يعد المخيم أكبر شاهد على حكاية اللجوء الفلسطينية. إذ ولد مع ولادتها، وعاش معها، ولا يزال، أفراحاً وأتراحاً طوال رحلة امتدت لما يربو عن سبعة عقود، طرأت على أحوال اللاجئين الفلسطينيين فيها تقلبات ومحطات عديدة ومتغيرة.

وللجوء الفلسطيني في لبنان خصوصية تكمن في معايشته ذروة الثورة الفلسطينية وعملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذروة الهزيمة والإحباط بإخراج الفدائيين الفلسطينيين من لبنان عقب اجتياح 1982.

سنون كانت المخيمات فيها خزان الثورة وعدتها، وكانت كذلك ضحية مجازر واعتداءات مأساوية، قبل أن توقع اتفاقية أوسلو، وتعزل اللاجئين الفلسطينيين عن أي عمل مقاوم مباشر ضد الاحتلال.

لكن هذا العزل الإجباري الذي فرض على اللاجئين، لم يخفف من قوة الارتباط بالوطن، أو التفكير بغير حق العودة واستعادة كامل التراب الوطني الفلسطيني.

ومن ضمن مخيمات لبنان الممتدة من جنوبه إلى شماله، مروراً بالعاصمة بيروت، يبرز مخيم عين الحلوة، "عاصمة الشتات الفلسطيني"، البعيد عن فلسطين المحتلة 67 كلم، أكبر مخيمات لبنان من حيث المساحة وعدد السكان، والشاهد على أحداث كان لها شديد الأثر في رسم معالم التاريخ الفلسطيني المعاصر.

تعود تسمية المخيم إلى عين ماء عذبة كانت في المكان حيث أُقيم المخيم. وعندها، بدأ اللاجئون الفلسطينيون يتجمعون إثر النكبة للاستفادة من مياه العين العذبة، إلى أن استأجرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عقاراً شيد عليه المخيم الحالي، فانتقل اللاجئون إليه حاملين معهم اسم العين.

هذا التقرير يروي جزءاً من تاريخ هذا المخيم، ومختلف المراحل والمحطات التي عاشها اللاجئون الفلسطينيون فيه، وصولاً إلى الأحوال اليوم.

مخيم عين الحلوة - 1.jpg


 

نشأة المخيم

أنشأ مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا في عام 1948، على أرض كانت بالأصل معسكراً للجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف إيواء اللاجئين من مدن عمقة وصفورية وشاب وتايتابا والمنشية والسميرة والنهر والصفصاف وحطين ورأس الأحمر والطيرة وترشيحا في شمال فلسطين عقب حملات التطهير العرقي والتهجير التي ارتكبتها بها العصابات الصهيونية.

بعد أربعة أعوام، بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عملياتها في المخيم، وعملت تدريجياً على استبدال الخيام بمساكن اسمنتية.

إبان تلك الفترة، كانت 69% من موازنة "أونروا" تذهب لتمويل عملياتها في مجال الإغاثة، حيث قامت الوكالة، منذ مطلع الخمسينيات، بعمليات توزيع شاملة للحصص التموينية، والتي اشتملت على مواد أساسية مثل دقيق القمح والأرز والجبنة والصابون، وبالقدر الذي تسمح به التبرعات، كان يتم إضافة الملابس والأحذية وملاءات الفراش والأدوات المنزلية.

سنوات اللجوء الأولى واستبداد "المكتب الثاني"

كانت المخيمات الفلسطينية واقعة تحت سيطرة الشعبة الثانية في المخابرات اللبنانية، أو ما يعرف بـ "المكتب الثاني"، الذي استبد بالفلسطينيين، وعاملهم كـ "خارجين عن القانون" و"معادين للنظام اللبناني".

انتشرت مكاتب الشعبة الثانية في جميع المخيمات، وفرضت قوانين عنصرية لاإنسانية على اللاجئين، إذ كان دركي لبناني واحد قادراً على التحكم بأهل المخيم جميعاً، وله صلاحيات باعتقال أي لاجئ بسبب أو بدون سبب.

وصلت حدة استبداد المكتب الثاني إلى حظر سهر اللاجئين إلى ما بعد التاسعة ليلاً، ومنع أكثر من شخصين السير معاً في طرقات المخيم، تحت ذريعة "منع التظاهر".

وفي مقالة بعنوان " أن تكون فلسطينياً… في لبنان"، للسينمائي الفلسطيني، نصري حجاج، الذي ترعرع في مخيم عين الحلوة، وشهد على فترة حكم "المكتب الثاني"، أوضح أنه كان على اللاجئين الذين يرغبون في زيارة أقارب لهم في مخيمات أخرى التقدم بطلب لدى مراكز "المكتب الثاني" في مخيماتهم، مع إبراز هوياتهم وأسماء أقاربهم الذين يودون زيارتهم وعناوينهم وأعمالهم ودرجة القرابة، مع تحديد فترة الزيارة وأسبابها.

ثم يحصل هؤلاء، وفق حجاج، على تراخيص الزيارة مختومة بختم الدولة. وعندما يصلون إلى المخيم هدف الزيارة، عليهم قبل الذهاب إلى أقاربهم مراجعة فرع "المكتب الثاني" في ذلك المخيم وإبراز التصريح وتقديم المعلومات نفسها عن الأقارب.

ولإيضاح مدى تسلط عناصر "المكتب الثاني"، كتب حجاج: "أتذكر الدركي الذي كرهه اللاجئون في مخيمنا (عين الحلوة) واسمه سركيس. كان يعاقب النساء اللواتي يرشقن ماء الغسيل في الأزقة أمام بيوتهن التي لم تكن غير أزقة ترابية في سنوات اللجوء الأولى، عندما لم تكن هناك مجارٍ ولا بنية تحتية. وكان العقاب دفع خمس ليرات لبنانية، كانت في ذلك الوقت تشكل ثروة، تفوق قدرة عائلات كثيرة".

وفي واقعة أخرى، قال حجاج: "وأتذكر حين خرج جارنا محمد الحمود من بيته إلى دكان قريب في الحارة وهو يرتدي بيجامته المقلمة، وصودف مرور سركيس ودركي آخر في دورية عادية، فناداه سركيس وصفعه على وجهه صفعة أشعرته بالذل، لأنه يخرج من بيته الى الدكان الذي لا يبعد أكثر من 20 متراً، وهو يرتدي بيجامته التي تستر كل جسده".

أما في ما يتعلق بالنشاط السياسي، فكان ممنوعاً بشكل كامل، وكان مصير أي فلسطيني يضبط متلبساً بأي نشاط سياسي السجن، بغض النظر عن نوع النشاط.

كانت فترة حكم "المكتب الثاني" من أصعب الفترات التي عاشها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم عين الحلوة، والمخيمات الفلسطينية عموماً، حيث منع تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين، والنشيد الوطني الفلسطيني أو رفع العلم الفلسطيني أو خريطة فلسطين في المنازل وخارجها.

اعتقل وعذب آلاف الفلسطينيين خلال تلك الفترة، وكان من بين المعتقلين الشهيد ناجي العلي، والدكتور جورج حبش، والمناضل أبو ماهر اليماني والمناضل صلاح صلاح وغيرهم كثيرون.

لكن التاسع من شهر كانون الثاني/يناير من عام 1966 كان شاهداً على أول شهيد فلسطيني في لبنان داخل أقبية مخابرات المكتب "الثاني اللبناني" في منطقة اليرزة، وهو الشهيد جلال كعوش، الذي سكن مخيم عين الحلوة عقب تهجيره من قريته مبرون في صفد.

جلال كعوش.jpg
جلال كعوش أول شهيد فلسطيني على الأراضي اللبنانية

 

سلم رجال المكتب الثاني اللبناني كعوش جثة هامدة إلى ذويه، وأصدرت وزارة الدفاع اللبنانية بلاغاً حول مقتله اعترفت فيه باعتقاله من "مخيم عين الحلوة، الواقع ضمن المنطقة العسكرية للتحقيق معه بقضية تتعلق بسلامة القوى العسكرية"، وأنه "أثناء التحقيق معه، غافل المحققين وقفز من غرفة التحقيق في طابق علوي، محاولاً الفرار، فأصيب بجراح ورضوض" انتهت بوفاته بعد ثلاثة أيام.

ولكن الكشف الطبي أشار أنه تعرض لكدمات عنيفة كانت السبب في نزيف حاد عجز الأطباء عن السيطرة عليه، مما تسبب في وفاته.

انتهت سني "المكتب الثاني" المأساوية مع اتفاق القاهرة في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1969، الذي أعطى الشرعية لوجود وعمل المقاومة الفلسطينية في لبنان من خلال الاعتراف بالوجود السياسي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية والتأكيد على حرية العمل الفدائي انطلاقاً من أراضي لبنان، إضافة إلى نزع السيطرة اللبنانية على المخيمات الفلسطينية، وجعلها بيد منظمة التحرير.

أبو عمار وعبد الناصر.jpg

عين الحلوة ملجأ للفلسطينيين داخل لبنان..

في عام 1974، دمرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مخيم النبطية بشكل كامل. وكان المخيم يتعرض لغارات متواصلة منذ عام 1969، بحجة استهداف الفدائيين الفلسطينيين. ووفق "أونروا"، أصابت غارات الاحتلال 80% من المساكن التي شيدتها بالقوالب الخرسانية، والتي كان يقيم فيها أكثر من 3 آلاف لاجئ فلسطيني.

وفدت جموع من مخيم النبطية، المهجرين بفعل غارات الاحتلال، إلى مخيم عين الحلوة، لتزداد بذلك الكثافة السكانية.

تبع ذلك، لجوء فلسطيني من مخيمي البداوي ونهر البارد، في عام 1983، ومن مخيمات بيروت عام 1985، ومع هذه الهجرات المتوالية أصبح عين الحلوة يتسم بالكثافة السكانية العالية وصار أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث عدد السكان.

مقاومة شرسة خلال الاجتياح الإسرائيلي

في عام 1982، وصل جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى شمالي صيدا، وتعرضت المدينة آنذاك إلى قصف جوري كثيف، راح ضحيته كثير من المدنيين.

تبع ذلك قتال مطول وشرس في مخيم عين الحلوة، خصوصاً عندما تحصن فدائيون فلسطينيون في مسجد انتهى بتفجيره بشكل كامل من قبل الاحتلال.

القيادي في جيش الاحتلال، دوف يرميا، والذي شارك في الاجتياح، شبّه كثافة الغارات والقصف على عين الحلوة بكمية القنابل المستخدمة في الحرب العالمية الثانية، واصفاً الدمار بأنه 100%.

الاجتياح.jpg

 

ويروي المؤرخ الإسرائيلي، جلعاد بئيري: "..كانت مخيمات اللاجئين محصنة بشكل كبير، ومليئة بالمخابئ ومواقع إطلاق النار. اعتمد الدفاع الفلسطيني في عين الحلوة ومخيمات اللاجئين الأخرى على أسلحة مضادة للدبابات محمولة يدوياً مثل "آر بي جي". لم يكن جيش "الدفاع" الإسرائيلي على استعداد لهذا النوع من القتال ، حيث كان في متناوله بشكل رئيسي قوات مدرعة مخصصة للاستخدام في المناطق المفتوحة. أعاقت المنطقة المبنية الأسلحة بعيدة المدى، وخلقت المساواة بين الدبابة و RPG (غالباً ما كان يحملها فتيان يبلغون من العمر 13 أو 14 عاماً) ، وزاد عدد الضحايا الإسرائيليين.. عطلت المقاومة الفلسطينية بشكل خطير الجدول الزمني للتقدم السريع المخطط له إلى بيروت. استغرق الأمر ثمانية أيام قبل التكسير النهائي للمقاومة في عين الحلوة. كانت الطريقة التي اعتمدها الجيش هي استخدام مكبرات الصوت لدعوة السكان المدنيين للابتعاد، وتفتيش المنازل واحداً تلو الآخر، وتطويق نقاط المقاومة النشطة المتبقية وإخضاعها بنيران ساحقة". والكلام للمؤرخ الإسرائيلي.

خلال فترة الثمانينات، كانت معظم المخيمات الفلسطينية تحت سيطرة الجماعات الفلسطينية المدعومة من سوريا. وفي أواخر ذلك العقد، انتقل أعضاء حركة فتح أبو عمار، بعد طردهم من كثير من المخيمات، إلى عين الحلوة.

وبعد قتال صراع دام ثلاثة أيام مع ما يسمى المجلس الثوري، بقيادة صبري البنا أبو نضال،  تمكن أعضاء فتح من السيطرة على عين الحلوة. وبحلول عام 1993، اكتسبت مجموعة أخرى بقيادة أكبر قائد عسكري لفتح في المخيم، العقيد منير مقدح، المعروف باسم لواء 13 سبتمبر الأسود، الهيمنة على أعضاء فتح الرئيسيين في المخيم. كانت هيمنة مقدح قصيرة الأجل حيث عاد إلى فتح عام 1998 بعد أن بدأت السلطة الفلسطينية في تمويل المخيم مرة أخرى.

انعدام الاستقرار الأمني

في يوم الثلاثاء، الموافق للثامن من شهر حزيران/يونيو 1999، هزت مدينة صيدا جريمة اغتيال لأربعة قضاة على قوس "محكمة جنايات لبنان الجنوبي" في قصر العدل القديم. بعد 20 عاماً، أصدر المجلس العدلي قراراً قضائياً غيابياً قضى بإعدام ستة متهمين فارين من العدالة بجريمة اغتيال أربعة قضاة في صيدا بجنوب لبنان قبل عشرين عاماً.

وجرت محاكمة هؤلاء الستة، المنتمين إلى "عصبة الأنصار"، غيابياً لتواريهم عن الأنظار في مخيم عين الحلوة.

في شهر أيار/مايو من عام 2003، اندلعت اشتباكات بين عصبة "النور" وعناصر حركة فتح في عين الحلوة، قتل فيها قائد العصبة، عبدالله شريدي، ليخلفه شقيقه الأصغر، محمد، والذي قتل في وقت لاحق على يد حركة فتح في شباط/فبراير 2004.

وخلال تلك الاشتباكات، هاجم نحو 200 عنصر من العصبة مكاتب فتح، ليقتل 8 أشخاص ويصاب نحو 25، حيث أغلقت المدارس في المخيم وأغلقت معظم المتاجر، ونزح المئات من سكان المخيم.

وفي 3 حزيران/ يونيو عام 2007، أطلق "جند الشام" قذيفة صاروخية على حاجز للجيش اللبناني بالقرب من صيدا ، مما دفع الجيش اللبناني إلى الرد على الاشتباكات في المخيم. وأتت الاشتباكات بعد ثلاثة أسابيع من بداية الحرب في مخيم نهر البارد، حيث شن الجيش اللبناني حملة عسكرية واسعة ضد "فتح الإسلام".

بعد عام، وتحديداً في شهر آذار/مارس، اندلعت اشتباكات بين حركة فتح و"جند الشام"، واندلعت اشتباكات مماثلة في عام 2011.

مع بدء الأزمة السورية، نزحت مئات العائلات الفلسطينية من سوريا إلى مخيم عين الحلوة.

اشتباكات في عين الحلوة.jpg

 

شهد شهر تموز/يوليو من عام 2014 انتشاراً للقوة الأمنية المشتركة في مخيم عين الحلوة بموجب اتفاق بين الفصائل الفلسطينية في آخر آذار/مارس، من العام نفسه، على تحييد المخيم عن الصراعات السياسية والطائفية في لبنان، والتشديد على الأمن عن طريق تفعيل دور القوة الأمنية المشتركة.

بعد شهر، نشر تسجيل فيديو يظهر وجود الفنان فضل شاكر في مخيم عين الحلوة بعد تصفية الجيش اللبناني لجماعة أحمد الأسير في معركة عبرا بمدينة صيدا في العام 2013، وقد أصدر القضاء العسكري في صيف العام نفسه مذكرة غيابية بتوقيف شاكر والأسير على خلفية الصدامات المسلحة الدامية بين أنصار الأسير والجيش.

في تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، فرت مجموعة من المسلحين المطلوبين للقضاء اللبناني والمحسوبين على تنظيم القاعدة من مدينة طرابلس إلى مخيم عين الحلوة، ومن بينهم شادي المولوي، وذلك بعد اشتباكات بينه وبين الجيش اللبناني في طرابلس.

في شهر آب/أغسطس من عام 2015، اندلعت اشتباكات داخل المخيم، أدت إلى مقتل عدة أشخاص وجرح تسعمئة آخرين ونزوح أكثر من ألف، وتوجه كثير منهم إلى مخيمات فلسطينية أخرى أو إلى منازل أقاربهم في مدينة صيدا المجاورة.

عقب شهر واحد، قتل العقيد طلال الأردني من الأمن الوطني الفلسطيني بعد إطلاق النار عليه من قبل مسلحين في أحد شوارع المخيم، وسبق ذلك، اغتيال عضو سرايا المقاومة التابعة لحزب الله اللبناني، مجاهد بلعوس، في مخيم عين الحلوة في شهر أيار/مايو، وقبل ذلك بشهر اغتيال مروان عيسى، وهو أيضاً عنصر في سرايا المقاومة.

في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2016، أعلن الجيش اللبناني القبض على عماد ياسين، الذي وصف بأنه أمير تنظيم ما تسمى الدولة الإسلامية "داعش" في المخيم، عقب عملية أمنية في منطقة الطوارئ المحاذية لمخيم عين الحلوة، وذكرت السلطات الأمنية أن ياسين -الذي انشق عن تنظيم عصبة الأنصار وأعلن مبايعته تنظيم الدولة- كان يعتزم تنفيذ عمليات وُصفت بالأمنية في جنوب لبنان.

بعد شهر، قتل الناشط الإسلامي سامر نجمة من "عصبة الأنصار"، تبعته اشتباكات لأيام عدة أودت بحياة مدني وإصابة آخرين في صدامات بين مسلحين من "العصبة" وعناصر من حركة فتح.

كانت الاشتباكات الأعنف في عام 2017، والتي اندلعت بين مجموعة "بلال بدر" وبين حركة فتح، راح ضحيتها بضعة أشخاص، وأحرقت بعض المنازل والمتاجر، كما نزح الكثيرون من المخيم.

عين الحلوة دمار.jpg

 

ومع هذه الأحداث، التي لا يد لسكان عين الحلوة بها من قريب أو بعيد، بل هم الضحايا الأوائل، جسدياً ومادياً، تعرض مخيم عين الحلوة وأهله إلى شيطنة متعمدة، وتصوير المخيم كبقعة لا تحوي سوى "إرهابيين" و"خارجين عن القانون"، وبدأت دعوات تدعو إلى تكرار تجربة نهر البارد 2007.

تبع ذلك فترات هدوء تقطعها بين الحين والآخر اشتباكات محدودة، لحين قتل المتشدد بلال العرقوب في أوائل شهر آب/أغسطس من عام 2019، وذلك بعدما قتل الشاب حسين علاء الدين، الملقب بـ "الخميني"، وهو ملقى على الأرض، خلال مظاهرة جمعة الغضب الثالثة ضد إجراءات وزارة العمل.

جدار حول عين الحلوة

تحت ذريعة الأحداث الأمنية، شرعت الدولة اللبنانية في شهر كانون الأول/أكتوبر من عام 2016 ببناء جدار إسمنتي يحيط بمخيم عين الحلوة.

يبلغ ارتفاع الجدار بين خمسة وستة أمتار، وتقام عليه أبراج مراقبة، وتركز بناؤه في الجهة الغربية بعتبارها "خاصرة رخوة أمنياً" بحسب تعبيرهم. 

جدار حول عين الحلوة.jpg

 

وبحسب الأمن اللبناني، فإن الهدف الرئيس من الجدار يكمن في "حماية الطريق الدولي في محيط المخيم، خصوصاً قوافل قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان حيث تسلكه بين الحين والآخر".

وأثار بناء الجدار استياء فلسطينياً واسعاً، حيث اعتبره كثيرون حلقة من سلسلة التضييقات المتواصلة ضد اللاجئين الفلسطينيين.

حراك وزارة العمل إلى اليوم

مع إعلان وزير العمل اللبناني السابق، كميل أبو سليمان، إجراءات ضد العمالة الأجنبية، بينها الفلسطينية، والتي بدأت فعلياً مع إغلاق مؤسسة "العارف للسيراميك" في منطقة الكورة، عمّت المظاهرات والفعاليات في جميع المخيمات والتجمعات الفلسطينية.

تلك الإجراءات التي هدفت، وتحت عنوان "مكافحة العمالة غير الشرعية"، إلى معاملة الفلسطيني معاملة الأجنبي، وإرغامه بإجازة العمل، على الرغم  من حرمانه من حقوقه الإنسانية والمدنية الأساسية.

كان مخيم عين الحلوة نبض تلك التحركات، وشارك الآلاف من أهله بالمظاهرات وجمع الغضب المتوالية ضد الإجراءات، وكان شاهداً على التضامن اللبناني الشعبي الكبير مع الحقوق الفلسطينية، حينما زار متضامنون لبنانيون المخيم، الذي طالما "شُيطن" وشوهت صورته في الإعلام اللبناني.

مظاهرات ضد اجراءات وزارة العمل.jpg

 

في الأسابيع الأولى للحراك، كان الصدى قوياً وشكلت المشاركة الواسعة وتسليط الإعلام الضوء على هذا الحراك، محلياً ودولياً، أدى إلى إلغاء "مبطن" للإجراءت ضد العمالة الفلسطينية، لكن دون تحقيق أي من المطالب الملحة بالحقوق المدنية والإنسانية الأساسية، وتحديداً حق العمل والتملك وإدخال مواد البناء إلى المخيمات.

مع مرور الأسابيع، وسوء الأداء الفصائلي عموماً، تراجع الحراك حتى توقف بالكامل، إلا أن دخل لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة، كان انعكاسها كبيراً على اللاجئين الفلسطينيين.

فمع انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، والقيود الشديدة على سحب الأموال المودعة في المصارف والتحويلات الخارجية، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وإغلاق لكثير من المنشآت وعدد من المصانع، زادت معها معدلات البطالة والفقر، في صفوف اللاجئين الفلسطينيين، ومعهم اللبنانيين وسائر المقيمين.

وجراء هذه الأزمة، علت الأصوات في مخيم عين الحلوة، وسائر المخيمات، للقيادة الفلسطينية و"أونروا" بالشروع يخطة طوارئ إغاثية شاملة، دعماً لصمود اللاجئين لحين انتهاء الأزمة في لبنان.

شاهد الفيديو 

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد