سوريا
توفي في دمشق، اليوم الجمعة 10 نيسان/ أبريل الفنان الفلسطيني السوري عبد الرحمن أبو القاسم، عن عمر 78 عاماً إثر أزمة قلبية.
ويعتبر عبد الرحمن أبو القاسم، أحد أعمدة الفن السوري في الدراما والسينما والمسرح، ولد في قرية صفوريّة في فلسطين المحتلّة عام 1942، وهجّر عنها بعمر ست سنوات إثر نكبة عام 1948.
انطلقت مسيرة أبو القاسم الفنيّة، في المسرح المدرسي منذ العام 1954، وتحديداً في المرحلة الابتدائيّة في مدرسة شكري العسلي بدمشق، ومنها تلقفّته العديد من الفرق المسرحيّة السوريّة ومنها " الفرقة السوريّة للتمثيل، ونادي الأزبكيّة الفنّي".
وساهم أبو القاسم، في تطوير الفرق الفنيّة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" وأنشأ في مخيّم اليرموك للاجئين فرقة مسرحيّة في أحد مكاتب الوكالة، وقدّم معها عدداً من المسرحيات ومنها مسرحيّة " المحراق" من تأليف الكاتب محمد أبو راشد.
ويعتبر أبو القاسم أحد مؤسسي المسرح الوطني الفلسطيني، حيث كان من أوائل الفنانين الذين انضمّوا إلى "فرقة فتح المسرحيّة" وقدّم معها أكثر من 15 عرضاً مسرحيّاً في العام 1965، قبل أن تتبنى منظمة التحرير الفلسطينية في الثمانينيات، الفرقة التي صار اسمها "فرقة المسرح الوطني الفلسطيني".
كرّس أبو القاسم جهوده الفنيّة، لتطوير فرقة المسرح الوطني الفلسطيني، "حتّى انهيار التجربة" وفق ما أشار في حوار له مع "مؤسسة القدس للثقافة والتراث" عام 2013، وقال فيه " بعد خروج المنظمة من لبنان إلى تونس أخذوا معهم كل شيء إلّا المسرح وتركوه على قارعة الطريق، تركوا أبناء المسرح جياعاً في الشوارع".
خاض أبو القاسم في الدراما والمسرح والسينما السوريّة، وقدّم العديد من الأفكار والأعمال ذات البصمة الواضحة والخالدة و من أعماله السينمائية: الأبطال يولدون مرتين في عام 1977 - صهيل الجهات- 1993 - بستان الموت-2001 - زهر الرمان-2001 - دمشق تتكلم-2008 - الأمانة-2009 - موكب الليمون -2011.
وقدّم للتلفزيون عشرات الأعمال الدراميّة ومنها: عطر الشام - خاتون، طوق البنات - البحث عن صلاح الدين - وداعاً زمن الصمت - رايات الحق - وجه العدالة - خالد بن الوليد - المسلوب - البواسل - آباء وأمهات - تل الصوان - الثريا - السنوات الأربعة _1980- عز الدين القسام- 1982- أبو فراس الحمداني_1989- غضب الصحراء_ 1992- طرائف أبي دلامة_ 1995- الجوارح_ 1997- ظلال من الماضي_1998- إمام الفقهاء – أعلام العرب- حضارة العرب وسواها من الاعمال التاريخية والدراميّة الهامّة.
مشهد من ذاكرته يرويه عن النكبة
"هذا يوم لا ينسى في حياتي، كنت في قرية صفورية يوم سقوط فلسطين، في ذلك الصباح سمعنا صوت قذائف تنهال على القرية، كنا نياماً أنا وأخي، فأخرجتنا والدتي من فراشنا إلى حاكورة البيت تحت شجرة التين التي لا أنساها أبداً، كبيرة جداً، وأعتقد أنها من العهد الروماني وكانت تحمل نوعين من التين سوادي وبياضي، وكان حجم حبة التين لم أشاهدها حتى ما بعد سفر الخروج.
اختبأنا تحت الشجرة، والقذائف تنهار علينا، والقازانات البرميلية، وهي عبارة عن براميل معدنية مليئة بالمتفجرات (TNT)وقطع من الحديد يرميها علينا الاحتلال من طائراته على المدن الفلسطينية لتدميرها وتهجير أهلها، وفعلاً بدأت الناس بالهجرة هرباً من الحرب، اتجهنا إلى لبنان ، وبقي والدي وأعمامي هناك، لأنهم كانوا من الشباب ورجال الثورة والمجاهدين، فوالدي باع أساور والدتي واشترى بها بندقية، وكانوا قسّاميين رحم الله الشهيد عز الدين القسام الذي أضاف لفلسطين الكثير من حب الوطن والجهاد.
اتجهنا إلى بنت جبيل وكانت هناك المأساة الكبرى، وخرج معنا جدي لأبي، وكان طاعناً في السن، ويحيط بنا من كل جانب، كان عمري حينها ست سنوات ونصف، وكان الأطفال الباقون أصغر مني سناً، فذهبت لأتسول الخبز من أهل القرية، وكنت أعود بما تصدّق الناس به علينا وهذه وحدها مأساة أن يصبح الفلسطيني متسولاً بغير وطنه.
بعد أيام جاء إلينا والدي من فلسطين، وقد نكس بندقيته، بفطرتي الطفولية عندها أدركت أن فلسطين ذهبت بلا رجعة ..بعدها باع والدي البندقية ليدفع ثمن أجار النقليات من بنت جبيل إلى سورية حيث انتقلنا وبقينا".