بسام جميل
سلطة رام الله عاجزة تماماً عن التدخل لمنع " الاحتلال" من هدم أبنية للفلسطينيين في مناطق " أ " التابعة مباشرة لسلطتها بحسب اتفاق أوسلو الذي أوجد هذه السلطة "العميلة، الخاضعة، المتواطئة، الساقطة، اختر ما تشاء عزيزي القارئ".
رغم هذا العجز ومع علمنا أن هناك من يعمل من داخل السلطة لصالح الفلسطينيين "بنسبة غير معلومة " نجد اندفاعاً لدى السلطة لإرسال ممثليها للعمل مع أعداء الأمس " القوات اللبنانية"، و إعطائهم المباركة الضمنية للعمل على مضاعفة التضييق على اللاجئين في لبنان من خلال عاصفة القرار الوزاري الأخير .
السلطة الرافضة علناً لمقررات وما نتج أو قد ينتج عن "صفقة القرن"، تواكب ضمناً كل ما يترتب على هذه الصفقة من توجهات تصدرها السفارة الأمريكية في بيروت و القدس ليتم العمل على تفريغ لبنان أولاً من الوجود الفلسطيني، و يبدو أن تركيا أيضاً لا تغرد خارج السرب .
إذا كان التوجه العام واضحاً بإعادة التوطين خارج لبنان، فلماذا هذا الدفع نحو جعل رحلة التوطين بتكلفة غالية ومؤلمة وقاسية على الفلسطينين؟!
رحلات الموت عن طريق مراكب متهالكة و السير في غابات أوربا، تعني أن أوربا غير مستعدة لدفع الثمن مالياً ولوجستياً، حيث يتوجب على القتيل أن يدفع ثمن تذكرة رحلة الموت و أن لا يبقي له أي ممتلكات مهما بدت تافهة مادياً و أن يغامر بكل أفراد العائلة، لا أن يكتفي بالمغامرة بحياة فرد منها و انتظار سنوات على أمل لم الشمل .
لا أحد يريد استقبال ملايين اللاجئين الجدد، بل يمكن تحمل بعض الأعداد بتكلفة صفر و ترك البحر المتوسط ليتحمل مسؤوليته بلجوء عدد من الجثث إليه .
في الحراك الأخير للمخيمات الفلسطينية، بدا واضحاً أن الغضب ليس وحده سيد الموقف، فمع وجود أجندات تبدو مرتبكة الآن، إلا أن هناك اندفاعاً من الشارع الفلسطيني لخوض غمار هذه المعركة، لهدفين أساسيين، الأول هو محاولة انتزاع بعض الحقوق الممنوعة عن اللاجئ رغم شرعيتها بالقانون الدولي، و الثاني هو انتصار لفكرة تقرير المصير.
الفلسطيني الذي يسكن المخيمات يريد أن يكون حراً بأخذ قرارعودته إلى بلاده حتى لو كانت عن طريق حصوله على جنسية أوربية، فهذا من أضعف الإيمان بالقضية على الأقل ويضمن له و لأبنائه حياة كريمة في القارة العجوز دون أن يسقط الحق المعنوي الإنساني بقدرته على العودة لأرضه المغتصبه ومحاولة نقل المعركة إلى هناك بأساليب جديدة، عله بطرق ما من هناك بستطيع انتزاع الحق السياسي بعودته إلى أرضه، على المدى البعيد.
لا شيء من الحراك الشعبي المضاد جديد بما يخص ردود الفعل التي تعارض الوجود الفلسطيني في لبنان من الأصل، دون التوقف عند قرارات البلديات والعنصرية و الطائفية التي تمارس من بعض اللبنانيين حتى ضد أبناء "جلدتهم " ، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي و الاستفتاءات العامة التي تُطرح و سوف تُطرح لتكثيف الحشد المعنوي، سوف يؤتي ثماره على أقل تقدير في موعد قريب مع إعلانات رسمية جديدة ربما تؤجج الوضع و تزيد من التوتر القائم .
يعد رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب الجمهور بإيجاد حلول حاسمة للقضية الفلسطينية ولا يكتفي صهره كوشنر بالوعود بل يسعى لتحقيق بعض الإنجازات من خلال زياراته المتكررة للمنطقة، و التي لن تتوقف بعد الزيارة المرتقبة الأسبوع القادم. على الإنجازات أن تكون مناسبة تماماً للبنطال " الاسرائيلي " و ستكون الجيوب الخليجية فيه ممتلئة، أما باقي الانظمة المحلية المتواطئة فعليها أن تقدم اللباس الداخلي بعد أن تتخلص من الشوك الفلسطيني الذي لا يكف عن إثارة التوتر و الألم و التكاثر و لن يكتفي بخاصرة الاستعمار الجديد !