الخليل المحتلة
لا شك أنّ جائحة "كورونا" التي تجتاح العالم اليوم هي الحديث الشاغل للملايين من البشر، لا سيما مع أعداد الوفيات التي لا تتوقّف، والإصاباتِ أيضًا، لكن في ذات الوقت برز على السطح بفعل الأزمة التي تعيشها البشريّة مجموعة من القصص الإنسانيّة والمبادرات التطوعيّة التي تساهم ولو بالقليل في التخفيف من وطأة هذه الجائحة.
كان لافتًا أيضًا المُبادرات التي ظهرت في الدول الفقيرة وشبه الضعيفة من ناحية الخدمات الطبيّةِ التي تُستنزف هذه الأيام أكثر من أي وقتٍ مضى.
طارق النجّار، لاجئ فلسطيني من قرية الفالوجة المحتلة عام 1948، صمم معبراً للتعقيم، وكل من يزور المستشفى الأهلي في الخليل بالضفة المحتلة، حتمًا سيمر من خلال هذا الجهاز –معبر التعقيم- الذي وضِع على باب المستشفى.
أوضح طارق خلال حديثه مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "جهاز التعقيم يعمل الكترونيًا، وفي حال دخل الشخص عن طريق بوابة هذا المعبر تقوم المضخة الموصولة بحساسات برش الماء والكحول على شكل رذاذ بواسطة أعين متخصصة، وبهذه العملية يتم تعقيم ملابس وحذاء الشخص حتى يكون بأمنٍ وسلام".
قد لا تكون فكرته سابقة من نوعها، ولكن في مكان مثل الأراضي الفلسطينية مكبل بالاحتلال، سياسياً وجغرافياً واقتصادياً، لا بد أن تصميم المعبر سواجه العديد من الصعوبات، يقول طارق إنّ "الصعوبات في المرحلة الأولى كانت لوجود البلد في حالة طوارئ، والصعوبات في المرحلة الثانية كانت لعدم وجود المواد الخام اللازمة لعمل هذا المعبر".
بدوره، أوضح مدير عام المستشفى الأهلي د.يوسف التكروري، أنّه في الوقت الحالي "ناقش مع منسق الجودة ومكافحة العدوى في المستشفى الأهلي كافة الصعوبات لنضع اللمسات النهائية على هذا المعبر من أجل التشغيل النهائي له".
جاء كلام الدكتور تكروري خلال لقائنا معه في خضم العمل على تركيب المعبر، مؤكدأ أن تصميماً كهذا بالتأكيد لم يكن ليأتي من فراغ، ولأنّ الحاجة أم الاختراع، كان هذا المعبر "بهدف تعقيم المرضى أو من يدخل إلى المستشفى الأهلي برذاذ الماء المخلوط بالكحول، وذلك بحسب توصية لجنة مكافحة العدوى ووفق النسب المتعارف عليها بناءً على توصيات منظمة الصحة العالميّة"
وتمنّى طارق مصمم الجهاز أن "تلتفت الحكومة لمثل هذه الاختراعات في ظل هذه الأزمة"، مردفًا بالقول "حتى يصبح فعلاً لدينا خط انتاج ضخم لتصنيع كمياتٍ من هذا الجهاز، ويتم توزيعه على كافة الأماكن المعروفة بالاكتظاظ السكاني، وما أكثرها في فلسطين، مثل المؤسّسات الصحيّة، والمؤسّسات الحكوميّة، والمساجد والمدارس.. إلخ".
هذه المُبادرات الفرديّة النفعيّة التي هي ليست غريبة على أبناء مجتمع اللاجئين الفلسطينيين أينما وجدوا، وبحاجةٍ في ذات الوقت إلى حاضنةٍ ترعاها وتعمل على تطويرها واستثمارها وتسخيرها لخدمة الصالح العام، وسط هذه الغمّة التي تطال العالم أجمع.
شاهد الفيديو