قطاع غزة
إلى الفصل الدراسي الثاني عاد مايزيد عن 282 ألف طالب من الللاجئين الفلسطينيين المسجلين في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والبالغ عددها 277 في مناطق القطاع .
لكن الأزمة الاقتصادية المستشرية في القطاع لا تزال تلقي بظلالها على الطالب وذويه والمعلم على حد سواء، يضاعف من آثارها الإجراءات التقليصية التي نفذتها الوكالة بحق موظفيها ومرافقها، ما أثر على الخدمات التعليمية في المدراس.
وتمثلت السياسات الأخيرة للوكالة بفصل المئات من الموظفين وإحالة آخرين لدوام جزئي وإنهاء بعض عقود برنامج تشغيل الطوارئ، بالإضافة إلى تخفيض المصاريف التشغيلية، ووقف منح التعويضات للذين يعملون لساعات إضافية طويلة.
أزمة أبنية مدارس تنعكس على مستوى التعليم
ورغم الانفراج المادي الذي شهدته الوكالة بداية العام مع تنفيذ عدد من الدول المانحة لإلتزاماته المالية تجاهها، إلا أن المستشار الإعلامي لـ "اونروا" في غزة عدنان أبو حسنة توقع أن يكون عام 2020 عاماً مالياً صعباً على الوكالة.
وقال أبو حسنة في تصريحات صحفية سابقة : "الأزمة المالية التي حطت بظلالها على حياة اللاجئين تشتد لتصبح أزمة مركبة أثرت على العملية التعليمية"، حيث تعاني معظم المدارس من نقص المساحات، الأمر الذي أدّى لعملها وفق نظام الفترتين وفي بعض الأحيان ثلاث فترات مما يعيق التحصيل الدراسي للطلاب.
قد تحل هذه المشكلة، إذا ما سارعت الوكالة بتنفيذ وعودها ببناء مدارس جديدة، فوفقاً لمديرة الإعلام في "أونروا" ميلينيا شاهين، فإن الوكالة بصدد افتتاح مدارس جديدة في القطاع لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة خلال الفصل الدراسي الثاني.
وأكدت شاهين لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين أن "أونروا" تحاول دوماً بناء مدارس جديدة للتخفيف من اكتظاظ الطلاب في الصفوف واستيعاب أعداد الملتحقين بمدارسها من جمهور اللاجئين في قطاع غزة.
ولكن غالباً، ما يعيق تنفيذ هذه الوعود والمخططات الأزمة المالية في الوكالة، والتي أخذت مفاعيل أكبر مع وقف واشنطن لالتزاماتها المالية تجاه الوكالة عام 2018، واستمرار التحريض الأمريكي - الإسرائيلي على هذه الوكالة الأممية من أجل تجفيف منابعها المالية.
وفي النتيجة، فإن المستهدف الرئيسي هو اللاجئ الفلسطيني الذي يعتمد في قطاع غزة في كافة مناحي حياته على الخدمات التي توفها الوكالة.
شاهين أكدت أن "أونروا" مستمرة بتقديم خدماتها لجمهور اللاجئين والذي يشكلون ما يزيد عن ثلثي سكان قطاع غزة في المجالات التعليمية والصحية وتقديم خدمات الإغاثة والخدمات الاجتماعية.
توفير التعليم .. خدمة ضرورية وهامة
وبخصوص الخدمات التعليمية فإن جميع الطلاب الفلسطينيين اللاجئين في قطاع غزة يعتمدون على مدارس "أونروا" لمتابعة تحصيلهم الدراسي حتى الصف الثالث المتوسط.
وفي هذا الصدد تقول أمية شنينو وهي مديرة إحدى مدارس "أونروا" في غزة، إن توفير التعليم المجاني من قبل الوكالة للطلاب هو أحد أهم الخدمات التي تقدمها "أونروا" لأن الوضع الاقتصادي لسكان قطاع غزة يحول دون توفير تعليم خاص للطلاب الفلسطينيين، عدا عن ذلك فإن خدمات أونروا التعليمية تشمل الكتب المجانية والقرطاسية للطلاب المنحدرين من عائلات فقيرة، ما يضمن استمرار تعليمهم.
تؤكد شنينو أن من حق الطلاب اللاجئين الفلسطينيين أن يحصلوا على تعليم جيد، وهذا سيظل متوفراً في حال تم توفير معلمين بعدد كافي، مشيرة أن المعلمين في مدارس الوكالة يخضعون بشكل مستمر لدورات تدريبية من أجل ضمان كفائتهم التعليمية.
مجتمع فقير يُخشى على مستقبل الأطفال الدراسي فيه
وعليه، فإن تقليص خدمات الأونروا سيؤثر بشكل مباشر على مستقبل الأطفال من اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما وأن معظم عائلاتهم تندرج ضمن طبقات المجتمع الفقيرة والأشد فقراً.
تلاحظ هذا الأمر، نهى، وهي معلمة للغة الإنجليزية في إحدى المدارس التابعة للوكالة، إذ تشير إلى كثيرات من الطالبات وصلوا إلى المدرسة في بداية الفصل الثاني دون قرطاسية، لأنهم أهاليهن لا يستطعون شراء دفاتر وأقلام لهن، فيما تعتمد هؤلاء الطالبات على ما يتم توزيعه من الوكالة نفسها أو الجمعيات الخيرية.
وتقول نهى: "الوضع الاقتصادي ينعكس بوضوح على العملية التربوية حيث يعتمد بعض الأهالي على مستلزمات الدراسة التي يتم توزيعها سنوياً، فيما انحدار الوضع الاقتصادي ساهم في تدني المستويات الدراسية للطلبة".
حلا عدنان (12 سنة) في الصف السابع تصف اليوم الدراسي الأول ب"الجميل" لحصولها على هدية مميزة من معلمات المدرسة، رغم عدم مقدرة عائلتها على توفير كافة مستلزمات الدراسة إثر وضعها المادي الصعب.
والدة حلا تشعر بأحقية أطفالها بجودة تعليم مضمونة ومستمرة، وتهوّن على طفلتها بالتسويف والمماطلة ووعودات بجلب ما تتمناه خلال الأعوام القادمة على أمل أن يحظى زوجها بدخل يغطي احتياجات عائلتها.
حلا ليست الوحيدة من بين الطلبة الذي يعيشون أزمة اقتصادية خانقة تفرضها كافة الظروف على أهالي القطاع، بدءاً من الحصار المفروض على غزة وليس نهايةً بقلة فرص العمل للخريجين وذوي المؤهلات.