فلسطين المحتلة
تقرير: إيمان العبد
مُخيّم شعفاط للاجئين الفلسطينيين الواقع على أرضٍ بين قريتي شعفاط وعناتا شمالي القدس المُحتلّة، والذي يُعتبر التجمّع الأكبر للاجئين في المدينة، شهد صبيحة الأربعاء 21 تشرين الثاني/نوفمبر أكبر عمليّة هدم نفّذها الاحتلال منذ عام 1967 داخل المُخيّم، طالت نحو (20) محلاً تجارياً تقع على شارع عناتا، بعد ليلة من مُواجهات عنيفة مع سكّان المنطقة حين قامت طواقم بلديّة الاحتلال برفقة عناصر من شرطة الاحتلال بتسليم إخطارات بأوامر هدم خلال (12) ساعة لأصحاب هذه المحال، والذين بدأوا في حينها بإخراج بضائعهم من المحال في مُحاولة لتقليل الخسائر قدر المُستطاع.
ولم يقتصر الأمر على هدم المحال التي اعتبرها الاحتلال "تعدّياً على الطريق"، حيث تخلّل العمليّة اعتقالات واحتجاز فتية وشُبّان من المُخيّم وإطلاق نار وقنابل في الشوارع، وهذا المشهد بات مُكرّراً في المُخيّم مع كل مُحاولة اقتحام يشنّها الاحتلال إن كان في ساعات الليل أو في وضح النهار.
لأغراض أمنيّة
في حديثه مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول زياد بحيص المُختص في شؤون القدس، إنّ مجموعة المحال التجاريّة التي استهدفها الاحتلال، بمُعظمها بُنيت عام 2004 خلال فترة الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، أي في مرحلة لم تكن قوات الاحتلال تتمكّن فيها من دخول المُخيّم بشكلٍ حُر.
وحسب الباحث بحيص، فإنّ شارع عناتا الذي يضم هذه المحال، هو الممر الوحيد لأي قوّة تابعة للاحتلال قادمة من الغرب أي من جهة حاجز شعفاط لاقتحام المُخيّم، فمن الواضح هنا أنّ الهدم اليوم يأتي من نظرة للزاوية الأمنيّة وتهيئة البُنية التحتيّة في المُخيّم لاقتحامات واسعة النطاق، ولذلك كان لا بد من توسيع الشارع وإزالة الأبنية، فالأمر هنا بغرض تسهيل عمليّة دخول وخروج قوّات الاحتلال واقتحامها المُتكرر للمُخيّم.
الهاجس الأمني لم يكن يوماً خارج حسابات الاحتلال وسياساته التي يفرضها على كافّة المناطق داخل فلسطين المُحتلّة، لكنّه يقوم بطرح مُخططات ومشاريع في كل مرّة تحت مُسمّيات مُختلفة تتعلّق بإيهام "الجمهور الآخر" أي الفلسطيني أو حتى المُشاهِد من الخارج، أنها ضمن "شؤون الدولة"، فيتم استخدام الغطاء الخدماتي وتحسين المعيشة و"المُواطنة" وما إلى ذلك من مُصطلحات فضفاضة لفصل الصورة تماماً عن وجود الاحتلال والقضيّة الأساسيّة لأهل المنطقة.
خطوات تتساوق مع مخطط بلدية الاحتلال لإخضاع المخيم وتصفية دور الأونروا فيه
لم ينفِ الباحث الفلسطيني بحيص الرابط بين ما يحدث اليوم من عمليّات هدم واسعة في المُخيّم، ومُخطّط رئيس بلديّة الاحتلال نير بركات المطروح مؤخراً، والذي يقضي بإخضاع المُخيّم للسلطة المُطلقة لبلديّة الاحتلال وإزالة "الأونروا"، وهنا الجزء الأساسي من القضيّة ليس اهتمام الاحتلال بتقديم خدمات للفلسطيني في منطقة كمُخيّم شعفاط، إنّما التركيز الأساسي على "كيف يتم إخضاع المُخيّم والتأكّد من أنه بكُتلته البشريّة التي تُقارب نحو عشرين ألف لاجئ فلسطيني، لن يكون مصدر أفعال مُقاومة أو اعتراض جماهيري، والغرض الأساسي هنا هو تحسين قُدرة الجيش الإسرائيلي على دخول المُخيّم والتدخّل فيه وتنفيذ عمليّات بداخله، من زاوية البُنى التحتيّة"، يقول بحيص.
وما يجري اليوم، يأتي في سياق رغبة الاحتلال بالتخلّص من وجود "الأونروا" مُستغلّاً سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء هذه الوكالة الأمميّة المُخصّصة للاجئين الفلسطينيين، وذلك تحت غطاء تقديم الخدمات، إلّا أنّ الهدف من هذه العمليّة هو تحسين القُدرة الأمنيّة للاحتلال داخل مُخيّم شعفاط، وتُقرأ عمليّات الهدم اليوم من هذه الزاوية.
تخدير الوعي وإعادة "روابط القُرى"
يُشير الباحث بحيص أيضاً إلى مُحاولات الاحتلال في تخدير الوعي المقدسي، فقبل أسابيع من عمليّة الهدم في مُخيّم شعفاط، جرى لقاء يوم السادس من تشرين الثاني/نوفمبر في حاجز شعفاط، حضره مجموعة من وُجهاء ونُشطاء المُخيّم مع الاحتلال على أساس التفاهم على قضيّة قتل حدثت داخل المُخيّم، لكن الواضح أنّ ذلك كان بمثابة مُحاولة لإنشاء قيادة محليّة أشبه بروابط القُرى التي أنشأها الاحتلال عام 1978 بعد توقيع اتفاق "كامب ديفيد"، وكانت القيادة الصهيونيّة تُحاول من خلالها التعامل مع الفلسطيني دون وجود تمثيل سياسي، بحيث يتم التفاهم مع المُخيّم من الزاوية الخدماتيّة وحجم الشارع والمياه والكهرباء، وإلغاء التفكير بالجوانب الحقوقيّة والوطنيّة والعودة والتحرّر.
حُجّة الترخيص، البديل، شُركاء الأزمة
ليست خطوة الاحتلال وحدها ما تُشكّل أزمة للاجئين الفلسطينيين في مُخيّم شعفاط، فاليوم يتذرّع الاحتلال في عمليّات الهدم بأنه بناء غير مُرخّص، وفي هذا السياق تقول النائب في المجلس التشريعي عن القدس ورئيس المركز النسوي في مُخيّم شعفاط، جهاد أبو زنيد إنّ المسؤول عن تقديم تراخيص البناء للاجئين في المُخيّم هي "الأونروا"، كونها استأجرت أرض المُخيّم قبل نحو سبعين عاماً لإسكان اللاجئين، ووفقاً لقوانينها لا تسمح ببناء أكثر من طابقين، مع طرح مثال على ذلك أنّها استصدرت تصريحاً بصعوبة من "الأونروا" لبناء طابق ثاني للمركز النسوي، فوكالة الغوث هُنا تضع قوانين للاجئ للعيش وليس لبناء عمارات.
ولفتت أبو زنيد في حديثها لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إلى أزمة الاكتظاظ السكّاني التي يُعاني منها المُخيّم، ما يدفع الأهالي للبناء في أي مكان والارتفاع لأكثر من طابقين، فاليوم مع وجود هذه الأزمة ورفض "الأونروا" إعطاء تصاريح بناء لهذه الإضافات والارتفاعات، بات المُخيّم بأكمله مُهدّداً بالهدم والإزالة.
كما تطرّقت النائب في المجلس التشريعي إلى الهجمة غير المسبوقة على مُخيّم شعفاط وقضيّة اللاجئين بشكلٍ أساسي، وهذا ما تشير إليه تصريحات نير بركات رئيس بلديّة الاحتلال في زيارته للمُخيّم قبل نحو شهر، قال فيها أنه ليس هنالك ما يُسمّى مُخيّم شعفاط ولا لاجئين ولا وكالة غوث.
وتُشير أبو زنيد هُنا إلى استغلال الاحتلال لأوضاع المُخيّم، حيث يشهد تقصيراً واضحاً من وكالة الأونروا من ناحية، وعدم تشكيل أي جهة فلسطينيّة إن كانت السلطة أو منظمة التحرير، بديلاً داخل المُخيّم، فبدأت بلديّة الاحتلال بجمع القمامة تارة والعمل على البُنية التحتيّة وتقديم خدمات تارةً أخرى، متسائلة: "لماذا اليوم بدأت بتنفيذ هذه السياسة داخل المُخيّم؟، ومُشيرةً إلى أنّ الاحتلال اليوم يُوهم الفلسطيني بتقديم خدمة، وفي ذات الوقت إن قام هذا الفلسطيني ببناء سور ستقوم طواقم بلديّة الاحتلال بهدمه، وهذا المُحتل أيضاً هو من قام ببناء جدار لفصلهم وإبعادهم عن القدس.
وتمتد أزمة أهالي المُخيّم مع عدم إمكانيّة حصولهم على تعويض مادّي جراء هذه الأضرار، علماً بأنّ مُنظّمة التحرير الفلسطينيّة تقوم بدفع تعويض عن طريق اللجان الشعبيّة، بشرط تقديم صاحب الضرر أوراق ملكيّة الأرض، وهنا نعود للأزمة سابقة الذكر بأنّ الوكالة هي من استأجرت هذه الأرض.
ما يُراكمه الاحتلال على مدار سنوات، منذ قدومه إلى هذه الأرض، لم يقتصر على مُمارسات هدم واقتلاع وتهجير وقتل يومي، بل امتدّ إلى مُحاولة إعادة هندسة جغرافيا الأرض المُحتلّة وفقاً لعقليّته الأمنيّة بغرض خلق مساحة خالية من أي مُقاومة لوجود هذا الاحتلال، فعمل على ابتكار أدوات واستغلال ثغرات ومُحاولات تأثير.
ووصلت مُحاولات الاحتلال اليوم لاختراق وعي الفلسطينيين بغرض تقسيمهم وتصنيفهم وخلق مجموعة داخل هذا الشعب تُبرّر أفعال الاحتلال من منظور مُختلق غير واقعي، وتُصوّر الاحتلال بأنّه اليد الإلهيّة في هذه المنطقة، فحين نفّذ الاحتلال عمليّات الهدم في مُخيّم شعفاط اليوم، خرجت هذه الأصوات الفلسطينيّة عن غير وعي من داخل المُجتمع المُتضرّر، اعتبرت أصحاب المحال المُستهدفة "مُتعدّين على الشارع" واليوم يدفعون ثمن هذا التعدّي.
لكنّها لم تُدرك ما يدور في المشهد من الناحيةِ الأخرى التي يسعى الاحتلال لتذويبها، والمُتمثّلة بمُحاولاته المُستمرّة في فرض السيطرة الأمنيّة، وتضييق العيش على أصحاب الأرض في باقي المناطق المُحتلّة من ناحية، واليوم على لاجئين هجّرهم الاحتلال من أراضيهم قبل نحو سبعين عاماً وتُعاد الكرّة مُجدداً في مُخيّماتٍ لجؤوا إليها حتى موعد عودتهم.
تقرير: إيمان العبد
مُخيّم شعفاط للاجئين الفلسطينيين الواقع على أرضٍ بين قريتي شعفاط وعناتا شمالي القدس المُحتلّة، والذي يُعتبر التجمّع الأكبر للاجئين في المدينة، شهد صبيحة الأربعاء 21 تشرين الثاني/نوفمبر أكبر عمليّة هدم نفّذها الاحتلال منذ عام 1967 داخل المُخيّم، طالت نحو (20) محلاً تجارياً تقع على شارع عناتا، بعد ليلة من مُواجهات عنيفة مع سكّان المنطقة حين قامت طواقم بلديّة الاحتلال برفقة عناصر من شرطة الاحتلال بتسليم إخطارات بأوامر هدم خلال (12) ساعة لأصحاب هذه المحال، والذين بدأوا في حينها بإخراج بضائعهم من المحال في مُحاولة لتقليل الخسائر قدر المُستطاع.
ولم يقتصر الأمر على هدم المحال التي اعتبرها الاحتلال "تعدّياً على الطريق"، حيث تخلّل العمليّة اعتقالات واحتجاز فتية وشُبّان من المُخيّم وإطلاق نار وقنابل في الشوارع، وهذا المشهد بات مُكرّراً في المُخيّم مع كل مُحاولة اقتحام يشنّها الاحتلال إن كان في ساعات الليل أو في وضح النهار.
لأغراض أمنيّة
في حديثه مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول زياد بحيص المُختص في شؤون القدس، إنّ مجموعة المحال التجاريّة التي استهدفها الاحتلال، بمُعظمها بُنيت عام 2004 خلال فترة الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، أي في مرحلة لم تكن قوات الاحتلال تتمكّن فيها من دخول المُخيّم بشكلٍ حُر.
وحسب الباحث بحيص، فإنّ شارع عناتا الذي يضم هذه المحال، هو الممر الوحيد لأي قوّة تابعة للاحتلال قادمة من الغرب أي من جهة حاجز شعفاط لاقتحام المُخيّم، فمن الواضح هنا أنّ الهدم اليوم يأتي من نظرة للزاوية الأمنيّة وتهيئة البُنية التحتيّة في المُخيّم لاقتحامات واسعة النطاق، ولذلك كان لا بد من توسيع الشارع وإزالة الأبنية، فالأمر هنا بغرض تسهيل عمليّة دخول وخروج قوّات الاحتلال واقتحامها المُتكرر للمُخيّم.
الهاجس الأمني لم يكن يوماً خارج حسابات الاحتلال وسياساته التي يفرضها على كافّة المناطق داخل فلسطين المُحتلّة، لكنّه يقوم بطرح مُخططات ومشاريع في كل مرّة تحت مُسمّيات مُختلفة تتعلّق بإيهام "الجمهور الآخر" أي الفلسطيني أو حتى المُشاهِد من الخارج، أنها ضمن "شؤون الدولة"، فيتم استخدام الغطاء الخدماتي وتحسين المعيشة و"المُواطنة" وما إلى ذلك من مُصطلحات فضفاضة لفصل الصورة تماماً عن وجود الاحتلال والقضيّة الأساسيّة لأهل المنطقة.
خطوات تتساوق مع مخطط بلدية الاحتلال لإخضاع المخيم وتصفية دور الأونروا فيه
لم ينفِ الباحث الفلسطيني بحيص الرابط بين ما يحدث اليوم من عمليّات هدم واسعة في المُخيّم، ومُخطّط رئيس بلديّة الاحتلال نير بركات المطروح مؤخراً، والذي يقضي بإخضاع المُخيّم للسلطة المُطلقة لبلديّة الاحتلال وإزالة "الأونروا"، وهنا الجزء الأساسي من القضيّة ليس اهتمام الاحتلال بتقديم خدمات للفلسطيني في منطقة كمُخيّم شعفاط، إنّما التركيز الأساسي على "كيف يتم إخضاع المُخيّم والتأكّد من أنه بكُتلته البشريّة التي تُقارب نحو عشرين ألف لاجئ فلسطيني، لن يكون مصدر أفعال مُقاومة أو اعتراض جماهيري، والغرض الأساسي هنا هو تحسين قُدرة الجيش الإسرائيلي على دخول المُخيّم والتدخّل فيه وتنفيذ عمليّات بداخله، من زاوية البُنى التحتيّة"، يقول بحيص.
وما يجري اليوم، يأتي في سياق رغبة الاحتلال بالتخلّص من وجود "الأونروا" مُستغلّاً سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء هذه الوكالة الأمميّة المُخصّصة للاجئين الفلسطينيين، وذلك تحت غطاء تقديم الخدمات، إلّا أنّ الهدف من هذه العمليّة هو تحسين القُدرة الأمنيّة للاحتلال داخل مُخيّم شعفاط، وتُقرأ عمليّات الهدم اليوم من هذه الزاوية.
تخدير الوعي وإعادة "روابط القُرى"
يُشير الباحث بحيص أيضاً إلى مُحاولات الاحتلال في تخدير الوعي المقدسي، فقبل أسابيع من عمليّة الهدم في مُخيّم شعفاط، جرى لقاء يوم السادس من تشرين الثاني/نوفمبر في حاجز شعفاط، حضره مجموعة من وُجهاء ونُشطاء المُخيّم مع الاحتلال على أساس التفاهم على قضيّة قتل حدثت داخل المُخيّم، لكن الواضح أنّ ذلك كان بمثابة مُحاولة لإنشاء قيادة محليّة أشبه بروابط القُرى التي أنشأها الاحتلال عام 1978 بعد توقيع اتفاق "كامب ديفيد"، وكانت القيادة الصهيونيّة تُحاول من خلالها التعامل مع الفلسطيني دون وجود تمثيل سياسي، بحيث يتم التفاهم مع المُخيّم من الزاوية الخدماتيّة وحجم الشارع والمياه والكهرباء، وإلغاء التفكير بالجوانب الحقوقيّة والوطنيّة والعودة والتحرّر.
حُجّة الترخيص، البديل، شُركاء الأزمة
ليست خطوة الاحتلال وحدها ما تُشكّل أزمة للاجئين الفلسطينيين في مُخيّم شعفاط، فاليوم يتذرّع الاحتلال في عمليّات الهدم بأنه بناء غير مُرخّص، وفي هذا السياق تقول النائب في المجلس التشريعي عن القدس ورئيس المركز النسوي في مُخيّم شعفاط، جهاد أبو زنيد إنّ المسؤول عن تقديم تراخيص البناء للاجئين في المُخيّم هي "الأونروا"، كونها استأجرت أرض المُخيّم قبل نحو سبعين عاماً لإسكان اللاجئين، ووفقاً لقوانينها لا تسمح ببناء أكثر من طابقين، مع طرح مثال على ذلك أنّها استصدرت تصريحاً بصعوبة من "الأونروا" لبناء طابق ثاني للمركز النسوي، فوكالة الغوث هُنا تضع قوانين للاجئ للعيش وليس لبناء عمارات.
ولفتت أبو زنيد في حديثها لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إلى أزمة الاكتظاظ السكّاني التي يُعاني منها المُخيّم، ما يدفع الأهالي للبناء في أي مكان والارتفاع لأكثر من طابقين، فاليوم مع وجود هذه الأزمة ورفض "الأونروا" إعطاء تصاريح بناء لهذه الإضافات والارتفاعات، بات المُخيّم بأكمله مُهدّداً بالهدم والإزالة.
كما تطرّقت النائب في المجلس التشريعي إلى الهجمة غير المسبوقة على مُخيّم شعفاط وقضيّة اللاجئين بشكلٍ أساسي، وهذا ما تشير إليه تصريحات نير بركات رئيس بلديّة الاحتلال في زيارته للمُخيّم قبل نحو شهر، قال فيها أنه ليس هنالك ما يُسمّى مُخيّم شعفاط ولا لاجئين ولا وكالة غوث.
وتُشير أبو زنيد هُنا إلى استغلال الاحتلال لأوضاع المُخيّم، حيث يشهد تقصيراً واضحاً من وكالة الأونروا من ناحية، وعدم تشكيل أي جهة فلسطينيّة إن كانت السلطة أو منظمة التحرير، بديلاً داخل المُخيّم، فبدأت بلديّة الاحتلال بجمع القمامة تارة والعمل على البُنية التحتيّة وتقديم خدمات تارةً أخرى، متسائلة: "لماذا اليوم بدأت بتنفيذ هذه السياسة داخل المُخيّم؟، ومُشيرةً إلى أنّ الاحتلال اليوم يُوهم الفلسطيني بتقديم خدمة، وفي ذات الوقت إن قام هذا الفلسطيني ببناء سور ستقوم طواقم بلديّة الاحتلال بهدمه، وهذا المُحتل أيضاً هو من قام ببناء جدار لفصلهم وإبعادهم عن القدس.
وتمتد أزمة أهالي المُخيّم مع عدم إمكانيّة حصولهم على تعويض مادّي جراء هذه الأضرار، علماً بأنّ مُنظّمة التحرير الفلسطينيّة تقوم بدفع تعويض عن طريق اللجان الشعبيّة، بشرط تقديم صاحب الضرر أوراق ملكيّة الأرض، وهنا نعود للأزمة سابقة الذكر بأنّ الوكالة هي من استأجرت هذه الأرض.
ما يُراكمه الاحتلال على مدار سنوات، منذ قدومه إلى هذه الأرض، لم يقتصر على مُمارسات هدم واقتلاع وتهجير وقتل يومي، بل امتدّ إلى مُحاولة إعادة هندسة جغرافيا الأرض المُحتلّة وفقاً لعقليّته الأمنيّة بغرض خلق مساحة خالية من أي مُقاومة لوجود هذا الاحتلال، فعمل على ابتكار أدوات واستغلال ثغرات ومُحاولات تأثير.
ووصلت مُحاولات الاحتلال اليوم لاختراق وعي الفلسطينيين بغرض تقسيمهم وتصنيفهم وخلق مجموعة داخل هذا الشعب تُبرّر أفعال الاحتلال من منظور مُختلق غير واقعي، وتُصوّر الاحتلال بأنّه اليد الإلهيّة في هذه المنطقة، فحين نفّذ الاحتلال عمليّات الهدم في مُخيّم شعفاط اليوم، خرجت هذه الأصوات الفلسطينيّة عن غير وعي من داخل المُجتمع المُتضرّر، اعتبرت أصحاب المحال المُستهدفة "مُتعدّين على الشارع" واليوم يدفعون ثمن هذا التعدّي.
لكنّها لم تُدرك ما يدور في المشهد من الناحيةِ الأخرى التي يسعى الاحتلال لتذويبها، والمُتمثّلة بمُحاولاته المُستمرّة في فرض السيطرة الأمنيّة، وتضييق العيش على أصحاب الأرض في باقي المناطق المُحتلّة من ناحية، واليوم على لاجئين هجّرهم الاحتلال من أراضيهم قبل نحو سبعين عاماً وتُعاد الكرّة مُجدداً في مُخيّماتٍ لجؤوا إليها حتى موعد عودتهم.
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين