بعد موجات الهجرة من الفلسطينيين والسوريين إلى أوروبا في السنوات القليلة الماضية، لوحظت ظاهرة الانفصال بين الأزواج.
الأمر استرعى اهتمام المجتمع الألماني من نسب الطلاق المرتفعة في أوساط العائلات اللاجئة.
محاولة بعض أفراد المجتمع الألماني قوبلت بإجابات شائكة ومتشعبة، إذ انصبت في غالبيتها حول المرأة – الزوجة وتمردها، وبحثها عن خيارات أفضل تظن أن أوروبا بقوانينها، ستقدمها لها.
وجهة نظري، تضطرني للعودة إلى مجتعاتنا التي تدفع عادة المرأة إلى التسرع في الزواج. وذلك لأسباب مختلفة ليس من ضمنها الحب والتفاهم وأسس الاستمرار. معظم الأسباب كانت لتبعد شبح التقدم في العمر، ما سيقلل فرصها في الارتباط والانجاب.
يبدو أنه، كان من الضروري العمل بجدية لإعطاء المرأة العربية، الصبورة، المكافحة، حقوقها الطبيعية كإنسانة لها كيانها وكرامتها. أسوة بنساء أخرى موجودة في العالم، كأوروبا على سبيل المثال لا الحصر.
فالمرأة في أوروبا اكتسبت حريتها وحقها في العمل. وأصبحت شريكة أساسية في التأسيس والبناء للدولة والمجتمع.
ما سبق لا ينكر أن تقدما ما حصل في مجتمعاتنا العربية، إلا أنه متأخر ومتخلف نسبيا إذا ما قورن بنسب الزواج المبكر والزواج القسري ونسب الجهل المتفشية في الأمور الحياتية والعملية بين النساء.
ولما بدأت تتوافد موجات الهجرة إلى أوروبا، التقت نساء الشرق بمجتمع الغرب، وكان واضحا جليا سلوك المرأة والحقوق التي تتمتع بها باسم القانون. فبدأن يبحثن عن مكتسابتهن الجديدة التي تناسب إنسانيتهن في المجتمع الجديد.
لا أنكر أن تمرد بعض النساء في ألمانيا التي أسكن فيها. أو في أي مجتمع أوروبي جديد لم يأت بنتائج مرضية. على العكس ذهب ببعض العائلات إلى انقسام واضح. وتشتت من نوع آخر، وتفكك في الأسر وضياع الأطفال، كل هذا كان نتيجة ظن رجل مجتعاتنا الذي حمل عائلته أو تبعها إلى أوروبا، أن بوسعه الاستمرار بحفظ سطوته التي كانت فيما سبق، أمام واقع جديد، يعطي المرأة حقوقا لا يمكن أن تمس أو تخترق وفقا لقوانين البلاد الجديدة.
هل فات الأوان؟
لم يفت، فأمامنا أجيال جديدة وصلت إلى البلاد الباردة، وأخرى ولدت وستولد هنا، وما علينا نحن الكبار أصحاب الأسر ورعاتها، إلا العناية بها، والحفاظ على الصغار بواقع متماسك ومترابط أسريا، بين أب يحافظ على هويته الشرقية، ويقبل بالشروط الراهنة ويتفهم حقوق زوجته ورغبتها بالمشاركه الفعلية. وعدم اعتبار المساواة – شرط هذه البلاد – ضعفا. وبين زوجة تختار من الانفتاح الطموح، ومن الحريات حرية التعلم والتقدم والعمل.
واقع الحال في القارة العجوز يشير إلى أن مشوار الاندماج شاق ويمثل تحديا عظيما. فالعالم هنا تختلف فيه المعايير والمبادئ والأخلاق. مجتمع حساس اتجاه المفاهيم الإنسانية ويحرص على حمايتها وتأكيدها.
أيضا هذا العالم الجديد علينا والاندماج فيه، يشكل فرصة لإثبات الجدارة، والحصول على الفرص المناسبة، تحقيقا للعدل الذي نأمله في بلادنا.
في المقابل ثمة فرصة أمامنا، لدمجهم في واقعنا الذي تقوم ركيزته على الأسرة والسعادة التي يمكن خلقها ضمن تآلف قائم على الاحترام والعطاء المتبادل، خاصة وأن الواقع الجديد سيساعد على تجاوز العقبات المرتبطة بمفاهيمنا المعطلة لنجاح تجربة أن يكون هناك آراء مستقلة في الأسرة وهناك جامع أكبر.
ان كانت الهجره والغربه قسريه ومانحن فيه الآن بفعل الحروب، إذن لنختار على الأقل أن نحافظ على وجود كريم وجيل متين واثق الفكر والخطى، صاحب قضية صامدة تليق بحزن وانكسار أوطاننا التي هجرنا منها.