تقرير صابر حليمة
منذ أكثر من شهرين، سجل لبنان أول إصابة بفيروس "كورونا"، لتعلن معها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تشكيل غرفة طوارئ للتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية.
تلا ذلك اتفاق بين الوكالة الأممية ومختلف الفصائل والقوى الفلسطينية والجمعيات الطبية واللجان الشعبية، لتشكيل خلية أزمة، ترأسها "أونروا"، في سبيل التعاون وتوحيد الجهود لمواجهة الفيروس.
أعلنت الوكالة تكفلها بجميع تكاليف نقل وعلاج المصابين الفلسطينيين، إضافة إلى العمل على تجهيز مركز عزل في سبلين، ومراكز حجر صحي في جميع المخيمات.
كيف كانت الاستجابة الصحية لخلية الأزمة على مدى تسعة أسابيع ماضية؟
شكل تصريح وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، أكبر دليل على صحة استياء اللاجئين الفلسطينيين من عدم قيام الوكالة الأممية بواجباتها على أتم وجه، إذ أكد بصريح العبارة أن وزارته لم تلمس أي إجراء ميداني عملي، لكل المؤسسات الدولية الداعمة للاجئين الفلسطينيين والسوريين، معتبراً أن هناك "تأخراً وعدم جدية في الإجراءات لحفظ الإنسان الفلسطيني والسوري، خاصة ضمن تحدي فيروس كورونا".
كان تصريح حسن قبل تسجيل أي إصابة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، أما اليوم، ومع تسجيل 5 إصابات في مخيم الجليل، تبرز انتقادات حادة لـ "أونروا" على خلفية غرفة العزل الصحي التي أنشأتها لعزل المصابين.
نظمت المنظمة النسائية الديمقراطية الفلسطينية "ندى"، الثلاثاء 28 نيسان/إبريل 2020، اعتصاماً في مخيم الجليل، احتجاجاً على تقصير الوكالة، سبقه اعتصام رمزي ، لفريق منظمة الشبيبة الفلسطينية بهدف حث "أونروا" على تحمل مسؤولياتها إزاء العائلات الملتزمة بالحجر الصحي والعزل المنزلي.
وعقب هذه الانتقادات، علم "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن "أونروا" حسّنت من ظروف العزل في الغرفة التي أعدتها لعزل المصابين بفيروس "كورونا" في مخيم الجليل.
وبهدف الإجابة على السؤال المذكور آنفاً، تحدث "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" مع المدير التنفيذي لجمعية النداء الإنساني، مصطفى أبو عطية، وعضو المكتب المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، صلاح اليوسف.
عمل اللجنة.. بين الإنجازات والإخفاقات
أشار أبو عطية، المدير التنفيذي لجمعية النداء الإنساني، العضو في اللجنة الصحية المركزية، إلى أنه من الناحية الإيجابية، تمكنت اللجنة، وللمرة الأولى، من جمع أهم مقدمي الخدمات الصحية في الوسط الفلسطيني، ووحدت المعايير الطبية للتعاطي مع الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس "كورونا" من خلال التزام الجميع بتعاميم وزارة الصحة اللبنانية.
وأوضح أن اللجنة زادت أيضاً من "فرص التوعية الصحية التي تقوم بها كل المؤسسات الصحية المشاركة، كلٌ حسب إمكانياته واستعداداته، ولكن كلها تصب بنفس الهدف". ووفق أبو عطية، فقد أفضت اجتماعات اللجنة عن لعب دور تكاملي ومنسق بين الجميع، على الرغم من وجود بعض الثغرات.
واعتبر أبو عطية أن وجود مندوب عن لجنة "الحوار اللبناني-الفلسطيني" هو قيمة مضافة، تساهم في رفع توصيات اللجنة لمجلس الوزراء اللبناني والتنسيق عن كثب مع وزارة الصحة اللبنانية والصليب الأحمر اللبناني، كذلك وجود مندوبين عن المنظمات الدولية لها أهمية كبرى بحيث أنها تمول الاحتياجات الضرورية من مواد طبية ودورات تدريبية.
فضلاً عن وجود مندوبين عن اللجان الشعبية واللجان الأهلية، ما يساهم في نشر أخبار اللجنة وتوصياتها إلى الأهالي في كل المخيمات.
لكن، وعلى الرغم من هذه الإيجابيات، يؤخذ على "أونروا" التباطؤ في تنفيذ الإجراءات اللازمة لتحضير مراكز الحجر الصحي، محذراً من أن سرعة وتيرة تداعيات الوباء هي أسرع بكثير من سرعة التحضيرات، وذلك بسبب البيروقراطية والروتين الإداري والمالي.
ولفت أبو عطية إلى أن إدارة "أونروا" لم تقدم خطة إغاثية متكاملة مع العمل الصحي، لتمكين اللاجئين من الالتزام بالتعبئة العامة، إذ من الملاحظ أن بعض المخيمات غير ملتزمة بالتعبئة العامة، بل وهناك ازدحام في بعض الأسواق والمحال التجارية والمقاهي.
وفي هذا الشق، كشف أبو عطية أن جمعية النداء طرحت خلال الاجتماعات قاعدة ثلاثية لحل هذه الظاهرة، تتمثل في تكامل الأدوار بين الجهات الناصحة والجهات الإغاثية والجهات الرادعة، موضحاً "أي أننا جميعاً نعمل كجهات ناصحة، ويوجد القليل من المؤسسات التي تقوم بأعمال الإغاثة ولا يوجد دور رادع.. يوجد غياب كامل لدور الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير".
المشكلة الرئيسة هي عدم تحديد مراكز للحجر الصحي في المخيمات
إلى ذلك، أكد عضو المكتب المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، صلاح اليوسف، أن المشكلة الأكبر في عمل "أونروا" لحد الآن تتمثل في عدم تحديد مراكز للحجر الصحي في المخيمات، بحسب الاتفاق القائم مع اللجنة الصحية الفلسطينية.
وفي حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، قال اليوسف: إن إدارة "أونروا" اكتفت بتنسيق آلياتها مع وزارة الصحة اللبنانية، وبالتركيز فقط على الإصابات المشتبه بها.
وأوضح أن "تقصير "أونروا" وإهمالها يساوي خطر جائحة "كورونا" لأنها لم تقم بواجباتها الخدماتية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".
وفرق اليوسف بين عمل اللجنة الصحية الفلسطينية وعمل الوكالة، إذ اعتبر أن الأولى "لم تخفق أبداً لأنها لا تملك الإمكانيات التي تملكها الوكالة".
كما شدد أن منظمة التحرير الفلسطينية، أعطت أوامرها للقيام بأكمل الواجبات تجاه المصابين، في حال استكمال تقاعس "أونروا" وتخليها عن واجباتها.
ووفق أمين سر حركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير في منطقة البقاع، فراس الحاج، فإن المنظمة جهزت غرفة العزل التي هيأتها "أونروا" ببعض الأثاث، كما وفرت لهم الأدوية وبعض الاحتياجات الفردية، مؤكداً الاستعداد التام لتحسين ظروف إقامة المصابين.
كما أمنت المنظمة الحراسة للعائلة من قبل قوات الأمن الوطني الفلسطيني وحركة "فتح" على مدار 24 ساعة في اليوم.
هي مآخذ كبيرة على استجابة "أونروا" الصحية للأزمة الراهنة، يزيد من تأثيراتها واقع معيشي مأساوي غير مسبوق، يشهده لبنان والمخيمات الفلسطينية، ما يؤكد ضرورة توازي العملين الصحي والإغاثي في سبيل دعم صمود اللاجئين الفلسطينيين.