وقعّت مساء اليوم الثلاثاء 15 سبتمبر/ أيلول، كلّ من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، اتفاق ما وصفوه بـ"السلام" مع الكيان الصهيوني في حديقة البيت الأبيض برعاية من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وجرت مراسم توقيع اتفاقيات التطبيع بحضور رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مراسم التوقيع، إنّه أجرى "مباحثات مع العاهل السعودي ومع ولي العهد، مضيفا أن لديهما عقل منفتح وسينضمان إلى السلام"، كاشفاً أنّ "5 أو 6 دول أخرى قد تنضم إلى صفقات مماثلة مع إسرائيل".
ولفت ترامب: "نرى كثيراً من الدول المهمة تلتحق وسنرى السلام الحقيقي.. هذه الرؤية راودتني منذ فترة طويلة وقد انتقدونا منذ سنوات لاختيارنا هذا المسار للسلام، وهذا هو السلام في الشرق الأوسط دون أن تكون هناك معارك دموية، ولقد قطعت التمويل عن الفلسطينيين، وهم سوف يكونون أعضاء في مسار السلام ونحن نتحدث إليهم".
وأكمل ترامب: "الفلسطينيون كانوا يتعاملون مع دول ثرية تمولهم ولكني قلت لماذا تدفعون لهم إذا كانوا يسيؤون لأميركا؟"، مُضيفاً "أرحب بالقادة من إسرائيل والإمارات والبحرين لتوقيع اتفاقات مهمة لم يظن أحد أنها ممكنة ودول أخرى ستنضم، إنه يوم تاريخي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط".
من جهته، قال نتنياهو إنّ "ترامب توسط بنجاح للتوصل إلى هذا السلام التاريخي، ونحن مفعمون بامتنان عميق للرئيس ترامب لقيادته الحاسمة وقد اصطف إلى جانب إسرائيل بشجاعة ضد إيران".
وتابع نتنياهو: "أشكر الرئيس ترامب لأنه واجه طهران ولجهوده في أمريكا والشرق الأوسط والعالم، وهناك دول أخرى سوف تلحق بالركب وتوقع اتفاقات سلام معنا، وأشكر كل أصدقاء إسرائيل في الشرق الأوسط الذين انضموا إلينا اليوم والذين سينضمون لاحقاً".
وأكَّد على أنّ "ما يحدث اليوم يمكن أن يضع حدا للنزاع العربي الإسرائيلي إلى الأبد، و️سوف نلمس المزايا الاقتصادية من اتفاقات السلام، وسوف نضع حلولاً معاً لكثير من المشكلات التي تضررت بسببها منطقتنا، والسلام الذي نؤسس له اليوم سوف يستمر".
وأشار نتنياهو: "لقد عملت على تعزيز ركائز إسرائيل لكي تصبح قوية جدا لأن القوة تفضي إلى السلام، والسلام الذي نشهده اليوم ليس فقط بين القادة بل بين شعوب إسرائيل والإمارات والبحرين".
وفي السياق، قال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد: "أمد اليوم يد سلام وأستقبل يد سلام ونحن اليوم نشهد حدثا سيغير الشرق الأوسط، ولم تكن هذه المبادرة ممكنة لولا جهود الرئيس الأمريكي.. وأشكر رئيس الوزراء الإسرائيلي لاختياره السلام".
وتابع بن زايد: "كل خيار غير السلام سيعني الدمار والفقر والمعاناة الإنسانية، ومعاهدة السلام سوف تمكننا من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني، والهدف من معاهدات السلام هو العمل من أجل استقرار المنطقة، وهذه الاتفاقية تأتي لتفتح آفاقاً أوسع لسلام شامل في المنطقة".
أمَّا وزير الخارجية البحريني فقال إنّ "اليوم يمثل لحظة تاريخية لكافة شعوب الشرق الأوسط، والإعلان الذي يدعم السلام بين البحرين وإسرائيل خطوة تاريخية في الطريق إلى سلام دائم".
وتابع: "لفترة طويلة جداً تأخر الشرق الأوسط بسبب انعدام الثقة، والتعاون الفعلي هو أفضل طريق لتحقيق السلام وللحفاظ على الحقوق، كما نرحب ونثمن الخطوات من قبل إسرائيل لتحقيق السلام".
وأشار إلى أنّ "جهود الرئيس ترامب الحثيثة هي التي جعلت من السلام واقعاً، واتفاق اليوم يعتبر خطوة مهمة أولى والآن يقع على عاتقنا العمل بنشاط لإنجاز السلام"، لافتاً إلى أنّ "حل الدولتين هو الحل العادل والمستدام للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وهو أساس للسلام، ويجب ألّا نضيع الوقت وعلينا أن نستفيد من هذه الفرصة".
السلطة :الاتفاق لن يحقق السلام في المنطقة
وتعقيباً على ذلك، قالت رئاسة السلطة الفلسطينية، إنّ "كل ما جرى في البيت الأبيض اليوم الثلاثاء، من توقيع اتفاقيات بين دولة الإمارات ومملكة البحرين وسلطة الاحتلال الإسرائيلي لن يحقق السلام في المنطقة، طالما لم تقر الولايات المتحدة الأمريكية وسلطة الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة والمتواصلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين طبقا للقرار 194".
وأكَّدت الرئاسة في بيانٍ لها، على أنّها "لم ولن تفوض أحداً بالحديث باسم الشعب الفلسطيني ونيابة عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، لافتةً إلى أنّ "المشكلة الأساس هي ليست بين الدول التي وقعت الاتفاقيات وسلطة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن مع الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال".
كما حذَّرت الرئاسة "بأنه لن يتحقق سلام أو أمن أو استقرار لأحد في المنطقة، دون إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة كما تنص عليها قرارات الشرعية الدولية، ومن أن محاولات تجاوز الشعب الفلسطيني وقيادته المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية سيكون له تداعيات خطيرة تتحمل الإدارة الأميركية وسلطة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عنها".
المجلس الوطني الفلسطيني : اتفاقات التطبيع لا تمثل الموقف الشعبي العربي
أمَّا المجلس الوطني الفلسطيني، فأكَّد على أنّ "اتفاقات التطبيع الإماراتية والبحرينية مع الاحتلال الإسرائيلي التي تم توقيعها اليوم، لا تمثل الموقف الشعبي العربي، خاصة في البحرين والإمارات، ولن تحقق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، وأن مفتاح الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط هو حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه".
ولفت المجلس في بيانٍ له، إلى أنّ "الدول العربية التي وقعت تلك الاتفاقات شرّعت بأن القدس عاصمة لإسرائيل بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، وصادقت على "صفقة القرن" الأميركية"، مُشدداً على أنّ "الخطر الحقيقي الذي يهدد الأمن القومي العربي والقضية الفلسطينية هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاول تصفية حقوقنا الوطنية في العودة والدولة وعاصمتها القدس".
كما أشار إلى أنّ "الأوهام والتبريرات التي يتم تسويقها للإقدام على هذه الخطوة المرفوضة من قبل كل أحرار العرب، لن تُبرئ أصحابها من النتائج الكارثية على مستقبل الأمة العربية وأجيالها القادمة"، مُضيفاً إنّ "إسرائيل لم تخف أطماعها في تنفيذ مخططاتها وتكريس نفوذها الاستعماري التوسعي ليس في فلسطين فحسب بل في المنطقة العربية وإدامة الصراع البيني العربي، والسيطرة على ثرواتها ومصادرها الطبيعية التي يجب أن ينعم بها أبناء أمتنا العربية".
الشعبية : إنّه يوم أسود ويوم السقوط للنظامن البحريني والإماراتي
وفي السياق، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إنّ "الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات الإماراتية والبحرينية مع الكيان الصهيوني مساء اليوم في البيت الأبيض هو يوم أسود في تاريخ شعبنا وأمتنا العربية، ويوم سقوط لنظامي الإمارات والبحرين في وحل الخيانة، وسقوط الكثير من المفاهيم والمصطلحات سيكون لها نتائجها الخطيرة على الوضع العربي والقضية الفلسطينية".
وأضافت الجبهة في بيانٍ لها، إنّ "الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات بين كلٍ من نظامي الإمارات والبحرين لم يجر تنفيذه بين ليلةٍ وضحاها بل تم الإعداد والتهيئة والتخطيط له عبر سنوات لتحقيق أهداف استراتيجية كبرى تسعى الإدارة الامريكية ولا زالت لتحقيقها منها محاولة اسقاط كل أسس ومفاهيم القومية والقضية الفلسطينية من الذاكرة والعقل العربي لخلق واقعٍ عربي جديد يتيح للإدارة الأمريكية السيطرة المباشرة على منابع النفط والاحتياطي، ولتقوية موقع الكيان الصهيوني اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا وأمنيًا، وتهديد البلدان والقوى المناهضة للمخططات الأمريكية ما يضع أمتنا العربية أمام اختبارٍ حقيقي لوقف حالة الانحدار وأيّة محاولات جديدة لتقطيع أوصالها".
وأكَّدت على أنّ "التوقيع الرسمي على اتفاقيات سلام بين نظامي الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني محاولة من الإدارة الأمريكية لتعبيد الطريق أمام عملية تطبيع عربية رسمية وشاملة مع "إسرائيل" وإزالة كل العوائق التي تقف في وجه هذا المخطط، وإزاحة أهم العقبات الأساسية في وجه التطبيع والتعايش مع "إسرائيل" على طريق تصفية القضية الفلسطينية، وإسقاط أي فكرٍ مقاوم، لتكريس الهيمنة الأمريكية وتقوية النفوذ والتواجد الصهيوني في المنطقة"، مُؤكدةً "إنّنا اليوم أمام لحظات فاصلة ومنعطف خطير اختارت فيه بعض الأنظمة العربية أن تصبح عرابًا لتكريس المصالح الأمريكية والصهيونية بالمنطقة، متوهمةً أنّ الولايات المتحدة من خلال هذه الاتفاقيات ستكون حليفة لها إذا ما تم توثيق العلاقة معها، فهذه الأوهام يدحضها الواقع المشخّص كل يوم وما أدت به اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة من تداعياتٍ كارثية، فهي لا تنظر لهذه الأنظمة كحلفاء بل مجرد قوى تابعة وعميلة مطلوب منها تنفيذ الاستراتيجية الامريكية بشكلٍ كاملٍ".
وشدّدت على أنّه "ورغم ذلك وإن نجحت اليوم الإدارة الأمريكية في تركيع وإسقاط بعض الأنظمة العربية الرسمية في وحل العمالة والخيانة والتطبيع، فالشعوب العربية لا زالت ترفض التطبيع وتلفظ الكيان الصهيوني ومستمرة في مقاومته وتحمل في طيات رفضها عوامل نهوض وانفجار، يمكن استثمارها وتحويلها إلى فرص تعمل على تعزيز الرفض الشعبي وتوسيع رقعة مقاومة التواجد الأمريكي الصهيوني في المنطقة".
كما أكَّدت الشعبية على "ضرورة تشديد الهجوم وامتلاك زمام المبادرة والنضال الدؤوب من أجل اسقاط هذه الاتفاقيات عبر استنهاض جميع القوى العربية من كافة المستويات، والسعي للارتقاء بأدوات النضال القومي المعادي للاستعمار الأمريكي والتواجد الصهيوني في المنطقة من خلال تشكيل جبهة المقاومة العربية القومية الواسعة التي تضم تحت لوائها كافة الأطياف السياسية القومية والمجتمعية والشعبية كتوجهٍ استراتيجي يُعبّر عن ولادة حالة نضالية قومية شاملة ودائمة غير موسمية قادرة على الارتقاء بالفعل الشعبي القومي من أجل إسقاط هذه الاتفاقات الخيانية، وتشديد الهجوم على الأنظمة الرجعية العربية".
حماس: الاتفاقات لا تساوي الحبر الذي كُتبت فيه
من جانبه، علّق الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، مساء اليوم الثلاثاء، على مراسم توقيع اتفاق الإمارات والبحرين مع الكيان في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال قاسم في تصريحٍ مقتضب: إنّ "هذه الاتفاقات التطبيعية بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل لا تساوي الحبر الذي كُتبت فيه".
وأضاف قاسم إنّ "شعبنا بإصراره على النضال حتى استرداد كامل حقوقه سيتعامل مع هذه الاتفاقات وكأنها لم تكن".
وشهدت الأرض الفلسطينية المحتلة، اليوم الثلاثاء، وقفات ومسيرات حاشدة منددة بصفقة القرن وباتفاقيتي التطبيع الإماراتي والبحريني مع الكيان الصهيوني.
وأعلنت الإمارات عن تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني في الثالث عشر من شهر آب، فيما أعلنت البحرين التطبيع مع الاحتلال في الحادي عشر من شهر سبتمبر الجاري.، ما قوبل برفضٍ واستنكار رسمي وشعبي فلسطيني واسع.