فلسطين المحتلة
عاش الشهيد خالد فرّاج رجلاً عاديّاً كبقيّة أبناء المُخيّم الذي لطالما شيّع أبناءه وتصدّى للمُحتل الذي قتل "أبو وحيد" بصواريخ طائراته صبيحة الأربعاء 13 تشرين الثاني/نوفمبر في منطقة المُغراقة بالمُحافظة الوسطى بقطاع غزة.
عمل أبو وحيد نجّاراً في ورشة النّجارة مع والده بمنطقة "الكلبوش" التي تركها الجيش البريطاني سجناً وبقيت جزءً من مُخيّم النصيرات للاجئين وسط القطاع، واتخذها اللاجئون الفلسطينيّون منذ تهجيرهم كبيوت.
إلا أنّ نجّار المُخيّم لم يُطِل البقاء، رحل اليوم عن بيته وأهله في مسيرة شيّعه فيها الآلاف من أبناء المُخيّم والمُحافظة، انطلقوا من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح مروراً بمنزله لإلقاء نظرة الوداع عليه ثم تمّت الصلاة عليه في مسجد القسام وبعد ذلك انطلق المُشيّعون وسط هتافات للانتقام للشهداء والتوعّد بالثأر من الاحتلال، مُتجهين إلى المقبرة وسط المُخيّم التي باتت تعج بالشهداء والقصص والحكايات التي قتلها رصاص وصواريخ الاحتلال.
وفي بيانٍ صدر عن "سرايا القدس" الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، أعلنت عن استشهاد أحد قادتها الميدانيين في لواء المُحافظة الوسطى، وهو القيادي خالد مُعوّض سالم فرّاج (38) عاماً، والذي نشط في وحدة الصاروخيّة.
يقول عدد من أهالي مخيم النصيرات: رأينا جميعنا ابتسامته منذ كان المرور أمام ورشته ضرورةً يوميّة، إلى أن شاهدنا صورته في ثلاجات مستشفى شهداء الأقصى مُبتسماً لحظة وداعه، وها نحن جميعاً نشهد اليوم على دموع طفلته في وداعه.
ولطالما انخرط الشهيد فرّاج في صفوف أبناء مُخيّمه لمُواجهة الاحتلال، وعرفه أبناء جيله مُتظاهراً بالحجر في انتفاضة الحجارة في صغره، ومُقاتلاً بكافّة السُبل المُمكنة في انتفاضة الأقصى لمُواجهة الاحتلال والعدو الذي أخرجه من أرضه، أخرجه وأهله من مدينة اللد المُحتلّة عام 1948، وها هو اليوم أصبح واحداً من جموع الشهداء والمُقاتلين الذين قصفوا "تل أبيب" وغيرها من المناطق المُحتلّة ليستعيد بيته ويُدافع عن دمه ودم أبنائه من خلفه، فرحل لمُلاقاة رفيقه الشهيد حسن أبو حسنين ابن مُخيّم البريج الذي شيّعه خالد وحمل نعشه قبل عامين.
واليوم ينعيه كل المُخيّم وكل من عرفه ومن مرّ عنه، من أطفالٍ إلى فتية إلى أصدقاءٍ بقوا في الوطن أو من غادر منهم، رُفعت في مسيرة تشييعه كل الأعلام، شاركه في الرحيل رفاقه في النضال من كل الجهات، شيّعته لجان شعبيّة وأندية وغيرها، فكان الشهيد من مُشجّعي نادي خدمات النصيرات، وقبل أسابيع فقط من استشهاده التُقطت له صورة من داخل مُدرجّات ملعب خانيونس في إحدى المُباريات مُشجّعاً ناديه.
وتمتد دماء شهداء فلسطين في كل بُقعةٍ في هذه الأرض، العائلة التي هُجّرت من اللد تشتّت بين غزة ولبنان وغيرها من المناطق، فها هي المُعلّمة هنادي فرّاج تتلقّى التعزية بالشهيد أبو وحيد من عاصمة الشتات في مُخيّم عين الحلوة للاجئين في لبنان.
فيديو تشييع الشهيد