لبنان
أثار كاريكاتور نشرته صحيفة "الجمهورية" اللبنانية شبه الفلسطينيين بفيروس "كورونا" سخطاً وغضباً شعبياً وفصائلياً في صفوف الفلسطينيين عامة واللاجئين الفلسطينيين في لبنان خاصة.
ويساوي الكاريكاتور الذي جاء بمناسبة مرور الذكرى الـ45 لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، بين الفلسطيني في تلك الحقبة وفيروس "كورونا" في هذه الأيام، ما أثار حفظية الفلسطينيين وكثير من اللبنانين على حد سواء.
وبعد بيانات الشجب، والتواصل مع المسؤولين اللبنانيين، وتحديداً المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، حذفت الصحيفة الكاريكاتور، ونشرت، اليوم الأربعاء، توضيحاً قالت فيه: "إن نشر الكاريكاتور أمس الثلاثاء، لا ينطلق من أي أبعاد، ولا من خلفية نكء جراح الماضي، أو استهداف العلاقات اللبنانية-الفلسطينية أو الإساءة إليها".
وأضافت: "مع التأكيد أيضاً على أن الكاريكاتور المذكور، لا يعبر من قريب أو بعيد عن توجه "الجمهورية" الحريصة على بناء أفضل العلاقات، وعلى استقرار لبنان والنأي به عن كل ما يؤدي إلى إعادة تكرار كل الصور السوداء التي شهدها لبنان في الماضي. ومن هنا، فإن هذا الكاريكاتور يعبر عن رأي الفنان أنطوان غانم الذي رسمه والذي لم يكن يقصد أي إهانة أو استهداف أو تجريح، فاقتضى التوضيح".
توضيح لا يتضمن أي اعتذار عن كاريكاتير يحتوي من العنصرية ونسف الحقائق كماً لا يمكن القبول به إعلامياً وأخلاقياً. تزامن مع شكر من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان للواء إبراهيم، لـ "تدخله لحل المشكلة التي تسبب بها نشر جريدة "الجمهورية" الصادرة يوم أمس الثلاثاء رسماً كاريكاتورياً عنصرياً يسيء إلى الشعب الفلسطيني ورموزه الوطنية".
وأضاف البيان: "في هذا السياق فإن القيادة تثمن عاليا الجهود التي بذلها اللواء إبراهيم لدى إدارة جريدة الجمهورية، التي وعدته بسحب الرسم الكاريكاتوري وتقديم الإعتذار للقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني".
الكاريكاتور: عنصرية وحقد ضد الفلسطينيين
وكانت فصائل منظمة التحرير استنكرت أمس "هذا العمل الذي لا ينم إلا على الغل والعنصرية والأحقاد والضغائن الدفينة لدى القيمين على هذه الصحيفة ضد الشعب الفلسطيني".
ودعت الفصائل في بيان لها الجهات اللبنانية المختصة للتدخل ووقف هذا التحريض الذي تمارسه هذه الصحيفة، ومطالبتها بتقديم اعتذار للشعب الفلسطيني على هذا التصرف الذي يحمل إساءة للشعب اللبناني بنفس القدر الذي يسيء فيه إلى الشعب الفلسطيني.
كاريكاتور عنصري في زمن تنسيق فلسطيني – لبناني عالي المستوى
بدورها، دانت حركة حماس في لبنان الكاريكاتور "الذي يؤجج المشاعر العنصرية، ويستحضر الحرب الأهلية، متجاوزاً إجماع الفلسطينيين واللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم السياسية، على ضرورة تجاوز تلك المرحلة الأليمة"، داعية الصحيفة إلى التراجع عما نشر.
وأضافت في بيان: "إننا في المكتب الإعلامي لحركة حماس نستغرب نشر هذا الكاريكاتير العنصري، في وقت يشهد تنسيقاً لبنانياً فلسطينياً عالي المستوى لدحر فيروس "كورونا" في لبنان، ومنع انتشاره، إلا أن البعض حاول أن يزيد الفيروس قبحاً وأذى، بأن يجعله قاتلاً للعلاقات اللبنانية الفلسطينية، وهو ما نرفضه كفلسطينيين ولبنانيين. وقد أثبتت تجربة ما بعد الحرب الأهلية أن هناك إرادة مشتركة لعدم العودة إلى تلك المرحلة السوداء".
وفي سياق متصل، أكد منتدى المؤسسات والجمعيات العاملة في الوسط الفلسطيني أن نشر الكاريكاتور يشكل دعوة مباشرة إلى نشر خطاب العنصرية والكراهية تجاه الشعب الفلسطيني.
وطالب الجهات الرسمية اللبنانية، لاسيما وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، بمحاسبة الجريدة والرسام على هذه التصرفات العنصرية غير المسؤولة، والتي تسيء إلى العلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني وتضحياتهما على مدار عقود.
واعتبر أن "غياب الرقابة والمحاسبة على نشر خطاب الكراهية والعنصرية يشجع على التمادي في هذه الممارسات المسيئة، حيث أصبحت الإساءة إلى الشعب الفلسطيني وتضحياته جزء لا يتجزء من أجندة مشبوهه لدى بعض السياسيين والإعلاميين والمنصات الاعلامية في لبنان، ويجب العمل على مواجهتها بشتى الوسائل".
تنديدات لبنانية وفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي
لاقى الكاريكاتور المنشر رفضاً لبنانياً واسعاً وفلسطينياً عبر عنه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن أبرز الردود على الكاريكتور هو كاريكاتور آخر رسمه الفنان الفلسطيني علاء اللقطة يظهر فيه أن "أرزة لبنان" وهي رمز وطني جامع للبنانيين تتنفس من رئيتين فلسطينية ولبنانية، في رسالة إلى العنصريين من اللبنانيين بأن أي رسالة عنصرية لن تفلح في خلق شرخ بين الفلسطينيين واللبنانيين كشعب عربي واحد يحمل نفس الهموم والتطلعات، وليس له سوى عدو واحد هو الاحتلال الإسرائيلي.