طالب عشرات الفنانين وصانعي الأفلام والمؤسسات الثقافية والمجموعات المؤيدة للقضية الفلسطينية حول العالم، في رسالة مفتوحة، شركةَ "تريبيكا" لاستثناء "مهرجان القدس للأفلام" الصهيوني من المشاركة في مهرجان "نحن واحد" (We are One) للأفلام، الذي بدأ يوم أمس الجمعة 29 أيّار/مايو.
وبحسب حركة المقاطعة (BDS) التي نشرت الرسالة، فترعى كلّ من وزارتي الخارجية والثقافة في كيان الاحتلال الصهيوني، بالإضافة إلى ما يُسمّى بـ "سلطة الآثار" و"مؤسسة صندوق القدس"، و"سلطة تطوير القدس"، ما يُسمّى بـ "مهرجان القدس للأفلام" الصهيوني، في توظيفٍ للفن والثقافة للتغطية على الجرائم الصهيونية وحقيقة النظام الاستعماري الاستيطاني.
ودعت الرسالة صانعي الأفلام للانسحاب من المهرجان في حال عدم استجابة الشركة الأمريكية للمطلب، كما شاركت مجموعات ومنظمات عربية في التوقيع على الرسالة، علمًا بأن مهرجان "مراكش" المغربي مشاركٌ في هذا المهرجان.
وقالت الرسالة: "نحن الموقعون أدناه، مجموعات ومنظمات للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، مؤسسات ثقافية وصانعي أفلام وفنانين آخرين، ندعو شركة "تريبيكا" الأمريكية للإعلام (Tribeca Enterprises) لاستثناء "مهرجان القدس للأفلام" الإسرائيلي من مهرجان "نحن واحد" (We are One) للأفلام بسبب تواطئه الصارخ في الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان ودوره في استغلال الفن للتغطية على هذه الانتهاكات، وندعو صانعي الأفلام للانسحاب من المهرجان في حال لم تستجِب الشركة للمطلب أعلاه".
وتابعت: "يقام مهرجان القدس للأفلام برعاية الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، من خلال وزارة الخارجية ووزارة الثقافة و"سلطة الآثار" الصهيونية، بالإضافة إلى "مؤسسة صندوق القدس" (Jerusalem Foundation) و"سلطة تطوير القدس" (the Jerusalem Development Authority) اللتين تلعبان دورًا هامًا في التطهير العرقي التدريجي للفلسطينيين من القدس الشرقية المحتلة. وترتكب هذه الجهات جرائم حرب وانتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي ضد الفلسطينيين، أو تبرر وتغطي على هذه الانتهاكات".
وأكملت: "أقامت مؤسسة القدس شراكة مع المجموعة الاستيطانية المتطرفة وغير القانونية "إلعاد" لمصادرة وتبييض الإرث الثقافي الفلسطيني في حي سلوان في القدس المحتلة، ما يسمى "مدينة داوود". وقد أدانت اليونيسكو أعمال الحفر التي تبعت استعمار، أو ما تسميه إسرائيل "تهويد" القدس. كما وتقوم ما تدعى بـ "سلطة تطوير القدس" بمصادرة الأراضي الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة بشكلٍ غير قانوني لتطوير ما يسمى بـ"المنتزهات التوراتية" لخدمة المستوطنين، حيث جرى تهجير المئات من الفلسطينيين أو تهديدهم بالتهجير من منازلهم لإفساح المجال لهذه المنتزهات، ممّا يشكل انتهاكاً صارخاً لمعاهدات جنيف، ولعبت "سلطة تطوير القدس" دوراً رئيسياً في توسيع المستعمرات غير القانونية في القدس، مثل مستعمرة جيلو".
وتَعتبر وزارة الثقافة الفنون أداةً أساسية في عملية تلميع صورة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وقد حاولت تجميد التمويل لمؤسسات الفن التي تنتقد السياسات الإسرائيلية أو تدافع عن حقوق الفلسطينيين بموجب القانون الدولي. كما تعترف وزارة الخارجية الإسرائيلية، أحد الراعين الرئيسيين لـ"مهرجان القدس للأفلام"، باستغلال الفن في تبييض صورة إسرائيل. فقد أقرّ نائب مدير عام سابق في الوزارة، "نسيم بن شيتريت": "إنّ الثقافة أداة "هاسبارا" [بروباغاندا صهيونية] من الطراز الأول، ولا نفرق بين "الهاسبارا" وبين الثقافة. وتدّعي مجموعات الضغط المناصرة لإسرائيل والنشِطة في مجال الأفلام، مثل ما يسمى "مجتمع مبدع لأجل السلام" أو (CCFP)، بشكل مثير للسخرية بأنها تناصر "بناء الجسور"، دون الحديث أبداً عن القمع الإسرائيلي المتزايد ضد الفلسطينيين، ولا حتى ضد اليهود الإسرائيليين العاملين في مجال الثقافة والذين ينتقدون سياسات الفصل العنصري اليميني المتطرف لحكومتهم وسياسات الاحتلال والاستعمار"، بحسب الرسالة.
وجاء في الرسالة أيضًا: "في الواقع، يعتبر "مجتمع مبدع لأجل السلام" واجهة لمجموعة الضغط "StandWithUs" المعادية للفلسطينيين والمرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، والتي تعتبر شريكاً رئيسياً لمنظمة "مسيحيون متحدون لأجل إسرائيل" المتطرفة، التي يترأسها القسّ "جون هاجي" المعروف بكراهيته للأعراق الأخرى، كما وتقول مجموعة "مجتمع مبدع لأجل السلام" أنها "تطوّر استراتيجيات للتعامل مع التوجه المقلق والمتزايد" المتمثل بالتداخل والتضامن بين الأمريكيين السود والفلسطينيين، ونتفهم أن التبرعات من مشاهدي "We Are One" ستستخدم لصالح منظمة الصحة العالمية والمنظمات الصحية الأخرى التي تكافح جائحة الكورونا. لكنّ هذا الهدف السامي لا يمكن أن يكون مبرّراً للتواطؤ في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وعلى أرض الواقع، صعّب القمع الإسرائيلي والعنصرية الإسرائيلية في زمن كورونا (#CoronaRacism) مكافحة هذه الجائحة أكثر على الفلسطينيين، وفي الوقت الذي اتخذت فيه الحكومات في كافة أنحاء العالم إجراءاتٍ استثنائية لحماية الشعوب من الفيروس القاتل، قامت إسرائيل بهدم عيادة مؤقتة أقيمت بهدف تقديم الرعاية للمصابين بالفيروس في غور الأردن المحتل، وحرمت تجمعات كاملة من الفلسطينيين حملة الجنسية الإسرائيلية من الفحص. كما وفشلت في تقديم معلومات دقيقة ومحدثة بشأن الفيروس باللغة العربية لهؤلاء المواطنين الفلسطينيين".
وتساءلت الرسالة: "كيف يمكن لمؤسسة متواطئة بجرائم كهذه، كـ "مهرجان القدس للأفلام" الإسرائيليّ، أن يتم الترويج لها بأنها تقدم المساعدة "لفائدة صناديق الإغاثة من فيروس كورونا"؟، خلال الأزمة العالمية هذه، تصبح مسؤولياتنا الأخلاقية تجاه بعضنا البعض أهم من أي وقت مضى بهدف بناء عالم يتمتع بالسلام والعدالة والمساواة، فلا يوجد مكان في عالم كهذا لمن يمارس الاضطهاد والاستعمار أو يبرر الفصل العنصري. ولهذا السبب، نطلب منكم استثناء "مهرجان القدس للأفلام" من مهرجان "We Are One" للأفلام، ونطالب صانعي الأفلام المشاركين والداعمين لحقوق الشعب الفلسطيني بسحب أعمالهم إن لم تستجب الشركة، تماماً كما كانوا سيفعلون إزاء مهرجان في جنوب أفريقيا خلال الأبارتهايد".
ودعت كافة العاملين في مجال السينما والثقافة للمشاركة في "هذا النداء والتوقيع على الرسالة".