لم يحتمل الفلسطيني محمد الخطيب ضجر وملل العزل المفروض جراء تفشي فيروس "كورونا" في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، فاستثمر قطعة أرض يملكها في بناء بركة سباحة وسط التلال الصخرية بقرية بلعين غربي رام الله.
فكرة تبدو للوهلة الأولى غريبة بعض الشيء، إلا أن الخطيب نجح في بناء البركة خلال أربعة أشهر، لتكون جاهزة مع قدوم فصل الصيف الحالي.
وبدأ الخطيب، بمساعدة جيرانه، في بناء البركة في شهر آذار/مارس الماضي، مع فرض إجراءات العزل، مستغلين مساحة تنحني فيها التلال إلى الداخل لتشكل كهفاً صغيراً.
وقال الخطيب لرويترز: "الفكرة بلشت من فترة بداية إعلان الحجر الصحي. كنا في البيت وكان موضوع الزهق والملل وإجراءات الوقاية وكمان إنك بدكش (لا تريد أن) تختلط مع الناس وبدك تحافظ على حياتك وحياة عائلتك وأسرتك".
وأضاف: "شوي شوي بلشنا بفكرة إن نحن نعمل مسبح صغير بعدين لقينا الكهف موجود والفكرة تطورت وقمنا بالأعمال اليدوية، كل واحد فينا كان يعمل بيده والتكلفة ما كانت عالية، التكلفة بسيطة مقدور عليها".
وتناسب البركة كافة الأعمار، بحيث يبدأ عمقها من 80 سنتيمتراً، ليصل إلى 180، حيث قالت الطفلة صبا الخطيب ابنة محمد: "البركة كثير حلوة وبنستمتع فيها وبنقضي وقتنا الحلو فيها أول شيء كنا راح نزرع فيها بعدين اكتشفنا هذه المغارة وعملنا هذا المسبح وكانت الفكرة كثير حلوة".
وتتسع البركة لنحو 110 أمتار مكعبة من الماء، في مساحة 90 متراً مربعاً.
مواجهة الاستيطان الإسرائيلي
حشدت الأسر مواردها واستثمرت وقتها، في بناء المسبح في مكان منعزل، وأصبح بإمكانهم الآن قضاء بعض الوقت معاً في أمان، بعيداً عن الحشود والتجمعات.
لكن، بعيداً عن فيروس "كورونا"، تكرس هذه الأعمال المبتكرة الوجود الفلسطيني في القرى التي تواجه الاستيطان الاسرائيلي المستشرس في الضفة الغربية.
وأوضح الخطيب أنه لم يكن بمقدورهم التحرك بشكل عام "لكن على المستوى الخاص أنت وجدت لحالك مكان بتقدر تتأقلم فيه وتعيش فيه، تقضي وقتك فيه، وكمان تعمل رياضة في الأجواء كمان في الطبيعة والبيئة وهذا كمان هو جزء من كمان الاهتمام في الأرض واستصلاحها وديرة البال عليها كون إن نحن بنعاني كفلسطينيين من احتلال ومن جدار ومن مستوطنات".
وتعتبر قرية بلعين، إحدى أشهر المناطق الفلسطينية في مقاومة جدار الفصل العنصري المقام من قبل الاحتلال الإسرائيلي، إذ تنظم المظاهرات والمسيرات الرافضة له فيها منذ أكثر من 15 عاماً.
في عام 2010، غيّر الاحتلال مسار جدار الفصل العنصري، ليفصل مئات الدونمات عن قرية بلعين، وهي الأراضي التي يطالب فيها أهالي القرية خلال مسيراتهم الأسبوعين على مر السنين.
واستطاع أهالي القرية، في عام 2011 استرجاع 1200 دونم من أصل 2300، بقرار صدر من محكمة الاحتلال العليا، إلا أن القرية تعتبر مثالاً شديد الوضوح على الانتهاكات الجسيمة التي يسببها جدار الفصل العنصري والاستيطان في مناطق الضفة الغربية المحتلة.
شاهد التقرير