على الرغم من التحذيرات المتكررة من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" واللجان الأهلية والشعبية الموجّهة للاجئين الفلسطينيين لاتخاذ الإجراءات الوقائية، وما تقوله كل هذه الجهات حول اتخاذها إجراءات للحد من تفشي مرض كورونا (كوفيد -19) في المخيمات الفلسطينية بلبنان، إلّا أنّ مئات الإصابات سجلت في صفوف اللاجئين الفلسطينيين.
إصابات متصاعدة في مخيمات بيروت
ففي مخيم برج البراجنة جنوب بيروتـ، تجاوز عدد الإصابات 300 إلى جنب تسجيل 6 وفيات بسبب كورونا، ووجود عدد من الحالات الحرجة داخل المستشفيات، بحسب مسؤول لجان العمل في المخيمات في بيروت ومنسق مع اتحاد بلديات الضاحية سامر الأشقر.
ويضيف الأشقر لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أن الإحصاءات غير دقيقة، في مخيم شاتيلا جنوب العاصمة أيضاً، لكن توجد 24 عائلة مصابة بالفايروس، وفي كل عائلة ما يقارب 6 أشخاص مصابين، بينما عدد الإصابات ضيئل نسبياً في مخيم مار الياس وسط بيروت، حيث سجلت حتى لحظ إعداد التقرير 20 إصابة تعافى منهم العدد الأكبر، وبقي 6 لاجئين فلسطينيين مصابين يخضعون للعلاج والمتابعة.
"أونروا" والهلال الأحمر الفلسطيني
وعلى ما يبدو فإن استياء عاماً منتشراً في أوساط اللاجئين الفلسطينيين من آلية تعامل وكالة "أونروا" مع تفشي المرض، حيث يشير الأشقر إلى أن دورها يقتصر على إحصاء عدد الإصابات، وتأمين أسرّة للحالات الخطرة في المستشفيات اللبنانية المتعاقدة مع الوكالة.
ويشير إلى أن "أونروا" لا تقدم للمحجورين أو المصابين أيّ مساعدات عينية أو مالية أو غذائية، فقط تنسق مع بعض الجمعيات وتقدم أسماء المصابين ليتم مساعدتهم من تلك الجمعيات كاليونيسف وجمعيات خيرية أخرى.
لكن إذا ما نظر بشكل شامل إلى الأوضاع في لبنان، فإن هذا الدور قد يعتبر جيداً نوعاً ما، نظراً لضعف يعتري المستشفيات اللبنانية في الأصل، فهي تعاني من ضغط شديد ولا تسطتيع تلبية المواطن اللبناني، فبالتالي على اللاجئ الفلسطيني ينتظر كثيرا حتى يتم إدخاله إلى المستشفى.
وهنا يبرز خلل واضح في عدم وجود مستشفيات خاصة بالفلسطينيين في بلد غارق بالأزمات السياسية والاقتصادية، ويعاني مواطنوه تقصيراً حكومياً جلياً في الشأن الصحي.
فداخل الأراضي اللبنانية يوجد عدد من المستشفيات التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، لكنها غير مجهزة بالوسائل اللازمة لاحتواء مرضى "كورونا".
وفي هذا السياق، يقول الأسقر إن دور مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني يقتصر على نقل المصابين إلى المشافي اللبنانية، مضيفاً أنها لا تقوم بهذا الدور بالشكل السريع المطلوب.
فيما يؤكد مدير مستشفى الهمشري التابع للهلال الأحمر الفلسطيني الدكتور رياض أبو العينين أن الهلال الأحمر الفلسطيني يجري الفحوصات بالتواصل مع وكالة "أونروا" وبالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية ، مضيفاً لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن هناك بعض الفحوصات التي تجريها الوزارة لبعض المخالطين ولكنها ليست كافية، كما أن "أونروا" تحوّل المخالطين من الدرجة الأولى فقط الى المختبرات المتعاقدة معها ولكن أيضاً ليس بشكل كافٍ.
لا فحوصات لكل المخالطين في عين الحلوة
ويشير أبو العينين إلى أنّه منذ بداية الأزمة سجل مخيم عين الحلوة بصيدا، 352 إصابة بفيروس "كورونا"، ما يزال منها نشطاً حتى اليوم 67 حالة داخل المخيم، ويعد هذا الارتفاع في الفترة الأخيرة انعكاساً طبيعياً لارتفاع عدد الحالات في لبنان بشكل عام.
من جهته، قال نائب أمين سر اللجان الشعبية لتحالف القوى الفلسطينية في منطقة صيدا خالد زعيتر لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أنّ هناك ازدياداً مستمراً في عدد الحالات، حسب التحديثات التي تصلهم من قبل "أونروا"، ولكن هذه الأعداد لا تشمل المخالطين للمصاين الذين لم يستطيعوا أن يجروا فحوصات PCR ،مشيراً إلى أنّ هناك أزمة في إجراء الفحوصات، حيث أن القليل من المخالطين يجرون هذا الفحص على نفقتهم الخاصة، لأنّ "أونروا" لا تؤمّن فحوصات لكل المخالطين.
وعليه دعا زعيتر الوكالة، للوقوف عند دورها الصحي والإغاثي أيضاً، وخاصة بالنسبة للعائلات المصابة والمحجورة، "التي هي بأمس الحاجة لمساعدة وخاصة في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المخيمات، والتي فقدت خلالها الكثير من العائلات أعمالها"، كما طالب الوكالة بضرورة التعاقد مع مستشفيات أخرى غير الحكومية توافق على التعامل مع مرضى "كورونا"، وزيادة الطاقم الطبي الذي يعمل داخل عيادات المخيمات، وتأمين الأدوية اللازمة.
وفيما يتعلّق بالاجراءات الوقائية، يؤكد زعيتر أنّه رغم كل المناشدات التي تطلقها اللجان الشعبية واللجان الأهلية والقيادة السياسية، إلّا أنّ هناك صعوبة في ضبط المحلات التجارية والأسواق وكذلك أماكن اللهو والمقاهي، وأن هناك عدم التزام في مسألة التباعد والتزام اللاجئين الفلسطينيين بعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.
انتشار متسارع في مخيمات صور
لا يبدو الحال مختلفاً في مخيمات اللائين الفلسطيين بمدينة صور جنوبي لبنان، فمع دخول فصل الشتاء زادت عدد حالات الإصابة بفيروس "كورونا" بحسب مسؤول اللجان الأهلية في منطقة صور أبو هشام الشولي.
وعزا الشولي الأمر في حديث مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى الكثافة السكانية، وعدم التزام أهالي المخيمات بالإجراءات الوقائية من تباعد اجتماعي وارتداء للكمامات واستخدام المعقمات وغيرها، فضلا عن التساهل في حجر المصابين لأنفسهم"، مشيراً إلى عدد الإصابت تجاوز 85 منها فقط 12 حالة سجلت يوم الأربعاء الماضي.
وأضاف الشولي أنّ مشكلة بارزة يواجهها اللاجئون الفلسطينييون في شتى المخيمات وهي تعقيدات وصعوبة نقل مصابين إلى المستشفيات الحكومية والخاصة بسبب عدم توافر الأماكن والأسرّة لهم فيضطر قسم الصحة في "أونروا" للبحث عن أماكن في مستشفيات بعيدة جدًا كالبقاع وعكار وبينت جبيل وغيرها.
وأمام هذا الواقع المتردي، يطالب الشولي القوى ألأمنية داخل المخيمات الفلسطينية باتخاذ وتطبيق اجراءات صارمة منها، منع إقامة حفلات الزفاف، واختصار المشاركة في الجنازات على أقل عدد ممكن من الأشخاص واستكمال التعزية من خلال الهاتف، ومحاولة اغلاق المقاهي والمطاعم واقتصار الخدمات فيها على التوصيلات، تجنباً لانتشار الوباء بشكل أوسع من ذلك، بحسب رأيه.
ولكن تظهر خريطة انتشار المرض في مخيمات الفلسطينيين بلبنان، أن الواقع أفضل في مخيم الجليل بالبقاع، حيث قال أمين سر اللجنة الشعبية في المخيم أحمد شاهين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّه لم تسجل أي إصابة جديدة خلال الأيام الأخيرة في مخيم الجليل، مشيراً إلى أنّه تم إجراء فحوصات من قبل الهلال الاحمر الفلسطيني، وفحوصات أخرى من قبل الهيئة الصحية الإسلامية بعد حالتي الوفاة اللتين شهدهما المخيم.