مخيم برج البراجنة – جنوبي بيروت
وسط ترحيب شعبي وإجماع فصائلي، سلمت الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية وحركة أنصار الله، اليوم الثلاثاء، تسعة من تجار المخدرات في مخيم برج البراجنة إلى مخابرات الجيش اللبناني عند مدخل طريق المطار.
ولا تزال الأمور متوترة جداً داخل المخيم، جراء اعتراض أهالي التجار على تسليم أبنائهم، حيث عمدوا إلى إطلاق رشقات نارية متقطعة باتجاه عدد من مقرات الفصائل الفلسطينية في المخيم.
مداهمات مباغتة تسفر عن اعتقال تسعة تجار
وفيما يتعلق بتفاصيل المداهمات، أكد أحد المسؤولين في المخيم، والذي رفض الكشف عن اسمه، أنه تم الإخبار أمس الإثنين، عند حوالي الساعة العاشرة مساء، عن عملية اختلاس لنحو 7 ملايين ليرة لبنانية من امرأة أتت من خارج المخيم أتت لشراء معسل ودخان، قام بها المدعو (نادر العينين )، أحد كبار تجار المخدرات في المخيم، لتقوم بعدها دورية أمنية باعتقاله.
ورافق هذه العملية مداهمات لجميع تجار المخدرات في المخيم، اعتقل منهم هم: جهاد مطر، أحمد الدسوقي، محمد أسعد، محمد السخنيني، محمود زيدان، حسام ازحمد، حسن الحريري، محمد العينين، إضافة إلى نادر العينين.
وموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين ينشر هذه الأسماء، بناء على أنها نشرت في صفحات عدة بمواقع التواصل الاجتماعي، وباتت معروفة لمعظم أبناء المخيم.
فيما بقي عشرات المطلوبين الفارين، وهم معروفون بشكل واسع داخل المخيم
بدوره، قال أحد المشاركين في المداهمات، والذي رفض الكشف عن اسمه نظراً لحساسية الوضع: إن المداهمات استمرت حتى الرابعة والنصف فجر اليوم الثلاثاء، حيث ألقي القبض على تسعة تجار، وصودرت الكثير من المخدرات والأموال.
وأضاف: "اللي شفناه شي بفوق الخيال.. في مصانع بالمخيم، بس جاي الدور عالكل..".
وأكد لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن الحملة أتت فجأة فور صدور القرار السياسي، وكانت ستسكمل ضد باقي التجار لولا عرقلة بعض العائلات للحملة.
كما أوضح أن هذه الخطوة تمت بدعم من جميع الفصائل والمؤسسات والروابط في المخيم، بهدف العيش بأمان واستقرار بعدما خرجت الأمور عن السيطرة.
وأشار إلى أن الحملة جاءت بعد أسبوعين من وضع حواجز عند مداخل المخيم جراء تفشي فيروس "كورونا"، حيث من الدخول إلى المخيم أي شخص من خارجه، موضحاً أن الواقفين على الحواجز رؤوا الكثير من الأشخاص من خارج المخيم يدخلون إليه طلباً للمخدرات، من هنا بدأ التفكير بشن الحملة لوقف هذه الآفة.
القوة الأمنية: تهديدات أهالي التجار لن تثنينا عن الاستمرار في الحملة
من جهتها أكدت القوة الأمنية والفصائل الفلسطينية في مخيم برج البراجنة على الاستمرار بحملتها حتى تطال جميع التجار والمروجين.
وأكدت، في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء، أنها ستضرب بيد من حديد، بعد أن "فاضت كل المحاولات لردعهم ولكنهم لم يكنوا ولم يتراجعوا رغم كل تعهداتهم ووعودهم".
وفي حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، شدد قائد القوة الأمنية المشتركة في بيروت، العقيد بلال السروان، على الاستمرار بالحملة على الرغم من اعتراضات وتهديدات أهالي التجار.
وأكد أن "مثل هذه التهديدات لا ولن تخيفنا أبداً، فنحن نقوم بواجبنا ومسؤولياتنا من دون حسبان أو خوف من أحد".
وأضاف: "أرواحنا ودماؤنا رخيصة أمام تضحيات ونضالات شعبنا، ونحن نضع نصب أعيننا أننا مشاريع شهادة ونكون بذلك قد أوفينا شعبنا وقضايانا حقها".
وأوضح أن الأولوية تكمن في تحقيق الأمن والأمان والاستقرار للمخيمات، لأن "هذه الآفة المميتة والخطيرة تغلغلت في مجتمعنا، والمخيمات أصبحت مهددة".
واعتبر السروان أن "قضية محاربة ومواجهة تجار ومروجي المخدرات لا تقل شأناً عن عن محاربة الإرهاب".
بدوره، شدد المسؤول في المخيم، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن الحملة مستمرة ضد باقي التجار، ولن يكون التسعة الذين سلموا "كبش المحرقة".
وشدد على استكمال الحملة لحين تطهير أرجاء المخيم كافة من المخدرات، داعياً الأهالي جميعاً إلى مؤازرة القوة الأمنية، فهذه "فرصة لننجو جميعاً وإما ستغرق السفينة".
ترحيب شعبي وفصائلي واسع
لاقت المداهمات وعملية التسليم ترحيباً شعبياً وفصائلياً واسعاً داخل وخارج مخيم برج البراجنة.
اتحاد الروابط والمؤسسات الأهلية ثمّن، اليوم الثلاثاء، خطوة اعتقال عدد من تجار المخدرات، ودعا إلى ملاحقة واعتقال بقية المطلوبين، مطالباً بتسليم مروّجي المخدرات للأجهزة الأمنية اللبنانية فوراً، لأن "أي تباطؤ في التنفيذ ربما يقود إلى التراخي، كما في حالات سابقة".
كما أوضح أن آفة المخدرات وتجارتها، تسببت بضياع عدد كبير من أبناء المخيم، إضافة إلى الإساءة إلى سمعته، معتبراً ما جرى خطوة مهمة جداً على طريق استكمال تشكيل الهيئات المشتركة العامّة في المخيم.
بدوره، أكد ممثل حركة حماس في لبنان، أمين سر تحالف القوى الفلسطيني في لبنان، أحمد عبد الهادي، أن هذه الخطوة الهامة جاءت نتيجة جهد جماعي ومشترك قامت به الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، مدعومة من القوى العسكرية والأمنية التابعة لها، والتي "أظهرت مسؤولية عالية وجدية كبيرة وبذلت جهداً جبّارا لإتمام هذه العملية".
وأضاف:" جاءت هذه الخطوة أيضاً ضمن حملة كبيرة بدأتها الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية على ظاهرة المخدّرات ترويجاً وتعاطٍ وبيع، ما يعني العمل على استكمال الخطوات في الأيام القادمة".
وأوضح، في بيان اليوم، أن هذه الخطوة جاءت بالتنسيق مع الجهات الرسمية في الدولة، وخصوصاً الجيش اللبناني ومخابراته، وبالتنسيق أيضاً مع عدد من الأحزاب اللبنانية.
وذكر أن العملية لاقت ارتياحاً كبيراً من قبل أهالي المخيم، الذين لطالما طالبوا بإنهاء ظاهرة المخدرات، لما لها من أضرار ونتائج كارثية أبنائهم.
وفي سياق متصل، أكدت حركة أنصار الله أن ما قامت به الفصائل الوطنية والإسلامية في مخيم برج البراجنة "إنجازٌ جاء نتيجة جهد جماعي لكافة القوى الوطنية والإسلامية أظهر المسؤولية العالية للحفاظ على أمن المخيم".
وشددت أنها "كانت وما زالت تؤيد وتدعم العمل المشترك بكافة أنواعه لأنه أصل النجاح"، شاكرة الأهالي في المخيم على دعمهم للفصائل في المخيم لإنهاء ظاهرة المخدرات القاتلة.
يذكر أن آفة انتشار المخدرات وتجارها هي أمر دخيل على مخيم برج البراجنة، و لطالما رفضه معظم الأهالي الذين كانوا في السنوات الماضية مستائين ويطالبون بتشكيل قوة أمنية لمحاربة تجار المخدرات.
ويؤكد عدد من الأهالي قابلهم موقعنا ورفضوا نشر أسمائهم أن معظم من يشتري المخدرات يأتي من خارج المخيم، مستغربين بأن فتيات في الجامعات باتوا يقصدون المخيم لشراء مادة الحشيش والأنواع المخدرة الأخرى، مستنكرين بان يتم "تحويل مخيمهم الذي لطالما كان شعلة في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى مجرد وكر للمخدرات".