دعا مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، اليوم الخميس 25 يونيو/ حزيران، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أنّ "تبني موازنتها العامة على مصادر مالية مستدامة، بدلاً من نهجها الحالي المتمثل بتدبير أمورها مالياً شهراً بشهر، وأهمية أن تنطلق الوكالة في حملة عالمية لتأمين تغطية عجزها المالي، والتحذير من المس بكمية ونوعية الخدمات التي تقدمها لمنتفعيها من اللاجئين الفلسطينيين".
وأكَّد المجتمعون خلال المؤتمر الذي عُقد اليوم في القاهرة، على أنَّ "تكرار الأزمة المالية "لأونروا" يستدعي من الأمين العام للأمم المتحدة إدراج مُوازنة الوكالة ضمن الموازنة العامة للأمم المتحدة، أو رفع نسبة المساهمة المالية للأمم المتحدة، بما يُغطي قيمة العجز المالي كأحد الخيارات لتحقيق الاستقرار المالي للوكالة"، لافتين إلى أنّ "الدول العربية المضيفة للاجئين لها دور كبير في حماية المجتمعات من تفشي فيروس كورونا والتي فرضت عليها أعباء إضافية".
كما وطالبوا وكالة "أونروا" بضرورة "إجراء تقييم لإجراءاتها الصحية السابقة في التعامل مع فيروس كورونا في أوساط المخيمات واللاجئين، ووضعها خطة لحماية المخيمات والتعاطي مع الفيروس حال تفشيه مما يستوجب عليها في ظل تحذيرات منظمة الصحة العالمية في ظل توقع موجه جديدة أكثر فتكاً من السابقة"، وعلى "الدول العربية سرعة تقديم التزاماتهم المالية بنسبة 7.73% من موازنة أونروا".
كما دعوا "الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية إلى استكشاف جميع السبل والوسائل الممكنة لتوفير تمويل كبير وكاف لميزانية برامج أونروا لتمكينها من تقديم خدماتها الأساسية"، مُطالبين "جامعة الدول العربية باستخدام جميع القنوات الممكنة في لقاءاتها على الصعيد الدولي للدعوة لدعم وكالة أونروا وتسليط الضوء على الدور الهام الذي تلعبه في خدمة اللاجئين الفلسطينيين وتحقيق أمن واستقرار المنطقة".
وحذّر المجتمعون من "تداعيات تنفيذ مخطط ضم إسرائيل أراضٍ في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، على الأمن والسلم في المنطقة ككل، لأن من شأنه أن ينهي حل الدولتين ويضع حداً نهائياً للعملية السلمية، ويغلق الباب أمام أي جهود أو مؤتمرات دولية أو إقليمية لدفع العملية السلمية"، مُثمنين "موقف الاتحاد الاوروبي الرافض لمخطط الضم الاسرائيلي، واعتباره انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وسيتسبب في ضرر حقيقي لحل الدولتين، ويغلق الباب أمام الجهد الدولي لدفع عملية السلام في المنطقة (والذي ورد على لسان الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية)، الذي أشار إلى أنّ قرار الضم سيؤثر سلبياً على الاستقرار الاقليمي وعلاقة الاتحاد بإسرائيل، وكذلك مع الدول العربية، وربما على أمن اسرائيل، وأن موضوع الضم غير قابل للتفاوض وستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الاتحاد الاوروبي واسرائيل".
كما طالبوا "الاتحاد الأوروبي باتخاذ قرارات عملية ضاغطة على حكومة الاحتلال الاسرائيلي من خلال إعادة النظر في اتفاقية الشراكة وإخراج إسرائيل من خطة "أوفك" 2027 وإلغاء اتفاقية السماء المفتوحة"، مُؤكدين وقوفهم "إلى جانب الموقف الفلسطيني الرافض لـ"صفقة القرن" بما تحمله من خطر كبير بتصفية القضية الفلسطينية، وعلى حق تقرير المصير، وعلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وعلى سلامة الاراضي الفلسطينية، وتواصلها جغرافيا وحماية مقدساتها، وفي مقدمتها مدينة القدس وعلى إقامة الدولة الفلسطينية وُفقاً لحل الدولتين".
ورحب المجتمعون "بمُعارضة أكثر من "140" عضواً في الكونغرس الاميركي لهذا المخطط، داعين بانضمام عدد اكبر من الاعضاء للتوقيع على مذكرة الرفض، والطلب من الادارة الاميركية التراجع عن إعلان الصفقة المذكورة، وسحبها لما تمثله من انتهاك صارخ لحقوق الشعب الفلسطيني، ولما يمثله من إشعال لصراع لسنوات طويلة قادمة"، مُطالبين الدول العربية "بالعمل الفوري لتفعيل شبكة الأمان العربية وفقاً لقرارات القمة العربية لما يُعزز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة مخططات الاحتلال العنصرية لتصفية القضية الفلسطينية".
وأدانوا "استمرار قيام السلطات الإسرائيلية بأعمال في الحائط الغربي للمسجد الأقصى الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من المسجد، والتأكيد على أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى هي السلطة الوطنية صاحبة الاختصاص الحصري في إدارة جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك بموجب القانون الدولي، وأن جميع أعمال الصيانة والترميم في المسجد البالغة مساحته 144 دونماً، بما في ذلك الأسوار، هي ضمن الصلاحيات الحصرية لإدارة أوقاف القدس، وتحميل إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، كامل المسؤولية عن سلامة المسجد وأسواره"، في حين أدانوا أيضاً "إعلان سلطات الاحتلال بناء 2200 وحدة سكنية جديدة في المستوطنة المقامة في جبل أبو غنيم في القدس الشرقية المحتلة، وبناء 3000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنة المسماة جيفعات همتوس في القدس الشرقية المحتلة، وإدانة السياسات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تشمل بناء المستوطنات وتوسيع القائم منها وسياسة الاستيلاء على الأراضي، وأن جميع هذه الإجراءات الأحادية غير الشرعية تمثل خرقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني والقرارات الدولية، وطالب المجتمعون المجتمع الدولي باتخاذ موقف جاد لوقف الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية التي تقوض حل الدولتين وتقتل فرص السلام".
وفي البيان الختامي، أدان المشاركون "موافقة السلطات الإسرائيلية على مد القطار السريع الواصل بين تل أبيب والقدس إلى البلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، وإقامة محطات للقطار في البلدة القديمة".
واعتبر المؤتمر أنّ "هذه الخطوة أحادية الجانب تعد انتهاكاً سافراً للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، ولقرارات الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وأن على إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، التقيّد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الذي يعتبر القدس الشرقية أراض محتلة منذ عام 1967، وعدم المساس بطابعها وهويتها واحترام الوضع القائم التاريخي والقانوني فيها"، كما أدان المؤتمر "مخططات وزارة الإسكان الإسرائيلية لإقامة حي استيطاني ضخم على أراضي مطار القدس الدولي (قلنديا) المهجور شمالي القدس".
ورحبوا "بإصدار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بتاريخ 12/2/2020 ،"قائمة سوداء" بأسماء 112 شركة تمارس أنشطة تجارية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان، وتعد مخالفة للقانون الدولي، وتشمل القائمة 94 شركة إسرائيلية و18 شركة من ست دول أخرى، تعمل بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء أو بطرق التفافية في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ومن ضمنها القدس، والجولان السوري المحتل، ودعوة كافة دول العالم إلى حظر التعامل مع تلك الشركات".
كما رحَّب المؤتمر، بقرار "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ECHR بالإجماع بتاريخ 11/6/2020 بخصوص القرار الذي اتّخذته المحكمة الفرنسية العليا ضد نشطاء حركة مقاطعة إسرائيل BDS في فرنسا، معتبرة إيّاه انتهاكاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، الأمر الذي يترتب عليه تبعاتٌ كبيرة في أوروبا، خاصةً على الإجراءات التي تمارسها الدول المُعادية لحركة المقاطعة BDS بما فيها ألمانيا، حيث يواجه النشطاء والمتضامنون مع القضية الفلسطينية قيوداً صارمة على حقوقهم المدنية، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يُعاقب الاحتلال على جرائمه".
وناقش المجتمعون موضوع اللاجئين الفلسطينيين والاستهداف الأمريكي لقضية اللاجئين بإعادة تعريف اللاجئ وتحديد عدد اللاجئين، بالإضافة إلى "نشاط أونروا" من جوانبه المختلفة، وأهمية استمرار ولاية "أونروا" وقيامها بالدور المنوط وخطورة وتداعيات الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة والعجز البالغ في موازنة الوكالة للعام 2020 بمبلغ مليار دولار.
وناقش المؤتمر أيضاً أثر تفشي فيروس "كورونا" على تحميل الوكالة لأعباء إضافية وانعكاسات ذلك على اضطرار الوكالة لتخفيض موازنة البرامج بنسبة 10% من 806 مليون دولار إلى 726 مليون دولار.
وجاء مؤتمر "التعهدات المستمرة للدول المانحة" أول أمس الثلاثاء، الذي عقد في مدينة نيويورك الأمريكية في سبيل إيجاد حلول للأزمة المالية التي تعاني منها وكالة "أونروا" مُخيباً للآمال بمعنى الكلمة كما كان متوقعاً، إذ لم تستطع الدول المشاركة في المؤتمر سوى جمع 130 مليون دولار فقط على شكل تعهدات وليس مبالغ نقدية، من أصل عجز مالي للعام الحالي يصل إلى 400 مليون دولار.
وتكمن الخطورة في أن تداعيات كارثية ستطال مرافق حيوية متعلقة بالخدمات التي تقدمها وكالة "أونروا"، في مناطق عملياتها الخمسة، جرّاء هذه الأزمة المالية الخانقة.