دعاء عبد الحليم – مخيم برج البراجنة
 

 

لا يحيا اللاجئون الفلسطينينيون الذين يعيشون في مخيمات لبنان يوماً حياة لائقة يستحقها كل إنسان، فبالإضافة إلى حرمانهم من طرقات نظيفة وآمنة ونقص في خدمات الصحة والكهرباء والماء والفقر الشديد، تواجههم مشكلة قديمة جديدة تتمثل بالمقبرة، التي لم تعد تتسع للموتى.

يتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين في مخيم برج البراجنة 16ألفاً وفق آخر إحصاء لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ولا شك أن العدد ازداد في الأعوام الاخيرة، لكن جميع هؤلاء اللاجئين لا يمكنهم دفن موتاهم سوى في مساحة صغيرة لا تتعدى مائة متر مربع، كانت سابقاً عبارة عن ملعب لكرة القدم أسسته مؤسسة الأشبال الفتوة التابعة لحركة فتح عام 1981 قبل الاجتباح الإسرائيلي للبنان.

ولكن مع بدء الاجتياح عام 1982 ومن ثم حرب المخيمات بين عامي 1985 و1988، لم يكن باستطاعة أهالي المخيم دفن موتاهم في مقبرة الشهداء خارجه نظراً لصعوبة التحرك، فطلبوا من القيادة الفلسطينية آنذاك أن يتحول هذا الملعب إلى مقبرة.

ولكن منذ ذلك الوقت حتى اليوم، امتلأت هذه المساحة الصغيرة، ولم تعد قادرة على استيعاب مزيد من الموتى، ما يضطر الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في المخيم إلى دفن موتاهم فوق رفات أقاربهم، أو في الممرات الضيقة بين القبور، ويصعب على اللاجئين دفن موتاهم في مقابر خارج المخيم لسببين الأول يعود إلى الكلفة المالية العالية، والآخر عدم السماح لهم في الدفن بمعظم مقابر بيروت.

فريق بوابة اللاجئين الفلسطينيين الذي زار المقبرة الوحيدة في المخيم، لاحظ أن المساحة ضيقة نسبة لزيادة عدد السكان، وقال عدد من الأهالي الذين وجدوا هناك خلال جنازة: إنهم قلقون من هذه الأزمة، مؤكدين أن المقبرة ضاقت عليهم كما الحياة، وأوضح اللاجئ الفلسطيني محمد عبد المعطي أنه اضطر إلى دفن والدته فوق رفات أخيه الشهيد، بسبب ضيق المساحة، مشيرا إلى أن هذه الأزمة يعاني منها الجميع.

وتعليقاً على هذه المشكلة، أوضح عضو لجنة المقبرة في المخيم أبو أشرف أن المشكلة سببها عدم تنظيم القبور، لأنه كان سابقاً يتم دفن الموتى بشكل عشوائي، وهو ما جعل القبور تختلف من حيث الحجم والمساحة، مشيراً إلى أنهم في السنوات الأخيرة عملوا على تنظيم المقبرة قدر المستطاع لتوسعتها، وتم حفر قبور جديدة، لكن هذا الحل كان مؤقتاً وعادت الأزمة إلى الواجهة، وأوضح أن اللجنة الشعبية ليس لديها القدرة المادية لشراء قطعة أرض بمحيط المخيم، لإقامة مقبرة جديدة، مناشداً منظمة التحرير ووكالة " أونروا" بتحمّل مسؤولياتهما تجاه هذه الأزمة وحلّها بأسرع وقت ممكن بما يتناسب مع مطالب أهالي المخيم، كما طالب شباب المخيم بالمشاركة في تنظيم القبور لفسح المجال لبناء قبور جديدة.

وعن تكاليف الدفن التي يعتبرها أهالي المخيم باهظة نسبة لأوضاعهم الاجتماعية الصعبة، قال العامل في المقبرة وليد شريفة:  إنهم ياخذون أربعمئة ألف ليرة مقابل تكاليف الحفر والبناء وأجرة أتعابهم، لكنه أشار إلى أن اللجنة الشعبية تأخذ مئة ألف ليرة من أهل الميت، وهذا المبلغ لا يصل منه شيء للمقبرة.

 

من جهته، قال اللاجئ الفلسطيني ثائر الدبدوب إن الحياة ضاقت على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بسبب قوانين الدولة اللبنانية وفي مخيم برج البراجنة خصوصاً، والحيّ منهم يموت على أبواب المستشفيات ومحروم من أبسط حقوقه، والآن أصبح محروم من مترين تحت الأرض لستره بعد مماته، مناشداً المسؤولين عن المخيمات بالتحرك العاجل لحل هذه
المشكلة.

شاهد التقرير

 

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد