من جديد، تفقد غزّة وردةً من ورودها، طفلٌ لم يبلغ عامه الأوّل بعد في داخل هذا القطاع المُحاصر بشتّى الطرق ومن كافة الجهات، طفلٌ قتله الاحتلال "الإسرائيلي" كعادته في ازهاق الأرواح، ولكن هذه المرّة ليس بالسلاح التقليدي المعروف، بل بسلاح الحرمان، والتهميش، والقسوة، واللامبالاة.

صباح يوم الخميس الموافق 18 يونيو/ حزيران الجاري، فقد الطفل الرضيع عُمر أحمد جهاد ياغي (9 أشهر) روحه في مستشفى الرنتيسي في مدينة غزة، بعد حرمانه من حقه في الحصول والوصول للعلاج في مستشفيات الداخل المُحتل عام 48.

عُمر كان يُعاني من مرضٍ في القلب منذ ولادته، وبدأ رحلة العلاج في الخارج منذ الشهر الأول من ولادته في مستشفى "تل هاشومير" بالداخل المحتل، وخضع لعدة عمليات في القلب، وبعد محاولاتٍ عديدة لسفره لتكملة العلاج لم يتمكن من السفر لعدم حصوله على تصريح للسفر، وحصل على موعد آخر بتاريخ 21/06/2020، لنفس المستشفى، إلا أن حالته ساءت وقلبه لم يحتمل الانتظار وأغمض عينيه إلى الأبد.

ومنذ وفاة الرضيع عُمر، والدموع تلازم عائلته التي بالكاد تصدق خبر فقدان رنين ضحِكاته إلى الآن، إذ قالت جدّته لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "ايش ذنبهم هدول يلي صفيوا هيك؟، تسكّر الطرق والمعابر عند ما قربت تصير عمليته.." وأكملت عنها دموعها بقيّة القصّة.

101.jpg

وبعد ثوانٍ من التنهيد، تابعت الجدّة: "من أول يوم العيد وهو لازم يسافر، بس ما في تنسيق، تِعبْ، وتشنّج، ومِرضْ، وراح على مستشفى الرنتيسي ونام 6 أيام ونطارد فيه من هان لهان.. الله يرحمه".

جد عُمر بدا غضبه واضحاً ممّا جرى من نبرة صوته المرتفعة إلى حدٍ ما خلال حديثه، قال لموقعنا: "تواصلنا مع عدة مؤسسات بما فيها الصليب الأحمر الدولي على أساس إنو الولد وضعه الصحي صار خطير، فبلغونا انو يوم 19 الشهر بدهم يدخلوه إلا إنهم في نفس الليلة اتصلوا فينا بنص الليل وقالوا ما في إمكانية برضو الإسرائيليين رفضوا".

102.jpg

وأضاف الجد حديثه عن حفيده أبيض البشرة وصاحب الوجه الضاحك: "الساعة 2 في الليل صار عنده تشنّج ونقلوه على مستشفى الرنتيسي وتوفاه الله"، مُؤكداً أنّ "العدو الصهيوني هو الذي يتحمّل المسؤولية الكاملة عمّا جرى لعُمر".

كما حمَّل محمد ياغي وهو عم الطفل عمر، يوم أمس الأربعاء، خلال اتصالٍ هاتفي أجراه "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، الاحتلال الصهيوني "المسؤولية الكاملة عن وفاة ابن أخيه لأنّه المسيطر على المعابر والمتحكم في حركة الأفراد".

وطالب ياغي المنحدر من قرية المسمية الكبيرة وهي قرية فلسطينية هُجر أهلها في نكبة عام 1948 وتقع جنوب فلسطين بين يافا والرملة والقدس، خلال حديثه لموقعنا "برفع المنع عن حركة الأطفال وخاصة المرضى الذين هم بحاجة ماسة لتلقي العلاج، ويجب ألا يكون الأطفال ضحية لأي صراع سياسي، بعيداً عن استغلال حاجتهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي".

وبحسب مركز الميزان، فإن "الأوضاع الصحية للمرضى الفلسطينيين في قطاع غزة، تتفاقم جراء القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، والتي تسببت بمعاناة مضاعفة لمرضى قطاع غزة أفضت في كثير من الأحيان إلى الوفاة، وعلى هذا الصعيد، تشير أعمال الرصد والتوثيق التي يواصلها مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أنه ومنذ بداية العام الجاري 2020، توفي (3) مرضى من سكان قطاع غزة جراء منع ومماطلة قوات الاحتلال منحهم التصاريح اللازمة للسفر وتلقي العلاج، من بينهم طفل وسيدة".

قطاع غزة-خاص/ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد