قوبل تصويت "الكنيست الإسرائيلي"، بالقراءة التمهيدية على مشروعي قانونين لضم الضفة الغربية المحتلة ومستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس المحتلة، بتصريحات تنديد عربية ودولية، لاعتبار الخطوة بأنها خطيرة تمهد فعليًا لضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتشكل تحديًا صارخًا للقانون الدولي وللقرارات الدولية بعدم شرعية الاستيطان.
بـ "أشد العبارات" جاءت إدانة وزارة الخارجية في السلطة الفلسطينية خطوة "الكنيست"، معتبرة أن ما يسمى "فرض السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية باطل وغير قانوني.
وقالت الوزارة في بيانها: إن "الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية بما فيها القدس وغزة، وحدة جغرافية واحدة، ولا سيادة لإسرائيل عليها".
وأضافت أن "السيادة خالصة للشعب الفلسطيني وقيادته المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، استنادًا إلى الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين، وارتباط ذلك الوثيق بالقانون الدولي وحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة".
وحذرت الوزارة من "استمرار إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعية، في محاولاتها البائسة لافتعال وقائع على الأرض"، مؤكدة أن "كل هذه الوقائع لاغية وباطلة وغير معترف بها ومرفوضة، ولا تشكل واقعًا، وستواجه بكل السبل القانونية والسياسية والدبلوماسية".
وطالبت الخارجية الفلسطينية جميع الدول والمؤسسات الأممية بـ"رفض هذا القرار واتخاذ ما يلزم من أدوات الردع لمنع سلطات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها التوسعية والاستيطانية".
حماس: القرار باطل ولن يغيّر حقيقة أن الضفة فلسطينية
وفي بيان آخر، أكدت حركة "حماس" أن تصويت "الكنيست الإسرائيلي" على مشروعي قانوني ضم الضفة الغربية وفرض السيادة على مستوطنة "معاليه أدوميم" باطل وغير شرعي، مشددة على أنه "لن يغيّر حقيقة أن الضفة الغربية أراضٍ فلسطينية بموجب التاريخ والقانون الدولي".
وقالت الحركة إن "تصويت كنيست الاحتلال على مشروعَي القانونين يعبر عن الوجه الاستعماري القبيح للاحتلال الذي يصر على شرعنة الاستيطان وفرض السيادة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، في انتهاك صارخ لكل القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة".
وأضافت: أن "محاولات الاحتلال المحمومة لضم أراضي الضفة الغربية باطلة وغير قانونية، ولن تغيّر من الحقيقة القانونية والسياسية بأن الضفة أرض محتلة"، مشيرة إلى أن "الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر عام 2024 يؤكد عدم شرعية الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين".
المبادرة الوطنية : مؤامرة تتطلب عقوبات دولية ومقاطعة
ووصف الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، الخطوة "الإسرائيلية" بأنها "مؤامرة شاركت فيها الأحزاب الصهيونية في الحكومة والمعارضة على حد سواء"، مشيرًا إلى أن ذلك تم من خلال المشاركة بالتصويت أو التغيب المتعمّد عن الجلسة لضمان أغلبية لإقرار القانون الجائر.
وقال البرغوثي في بيانه إن "مصادقة الكنيست على قانون ضم الضفة الغربية وفرض السيادة على مستوطنة (معاليه أدوميم) شرق القدس، عدوان فاضح على القانون الدولي، ويجب الرد عليه بفرض عقوبات ومقاطعة شاملة لإسرائيل".
وأضاف: "لم يعد هناك مبرر للدول التي تزعم دعمها لحل الدولتين للاستمرار في الصمت والتقاعس عن فرض العقوبات على إسرائيل، خاصة في ظل جرائم الحرب التي ترتكبها في قطاع غزة وشروعها الفعلي بضم الضفة الغربية بعد ضمها الجائر للقدس والجولان".
ودعا البرغوثي الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي إلى "فرض عقوبات شاملة على إسرائيل لردعها عن سياسة الضم والتوسع الصهيوني".
دول عربية: الخطوة خرق للقانون الدولي وعلى مجلس الأمن أن يرد
وفي المواقف العربية والإسلامية أدانت دولة قطر مصادقة "الكنيست الإسرائيلي" على مشروع قانون ضم الضفة الغربية، ووصفت الخطوة بأنها "تعدٍ سافر على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية وتحدٍ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية".
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان: إن "هذه الخطوة تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وتستدعي تحركًا عاجلًا من مجلس الأمن والمجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بوقف سياساتها التوسعية والاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الأردنية أيضاً القرار "الإسرائيلي"، معتبرة إياه خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وتقويضًا لحل الدولتين وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.
واستنكرت دولة الكويت بشدة مصادقة الكنيست "الإسرائيلي" على مشروعي القانونين، معتبرة أنهما "يشكلان انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار رقم 2234 الذي يدين الاستيطان ويؤكد عدم شرعيته".
ودعت وزارة الخارجية الكويتية في بيانها مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى "التحرك الفوري لوقف هذه الممارسات غير المشروعة وردع السياسات الإسرائيلية التوسعية"
تركيا: الخطوة "الإسرائيلية" تهدد أمن المنطقة
أما تركيا، فوصفت القرار "الإسرائيلي" بأنه "مثير للاستفزاز ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة".
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن: "الخطوة التي اتخذها البرلمان الإسرائيلي تجاه ضم الضفة الغربية المحتلة تتعارض مع القانون الدولي وهي باطلة ولاغية".
وأضافت: أن "هذه الخطوة المثيرة للاستفزاز، التي تم اتخاذها في وقت تستمر فيه الجهود لتحقيق السلام في غزة، تهدد بيئة الأمن والاستقرار الهشة بالفعل في المنطقة".
الولايات المتحدة: الخطوة تهدد "اتفاق السلام" في غزة
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الأميركي "ماركو روبيو" أن تحركات الكنيست المتعلقة بضم الضفة الغربية، تمثل تهديدا مباشرا لـ"اتفاق السلام" في غزة،
وجاءت تصريحات روبيو قبيل توجهه إلى فلسطين المحتلة للقاء الحكومة "الإسرائيلية"، حيث أوضح أن الرئيس "دونالد ترامب" شدد على أن الخطوات "الإسرائيلية" بشأن ضم الضفة الغربية لا يمكن أن تحظى بدعم واشنطن في الوقت الراهن، مؤكداً أن أي إجراء أحادي من هذا النوع من شأنه تقويض الجهود الأميركية والدولية الرامية إلى تثبيت "اتفاق السلام" في غزة.
وقد جرت الموافقة بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون "تطبيق سيادة دولة إسرائيل على أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية)" بأغلبية 25 نائبًا مقابل معارضة 24 من أصل 120 عضوًا، وهو المشروع الذي قدمه عضو الكنيست "آفي ماعوز" عن حزب "نوعام" اليميني المتطرف، وأُحيل إلى لجنة الخارجية والأمن لمواصلة النقاش فيه قبل طرحه للقراءة الأولى.
أما مشروع القانون الثاني، الذي قدمه زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" "أفيغدور ليبرمان" ويدعو لضم مستوطنة "معاليه أدوميم"، فقد حظي بتأييد 32 عضوًا ومعارضة 9 فقط، وأُحيل بدوره إلى اللجنة نفسها لمناقشته.
وقالت هيئة البث العبرية إن "تصويت النائب يولي إدلشتاين من حزب الليكود لصالح المشروع حسم تمريره"، رغم أن رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" طلب من أعضاء الائتلاف الحكومي الامتناع عن التصويت تنفيذًا لتفاهمات مع الولايات المتحدة.
وأضافت الهيئة أن أحزاب "القوة اليهودية" بزعامة "إيتمار بن غفير"، و"الصهيونية الدينية" بقيادة "بتسلئيل سموتريتش"، و"أغودات يسرائيل" بزعامة "إسحاق غولدكنوبف"، دعمت المشروعين بشدة، ما ضمن تمريرهما بالقراءة التمهيدية.
وتُعد مستوطنة "معاليه أدوميم" واحدة من أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتقع على أراض فلسطينية شرق القدس المحتلة، ويؤدي ضمها إلى عزل شرقي القدس عن محيطها الفلسطيني من الجهة الشرقية، ويقسم الضفة الغربية فعليًا إلى قسمين، ما يعني تقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
وفي حال إقرار القانونين بشكل نهائي، فإن ذلك يعني إنهاء فعليًا لأي إمكانية لتنفيذ مبدأ "حل الدولتين" الذي نصت عليه قرارات الأمم المتحدة ويدعمه المجتمع الدولي.