بيانات عن عدد من هم من أصل فلسطيني بين مواطنيها البالغ عددهم ثمانية ملايين نسمة، وإن كان تقرير صدر مؤخرا عن الكونجرس الأمريكي قدر العدد بأكثر من نصف إجمالي السكان".
رفض بين فلسطينيي الأردن لفكرة "الوطن البديل"
ورغم أن معظم الفلسطينيين في الأردن مندمجون أكثر من غيرهم في دول الشتات مع البلد المضيف، إلا أن هذا لم يقنع أياً من الأجيال الفلسطينية المتعاقبة في التخلي عن حقها في العودة إلى البلد الأصل فلسطين، الأمر الذي من شأنه أن يبدد مخاوف الأردنيين التي تحدث عنها تقرير رويترز، بأن هؤلاء الفلسطينيين سيبقون إلى الأبد في الأردن.
يأتي هذا فيما مسؤولون أمريكيون ينفون "التفكير في جعل الأردن وطناً للفلسطينيين، أو دفعه للقيام بدور في إدارة أجزاء من الضفة الغربية أو الطعن في حقّه بالوصاية على المقدسات الإسلامية في القدس".
تتحدث "رويترز" بأن الملك الأردني عبد الله الثاني يواجه غضباً من المعارضة التي تسمي نفسها ”الحراك“، والمؤلفة بالغالب مما يسمى بـ "الشرق أردنيين"، والذين يقولون: " إن خطط ترامب ستؤدي إلى تدمير نظام رعاية الدولة الذي رسخ ولاءهم للملكية."
ويحذر البعض الملك من قبول خطة قد "تمنح المواطنين من أصل فلسطيني المزيد من الحقوق السياسية في ظل نظام انتخابي يميل لصالح الأردنيين".
يزيد تقرير الوكالة الإخبارية "رويترز" بأن القلق ثار بسبب شائعات بأن الخطة - أي صفقة القرن- قد تؤدي إلى استقبال الأردن للاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا، أو أن البلاد ستندمج مع مساحة من الأراضي الفلسطينية في أجزاء من الضفة الغربية.
ذات القلق يساور الفلسطينيين في الأردن كأقرانهم الأردنيين، ففكرة "الوطن البديل" هو أمر مرفوض بشكل قاطع لدى الفلسطينيين، حسبما يؤكد رئيس الجمعية الأردنية للعودة واللاجئين كاظم عايش لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين.
عايش يصف مطالب الفلسطينيين في الأردن بأنها تتعلق فقط في الحقوق المدنية، وأنهم لا يطمحون لتحصيل أي امتيازات سياسية.
ويشير عايش إلى أن فكرة "الوطن االبديل" هي وصفة خراب بالنسبة للأردن، ويرفضها اللاجئون الفلسطينييون في هذا البلد قليل الموارد، لأسباب تتعلق أولاً بعدم قبولهم بالتنازل عن حقهم في العودة إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، وثانياً حتى لا تثير أي نزاعات داخلية بين الفلسطينيين ومواطني البلد المضيف.
دور متوقع لضغوط خارجية
وهنا تتوحد المواقف في الأردن، في رفض أي مشاريع قد تطرحها خطة الإدارة الأمريكية للتسوية في المنطقة، في ظل عدم تحديد موقف أردني رسمي قاطع حول حضور الأردن ورشة البحرين الإقتصادية- وهي أحد خطوات صفقة القرن- فبينما يؤكد مسؤولون أمريكيون قبول عمان الحضور، أكدت الحكومة الفلسطينية في رام الله أنها تلقت معلومات أكيدة من الجانب الأردني بعدم الحضور.
تقرير "رويترز" يلمح إلى ضغوطات خارجية قد تمارس على الملك الأردني لحمله على الحضور، لا سيما من الدول الغربية والخليجية، التي تعتمد السياسات الأردنية الاقتصادية على علاقات وثيقة معها.
في المقابل، يعزو التقرير إشارات القصر الملكي الأردني إلى المظاهرات في العشرات من البلدات والمدن الريفية إلى كونه رسالة إلى واشنطن بأنها لا تستطيع فرض حل يجيء على حساب الأردن.
وينقل التقرير عن مسؤولين أردنيين قولهم: "إنه على الرغم من أن الأردن سينضم إلى المؤتمر الذي سيكشف عن الشق الاقتصادي من خطة ترامب، إلا أنه سيوجه رسالة مفادها أنه لا يمكن لأي عروض مالية أن تحل محل حل سياسي لإنهاء احتلال إسرائيل للضفة الغربية" .