فلسطين - وكالات
أوقفت هولندا اليوم الأربعاء المساهمة السنوية التي تدفعها لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والبالغة 13 مليون يورو، بسبب تقارير تتهم مسؤولين في الوكالة بالفساد وسوء السلوك.
وقالت وزيرة التجارة الخارجية والتعاون الإنمائي الهولندية سيخريد كاخ: "لقد عبرنا عن قلقنا الكبير وطلبنا توضيحات حول ذلك، ونحن نتشاور أيضاً مع المانحين الآخرين."
ويأتي القرار الهولندي بعد يوم من قرار سويسري مماثل، حيث أوضحت الخارجية السويسرية أن بلادها دفعت 22,3 مليون فرنك سويسري (20,2 مليون يورو) خلال العام الحالي، لكن "خلال التحقيق، ستعلق الوزارة كل مساهمة إضافية".
"أونروا": نتعرض لضغوطات خارجية
من جانبه، قال المتحدث باسم وكالة غوث لتشغيل اللاجئين "أونروا"، سامي مشعشع، اليوم الأربعاء، إن الوكالة: "تتعرض لضغوطات خارجية وسط محاولات للتشكيك بدورها".
وأشار مشعشع في تصريحات إذاعية إلى أن "مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة في نيويورك كان أخطر الوكالة في بداية العام الجاري بأن هناك تحقيقاً سيتم عمله بناء على اتهامات، وهذا التحقيق ما زال جارياً ولم ينته ولم تصدر عنه أية نتائج"، مشيراً إلى أنه سيتم التعامل مع نتائج التحقيق.
وأضاف مشعشع أن "الهم الأساسي للأونروا ينصب حالياً على ضمان بدء العام الدراسي في وقته، وتجديد ولاية "أونروا" في اجتماع الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل لتواصل عملها في خدمة اللاجئين".
الأمم المتحدة: غوتيريس لا يزال يؤمن بأهمية عمل "أونروا"
قالت الأمم المتحدة أمس الثلاثاء إن أمينها العام أنطونيو غوتيريس "لا يزال يؤمن بأن عمل "أونروا" يشكل أهمية جوهرية".
وفي مؤتمر صحفي في نيويورك، أوضح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، أن "مكتب الرقابة الداخلية يحقق في الوقت الحالي في هذه الأمور وأنه غير مخول بالحديث عن تحقيق لم ينته بعد"، مردفاً "الأمين العام يواصل إيمانه بأن عمل "أونروا" يشكل أهمية جوهرية بالنسبة للفلسطينيين". وتابع "سوف يقوم الأمين العام باتخاذ إجراءات بأسرع ما يمكن وذلك بعد أن يتسلم التقرير كاملاً".
حماس والديمقراطية تستغربان من توقيت تسريب التقرير
إلى ذلك، قال مدير دائرة شؤون اللاجئين في حركة حماس، إياد المغاري، اليوم الأربعاء، إن "توقيت هذا التقرير يتزامن مع مرحلة دقيقة تمر بها "أونروا"، وهي على أعتاب التصويت لولاية جديدة مدتها ثلاث سنوات في أيلول/سبتمبر القادم خلال انعقاد الدورة 74 للجمعية العامة في نيويورك".
وأكد المغاري أن هذا التحقيق سيؤثر على سمعة الوكالة التي ستستغلها الولايات المتحدة والاحتلال الصهيوني في الأمم المتحدة للضغط على الدول المانحة والمؤيدة لعمل الوكالة، وذلك بالتزامن مع سعي الاحتلال عبر أروقة لوبياته في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لإنهاء عمل "أونروا"، دون تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بعودة اللاجئين، ودون تمكين الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير، الذي كفلته لهم القرارات الدولية.
وشدد المغاري على ضرورة ضمان استمرار عمل "أونروا" بدون أي تغيير في التفويض، مؤكداً "ضرورة محاسبة كل من يُثبت التحقيق بأنه متورط بالفساد المالي أو الإداري أو الأخلاقي، أو مستغِل للسلطة الممنوحة له".
وأضاف المغاري أن المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة، وعلى رأسها الأمين العام أنطونيو غوتيريس، مطالبون بتحمل المسؤولية الكاملة عن حماية حقوق اللاجئين في كافة أماكن تواجدهم، إلى حين تطبيق القرار الدولي 194 وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها.
بدورها، دعت الجبهة الديمقراطية حكومتي سويسرا وهولندا إلى التراجع عن قرارهما بوقف تمويل الوكالة بدعوى التحقيق في قضايا فساد متهمة بها بعض الدوائر فيها.
وقالت الجبهة في بيان اليوم الأربعاء: "إن قرار المقاطعة يأتي في وقت تدعو فيه الولايات المتحدة إلى وقف تمويل "أونروا" وحلها، ونقل خدماتها إلى الدول المضيفة، ما يلقي على قرار حكومتي سويسرا وهولندا ظلالاً من الشك، لا يمكن إزاحتها إلا بالعودة إلى تحمل مسؤولياتهما السياسية والقانونية والأخلاقية أمام ملايين اللاجئين الفلسطينيين، والالتزام بتمويل وكالة الغوث، عملاً بقرارات الأمم المتحدة، إلى أن تتوفر الظروف السياسية لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم عملاً بالقرار 194".
وشددت الجبهة على أن "الفساد، حيثما وجد له أساليب أخرى لمعالجته عبر آليات وإجراءات قانونية بإشراف الأمانة العامة للأمم المتحدة، دون اللجوء إلى معاقبة الشعب الفلسطيني بحرمانه من خدمات الوكالة بتوقف تمويلها".
يذكر أن تقريراً للأمم المتحدة، نشرته وكالة الصحافة الفرنسية منذ يومين، أشار إلى تورط مسؤولين كبار في "أونروا" في انتهاكات أخلاقية يندرج فيها "سلوك جنسي غير لائق ومحاباة وتمييز وغيرها من ممارسات استغلال السلطة".
وذكر التقرير أن محققي الأمم المتحدة ينظرون حالياً في الاتهامات الواردة في التقرير السري لمكتب الأخلاقيات، والتي يطال بعضها المدير العام للوكالة بيير كرينبول، إلى جانب عدد صغير من كبار المسؤولين معظمهم من الأجانب "تتمركز السلطة والنفوذ بأيديهم تمكنوا من الالتفاف على ضوابط الأمم المتحدة".
ووفق الوكالة، فإن مسؤولاً فيها، ورد اسمه في التقرير، استقال بسبب "سلوك غير لائق" على صلة بالتحقيق، كما استقالت مسؤولة أخرى لـ "أسباب شخصية".
وتقدم الوكالة خدماتها لأكثر من 5.4 مليون لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية بما في ذلك شرقي القدس، وغزة وسوريا والأردن ولبنان.
وفي عام 2018، أوقفت الولايات المتحدة دعمها المالي لـ "أونروا" والمقدر سنوياً بـ 360 مليون دولار، بعد تقديمها مبلغ 60 مليوناً مطلع العام ذاته.