تواصل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" عدوانها الواسع على مدينة جنين ومخيمها لليوم الـ149 على التوالي، في إطار حملتها لاقتلاع مخيمات الضفة الغربية وتغيير واقعها الديمغرافي والجغرافي، وسط تصعيد غير مسبوق في عمليات الهدم والاقتحامات والاعتقالات، ضمن مخطط لإعادة هندسة المخيم وتحويله إلى حيّ ملحق بمدينة جنين، في محاولة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتوسيع السيطرة العسكرية على المناطق المحيطة به.
وأفادت اللجنة الإعلامية في مخيم جنين أن جرافات الاحتلال تواصل تدمير منازل اللاجئين الفلسطينيين في أجزاء متفرقة من المخيم، ضمن سياسة ممنهجة تهدف لفتح شوارع واسعة وتحويله إلى منطقة مدنية خاضعة لسيطرة الاحتلال، في سياق خطة أوسع لإعادة هندسة مخيمات الضفة الغربية المحتلة كافة.
وفي تطور خطير، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال موقع مستوطنة "ترسلة" المخلاة منذ عام 2005، والمقامة على أراضي قرية الفندقومية قرب بلدة جبع جنوب جنين، حيث أعادت احتلالها، ونشرت فيها دبابات جنزير مدرعة صغيرة، ومدرعات "آيتان"، وآليات "همر"، وشاحنات عسكرية، إلى جانب منظومة "القبة الحديدية".
كما سيّرت قوات الاحتلال دوريات راجلة ومشاة بين الفندقومية وبلدة جبع، التي تشهد منذ فجر أمس اقتحاماً واسعاً لا يزال مستمراً حتى اللحظة.
وفي بلدة جبع، اقتحم جنود الاحتلال عشرات المنازل، وفتشوها واعتدوا على سكانها، وحققوا ميدانياً مع عدد من الفلسطينيين، وصادروا هواتفهم، كما طردوا الطواقم الصحفية، وعرقلوا عمل فرق الإسعاف.
ووفقاً للمصادر الميدانية، فإن قوات الاحتلال أجبرت 35 عائلة على النزوح قسراً، وحوّلت منازلهم إلى ثكنات عسكرية، بينما داهم الجنود المنازل في الحارة الغربية من البلدة، وعبثوا بمحتوياتها.
وأشارت اللجنة الإعلامية إلى أن عدد المعتقلين في البلدة كبير، لكن من الصعب حصره بسبب استمرار العدوان، وقيام الاحتلال باعتقال بعض الفلسطينيين لساعات ثم الإفراج عنهم.
وفي المقابل، تواصل قوات الاحتلال الدفع بتعزيزات عسكرية إلى منطقة "ترسلة"، التي تشهد انتشاراً مكثفاً للجنود والآليات العسكرية. كما أقام الاحتلال سواتر ترابية على طريق جنين–نابلس من جهة بلدة جبع، ما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة المركبات وتنقل الفلسطينيين.
وامتدت الاعتداءات إلى بلدات وقرى أخرى في محافظة جنين، حيث اقتحمت قوات الاحتلال بلدة برقين غرب المدينة، ونشرت فرق مشاة في شوارعها، وأطلقت الرصاص الحي، وداهمت منزل الفلسطيني أشرف الجدع واحتجزته، كما أجرت تحقيقاً ميدانياً مع عدد من الشبان.
وفي بلدة يعبد جنوب غرب جنين، نفذت قوات الاحتلال حملة اقتحام واسعة، تخللها انتشار عسكري في الشوارع، ومداهمة منازل ومحال تجارية وتفتيشها. أما في بلدة عنزة جنوب جنين، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الشاب برهان عمور، بعد اقتحام منزله وتفتيشه.
وفي سياق موازٍ، شرعت قوات الاحتلال بشق شارع استيطاني جديد في أراضي قرية زبوبا غرب جنين، عبر تجريف مساحات زراعية واقتلاع أشجار زيتون، في المنطقة المحاذية لجدار الفصل العنصري، الذي أقيم عام 2003 على أراضي القرية.
ومنذ بدء العدوان في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي، تشن قوات الاحتلال حملات اقتحام واعتقال يومية، وتدفع بتعزيزات متواصلة تتضمن جرافات عسكرية، استُخدمت لهدم 600 منزل بشكل كامل في مخيم جنين، فيما تضررت باقي المنازل بشكل جزئي وأصبحت غير صالحة للسكن، فضلاً عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق العامة في المدينة والمخيم.
وتسبب العدوان الهمجي في نزوح قسري لنحو 22 ألف فلسطيني، ما زال الاحتلال يمنع عودتهم إلى منازلهم حتى اليوم، فيما ارتقى 42 شهيداً منذ بدء العدوان، بينهم اثنان سقطا برصاص أجهزة السلطة الفلسطينية.