لبنان - صابر حليمة
يستقبل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان عيد الفطر المبارك بين مكابدة ألم الحياة القاسية في المخيمات والتجمعات السكنية، وأمل العودة والتحرير وبناء الوطن فلسطين.
ملف اللاجئين، الذي طالما صمد في وجه المكائد ومحاولات التصفية، ها هو اليوم يواجه صفقة هي أشد وأعتى من كل سابقاتها، في ظل مشاركة أطراف عربية فيها بالعلانية والسر، وانصياع الإدارة الأميركية لنظيرتها الصهيونية بالقول والفعل، وانشغال الشعوب العربية كل بأزماته ومآزقه.
يأتي العيد وخطر مشروع التوطين يهدد مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عبر ما يسمى"صفقة القرن"، التي ستنطلق خطواتها الأولى من المنامة خلال "مؤتمر البحرين الاقتصادي" أواخر الشهر الحالي، المشروع يلاقي رفضاً فلسطينياً موحداً تخطى عتبات الانقسام والخلافات السياسية الداخلية، خصوصاً بعد التسريبات التي أثبتت الهدف الرئيسي لها المتمثل في توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم وإنهاء الشق الأبرز من القضية.
لكن بوادر جمة أظهرت صعوبة تطبيق هذه الصفقة بل واستحالتها، وما التأجيل المتكرر لموعد إعلانها، والأزمات التي يمر بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وصراعاته الداخلية المحتدمة، والتسريبات التي كشفتها "واشنطن بوست" لوزير الخارجية الأميركي مايك بمومبيو باستحالة تنفيذ "صفقة القرن" وموافقة الرئيس دونالد ترامب له والإقرار بتعقد الظروف، هذا إلى جانب الرفض الفلسطيني الموحد والقاطع لها، إلا دلائل على عسر مخاض هذه الصفقة واحتمالية دفنها قبل الولادة.
كما تلقي أزمة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" المالية المتجددة بظلالها على اللاجئين، التي أثرت مباشرة على الخدمات التي تقدمها الوكالة وخصوصاً تلك الصحية التي شهدت تقليصات غير مسبوقة، والتعليمية التي تواجه صعوبات هائلة تتعلق بإغلاق بعض المدارس وتكدس الصفوف ونسبة التسرب الضخمة، وذلك دون إغفال خدمات "أونروا" الأخرى المتعلقة ببنية المخيمات التحتية وحالات الطوارئ والإغاثة والخدمات الاجتماعية.
أما فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين في لبنان، على المنحيين الاقتصادي والمعيشي، فلا يزال اللاجئون الفلسطينيون في هذا البلد محرومين من حق مزاولة المهن الحرة، وتحجب عنهم حقوق أساسية كالتملك ومنع البناء والترميم في المخيمات إلا بحدود دنيا، إلى جانب حظر تأسيس الجمعيات والنظرة اللبنانية إلى المخيمات الفلسطينية باعتبارها بؤراً أمنية فقط، والمغلفة للشق الإنساني والمعيشي والاجتماعي.
وفي هذا السياق، تستعد لجنة الحوار اللبنانية – الفلسطينية بالتعاون مع الإحصاء المركزي اللبناني واللجان الشعبية الفلسطينية في المخيمات إلى إجراء دراسة عينة بعد العيد هي الأولى من نوعها، تشمل 4 آلاف أسرة فلسطينية بهدف المعرفة الدقيقة لأوضاع العمالة الفلسطينية، وذلك عقب الإحصاء الذي أجري عام 2017 وأعلن وجود 174 ألفا و422 فلسطينيا فقط في لبنان.
وما يزيد من الطين بلة فيما يتعلق بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، هو الوضع الاقتصادي المزري في لبنان، فالبطالة في صفوف الشباب اللبناني تجاوزت ال 35 %، فيما يرزح 30 % من اللبنانيين تحت خط الفقر. وخلال العام الماضي فقط، ارتفعت الأسعار بنسبة 5.83 %، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك. وتعتبر العاصمة بيروت أغلى مدينة في الشرق الأوسط، والسابعة عالمياً.
أوضاع دفعت الآلاف من الشباب الفلسطيني في لبنان إلى الهجرة في محاولات للبحث عن حياة كريمة. وتغيب أي إحصاءات دقيقة لعدد من غادر لبنان من اللاجئين الفلسطينيين خلال السنوات القليلة الماضية، لكن التقديرات تشير إلى مغادرة 1500 فلسطيني خلال الستة أشهر الأخيرة من العام الماضي، وهجرة 4000 عائلة فلسطينية بين عامي 2017 و2018.
لكن ورغم الشدائد والصعوبات المختلفة يبقى أمل اللاجئين بالعودة حياً أخضر كخضار أشجار زيتون وطن أجبروا على تركه ولن يرضوا بجنان الدنيا له بديلاً.