فلسطين المحتلة
قرّر وزير جيش الاحتلال الجديد نفتالي بينت وقف تحرير جثامين الشهداء الفلسطينيين بشكلٍ كامل وعدم إعادتهم إلى عائلاتهم، باستثناء الحالات الاستثنائيّة التي ستبقى مرهونة بتقديره نفسه وفقاً للظروف.
ويأتي قرار المسؤول الصهيوني الذي يقول إنه اتخذه بعد مُناقشات أجراها مع كبار المسؤولين الأمنيين لدى الاحتلال حول ما أسماه "مسألة الردع"، في الوقت الذي تقترب انتخابات "الكنيست" الثالثة، على خلفيّة الأزمة السياسيّة لدى الاحتلال حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي بيانٍ صدر عن وزارة جيش الاحتلال، الأربعاء 27 تشرين الثاني/نوفمبر، قال إنّ كافّة جثامين الشهداء "التي تحتجزها إسرائيل وستحتجزها في المُستقبل، لن تُحرر، من دون علاقة للانتماءات التنظيميّة وشكل العمليّة التي نُفّذت أو تمت المُحاولة لتنفيذها."
فيما أشار إلى أنّ هناك حالات استثنائيّة ستخضع لاعتبارات وزير الجيش وفقاً للظروف، مثل حالة أن يكون الشهيد قاصر، وتابع "هذه السياسة الجديدة ستُعرض قريباً في الكابينت السياسي الأمني، كجزء من خطوة رادعة أوسع، وستدخل حيّز التنفيذ بعد مُصادقة الكابينت."
وتحدث إعلام الاحتلال أنه منذ أسبوع ونصف التقت عائلة الجندي في جيش الاحتلال الذي تأسره المُقاومة في غزة هدار غولدين، برئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، حيث صرّح الأخيرة في حينها أنه لن يتم الإفراج عن جثامين الشهداء من غزة حتى يتم إعادة الجنود.
ونقلت "القناة 13" لدى الاحتلال عن وزيرٍ كبير في المجلس الوزاري المُصغر للشؤون السياسيّة والأمنيّة "الكابينت"، قوله بأنّ "بيان بينيت يأتي في أعقاب ضغط مارسته عائلة الجندي غولدين، وأنا لا أرى وضعاً تتم فيه المُصادقة على قرارٍ جارف كهذا بعدم إعادة جُثث المُخرّبين، ومن يحتاج إلى قرار كهذا أصلاً؟"
خلافات حول القرار
من جانبه، أفاد موقع "واللا" التابع للاحتلال بوجود خلافات شديدة حول قرار بينيت، حيث أنّ مسؤولين أمنيين لدى الاحتلال عبّروا عن غضبهم من القرار مُشددين على أنّ جيش الاحتلال و"الشاباك" يُعارضان القرار.
وأشار الموقع إلى أنّ "الانشغال العلني به من شأنه المس بقنوات جارية حول الموضوع"، فيما كشف المسؤولون الأمنيّون كذب بينيت وقالوا إنّ مُناقشة الموضوع جرت في الأيام الأخيرة لكن لم يتم تقديم تقارير أمنيّة حوله ولم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد.
رفض فلسطيني
بدوره، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمُحررين قدري أبو بكر، إنّ تصريحات وزير جيش الاحتلال حول احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين وعدم إعادتهم لعائلاتهم، تفوح منها رائحة الكراهية والتطرّف، ودليل آخر على أنّ هذا كيان إرهابي يتلذّذ باحتجاز الجثامين والانتقام من أسرهم.
وأضاف أبو بكر في بيانٍ صحفي "على العالم أن يتخذ موقفاً حقيقيّاً وواضحاً في مُواجهة هذا الكيان الغاصب الذي يُثبت يوماً بعد آخر أنه كيان إرهابي يُمعن في إجرامه تجاه فلسطين أرضاً وشعباً، وسط تخاذل دولي واضح بالصمت والسكوت على انتهاكاته الصارخة."
جثمان الشهيد الأسير أبو دياك مُحتجز حتى اللحظة
على صعيدٍ آخر، لا يزال الاحتلال يُواصل احتجاز جثمان الشهيد الأسير سامي أبو دياك الذي أعلن عن استشهاده يوم الثلاثاء، بعد مُعاناة مع المرض وتعمّد الاحتلال لسياسة القتل الطبّي داخل سجون الاحتلال.
وفي هذا السياق، طالب المُتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينيّة، الدكتور أسامة النجار، السماح لطبيبٍ فلسطيني بالإشراف على عمليّة تشريح جثمان الشهيد للوقوف على الوضع الصحي الذي كان عليه، وعلى حيثيّات استشهاده والخروج بتقرير فيه نوع من النزاهة والمصداقيّة فيما يتعلّق بالحالة الصحيّة التي أدت إلى استشهاده.
وأكّد النجار في حديثه لإذاعة "صوت فلسطين" الرسميّة صباح الأربعاء، أنّ الاحتلال لا يزال يتعامل مع جثمان الشهيد أبو دياك وكأنه أسير حتى هذه اللحظة، ويمنع من جهةٍ أخرى تقديم العلاج المُناسب للأسرى المرضى، وهو الإجراء الإجرامي اليومي الرئيسي الذي أدى إلى استشهاد أبو دياك.
وأوضح النجار أنّهم توجّهوا لأكثر من مرة إلى جميع المؤسسات الدوليّة ذات العلاقة من أجل إعطائهم القُدرة على إدخال فرق طبيّة فلسطينيّة لمُعاينة الأسرى المرضى والاطّلاع على وضعهم الصحي وتقديم الأدوية والعلاجات لهم، بالإضافة إلى السماح لإدخال فرق طبيّة دوليّة لتكون شاهداً حيّاً على ما يحدث مع الأسرى المرضى داخل زنازين العزل وعيادات الموت في سجون الاحتلال، بالإضافة إلى المُطالبة بإدخال أطباء دوليين والسماح لهم بالاطّلاع على أوضاع الأسرى المرضى في سجون الاحتلال.
يُذكر أنّ ما تُسمّى بـ "المحكمة العليا" لدى الاحتلال، كانت قد سمحت قبل شهرين لجيش الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء، بحجّة المُفاوضات، ويحتجز الاحتلال نحو (253) جثمان شهيد في مقابر خاصة أطلق عليها "مقابر الأرقام."