نظمت شبكة "صامدون" في فلسطين المحتلة، بالشراكة مع مؤسسات فلسطينية وشبابية داخل فلسطين وفي الشتات، الندوة الثانية عشر من سلسلة البديل الثوري بعنوان "فلسطين في مواجهة مشاريع التصفية والإلغاء والعنصرية".
الندوة، التي أقيمت أمس الأحد، عبر تطبيق "زوم"، ركّزت على واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والتحديات السياسية والاقتصادية الراهنة التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين، ودور فلسطينيي لبنان في استنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية في الشتات، وعلى مستوى المشروع الوطني.
الشباب.. عنوان التصدي لمشاريع تصفية القضية الفلسطينية
بدأ عضو المجلس الوطني الفلسطيني صلاح صلاح، حديثه من المرحلة التي تلت النكبة مباشرة، حيث شرح الأوضاع المأساوية التي عاشها اللاجئون الفلسطينيون.
واعتبر صلاح أن الجانب الخطير في هذه المرحلة هو أن تقديرات العدو تمثلت في أنه بظل الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، يمكن اختصار قضية فلسطين باعتبارها قضية لاجئين، بمعنى، أن تصفية قضية اللاجئين باب لتصفية القضية الفلسطينية.
وأوضح أنه انطلاقاً من هذا التقدير، بدأت تطرح سلسلة مشاريع لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين كمدخل لتصفية القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن هذه المشاريع جميعها كانت تطرح تحت ثلاثة عناوين: توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان التي يتواجدون فيها، تهجيرهم إلى بلد آخر ثالث يقبل بهم، والعنوان الثالث تجنيسهم في أي بلد يقبل بذلك.
ولفت إلى أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وفي ظل هذه المشاريع، التي كانت تغدق عليها أموال هائلة جداً، كانت جاهزة للتنفيذ، أي أنها كانت مستعدة للخروج عن دورها الإنساني، لتكون أداة تنفيذ لحل سياسي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد صلاح أن الشباب، الذي لم يتجاوز العشرين حينها، ومعه بعض المدرسين، هم الذين أخذوا الدور الذي تخلت عنه القيادات السابقة، المتمثل بالتصدي لتلك المشاريع.
وشدد صلاح أن الشباب قادر أن يلعب دوراً، لكن المهم أن يثق بنفسه، فـ "الثورات نتيجة تراكم نضالات سياسية وجماهيرية وشعبية متعاقبة متواصلة تصل بالأخير إلى مرحلة الثورة المسلحة".
الأوضاع الصعبة لا يجب أن تكون مبرراً
وفي السياق، أشار صلاح إلى أن النضال الوطني الفلسطيني لم يمر بسهولة، إذ كانت الأنظمة العربية ضده.
وأوضح أنه على سبيل المثال، في لبنان، كان النشاط السياسي يصطدم مع أجهزة الأمن، كما صدر قانون الأحكام العرفية بعد ثورة عام 1958، والذي وجدت فيه السلطات اللبنانية فرصة للتصدي للنشاط السياسي المتطور والنامي في المخيمات الفلسطينية، والذي بدأت تبرز مؤشرات بأنه من الممكن أن يتطور إلى عمل عسكري.
وأكد صلاح: "الصعوبات لا يجب أن تقل من قدرة الشباب وفعاليتهم للتغلب عليها، ويجب أن لا تكون ذريعة أو تبريراً للقول بأن هناك هنا ظروفاً صعبة خلينا نقعد..".
كما قارن بين الأوضاع في تلك المرحلة، وبين وضع المخيمات الفلسطينية اليوم، قائلاً: "أنت ترى الوضع المأساوي الآن، عايش ببيت.. تذكر وضع الفلسطينيين بعد النكبة مباشرة.."، موضحاً أن قانون الحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية في لبنان ليس بجديد، بل كان منذ وجود اللجئين الفلسطينيين في هذه البلاد.
الرهان على الشباب
ومع إتيان الثورة الفلسطينية، برز التحول الكبير في المخيمات الفلسطينية، التي تحولت إلى حاضنة للثورة، وبدأت القضية الفلسطينية معها تطرح كقضية تحرر وطني، بحسب صلاح.
ودعا الشباب إلى إعادة قراءة التاريخ الفلسطيني والوقوف عند الصور البطولية الرائعة، والدور المميز للشباب.
وبحسب صلاح فإن اتفاق أوسلو الذي بدأت مؤشراته منذ البرنامج المرحلي 1974 مروراً بعام 1988 ووصولاً إلى أوسلو، انطوى على تنازلات كبيرة في القضية الفلسطينية، لا نزال ندفع ثمنها الغالي، إذ إن اتفاق أوسلو أدى إلى تصفية القضية الفلسطينية والتنازل عن كافة الحقوق الفلسطينية.
وأشار صلاح إلى أن الخيار الوحيد المطروح أمام القيادة الفلسطينية يتمثل في تنفيذ القرارات الصادرة بعدم الالتزام بالقرارات الدولية، وسحب الاعتراف بكيان الاحتلال الإسرائيلي، والوقف الفعلي للتنسيق الأمني.
وأوضح أن "الخطوة التي تريج وتطمئن بأنكم تخليتم عن الرهان على خيار التسوية السياسية الخطوة المطلوبة هي الدعوة إلى اجتماع لكل الفصائل والقوى الفلسطينية حول طاولة واحدة للبحث أولاً عن تصفية كاملة للمرحلة السابقة، وثانياً الوصول إلى رؤية سياسية في برنامج سياسي جديد يعيد الاعتبار لجوهر منظمة التحرير الفلسطينية الذي يشكل أرضية للوحدة الوطنية الفلسطينية".
واعتبر صلاح أن الرهان هو بشكل أساسي على الشباب، ودعاهم إلى البحث عن الطريقة المناسبة لإعادة تجميع كل قواهم ليتمكنوا من أن يلعبوا دورهم كعنوان وقيادة للمرحلة القادمة.
التعويل على الوعي الشبابي في رفض التسويات المجحفة
بدوره، قال أسامة العلي، الناشط في النادي الثقافي الفلسطيني العربي في مخيم البداوي: إن هناك جيلاً بعد اتفاقية أوسلو رفض أي شكل من أشكال التسوية مع العدو الصهيوني.
هذا الجيل، بحسب علي، كان متمثلا بشباب الجامعات، حيث بدأت المبادرات الشبابية في أكثر من جامعة في لبنان لتشكيل كيانات شبابية مستقلة ممولة من المنتسبين وتضع توجهاتها ومشاريعها الخاصة المبنية على أساس فكرة الكفاح المسلح والمقاومة حتى تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني.
وأشار العلي إلى أن واقع المخيمات الفلسطينية هو واقع متروك ومهمش بعد اتفاقية أوسلو، موضحاً أن هناك شيئاً متعمداً لإضعاف المخيمات الفلسطينية.
واعتبر العلي أن المعول عليها هي التحركات الشبابية المستقلة، غير المرتهنة إلى تمويل خارجي، والمنتشرة في جميع مخيمات لبنان وفي جامعاته، والتي تؤكد في مجملها على هوية الفلسطيني الثائر الرافض لنهج التسوية في العدو الصهيوني، والرافض على أي جزء من فلسطين.