يكاد يُجمع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، على أنّ عيد الأضحى لهذا العام، يطل وسط ظروف هي الأسوأ منذ بدء الأحداث السوريّة، وما راكمته من أزمات معيشيّة وأمنيّة، وأضيف إليها في الوقت الراهن، جائحة "كورونا" وما خلّفته من انهيارات متتاليّة، فاقمت من حالة الفقر في ظل انهيار اقتصادي متواصل، وخلقت مناخاً من إنعدام الأمن الصحّي الذي أرخى بظلاله على طقوس العيد بشكل كبير.
في مخيّمات ريف دمشق طغت الأوضاع المعيشيّة والصحيّة على العيد لهذا العام، فحتّى زيارات الأقارب تقلّصت، وهو الطقس الذي لم يتوقّع اللاجئون أن تحول ظروف معيّنة دون القيام به، نظراً لكونه غير مكلف، ويعتبر من أهم أساسيات الوصل الاجتماعي بين أفراد العائلة الواسعة، ويبعث في الأنفس بهجة الاجتماع، حسبّما عبّر اللاجئ "أبو منصور بلاوني" من أبناء مخيّم سبينة بريف العاصمة لـ" بوابة اللاجئين الفسطينيين".
يقول "بلاوني" الذي إعتاد أن يصحب أسرته في كل عيد لزيارة شقيقاته المقيمات في مخيّم السيّدة زينب :" إنّ المحاذير الصحيّة باتت الأساس في جميع تحرّكاتنا، صرنا نخاف من التقاط عدوى كورونا من وسيلة النقل العام ونقلها للعائلة" ويضيف مُعبّراً عن ما يفاقم هذا التخوّف :" في حال أصبنا بالعدوى سنموت في ظل هذه الأوضاع المنهارة والناس لا تجد ثمن الدواء، وكما تتابعون المرض في البلد أصبح منتشراً حسب ما يشير الواقع والتصريحات الرسميّة".
واقع صحّي عام، رفع من مخاوف الأهالي خلال العيد، في ظل رداءة الخدمات الطبيّة، سواء في عموم سوريا، أو في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص، حيث لم تُبدي وكالة "أونروا" اهتماماً جديّاً فيما يخص التعاطي مع الحالة الوبائيّة سواء وقائّيّاً أم علاجيّاً، مع استمرار انتشار الوباء في البلاد، والتحذيرات المتواصلة من تجنّب التجمعّات.
"أبو عمر مزهر" لاجئ آخر من سكّان مخيّم جرمانا بريف العاصمة، يؤكّد بهتان مظاهر العيد في المخيّم وعموم البلاد بشكل كبير، ويقول لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ مخاوف الناس من الوباء، وكذلك الفقر المدقع الذي يعيشون فيه، يجعلنا نخجل من كلمة عيد، وفق قوله.
ويضيف موضحاً :" في كلّ عيد أضحى في مخيّم جرمانا سابقاً، كانوا رجال كل حارة من حارات المخيّم يجتمعون للتوجّه إلى صلاة العيد صباحاً، ويتبادلون التهاني، وكانت رائحة الشوارع تفوح فيها روائح الذبائح على أبواب اللّحامين، ولكن الآن كلها انتهت بسبب الكورونا والفقر".
فقدنا البهجة المجّانيّة
ويلفت اللاجئ مزهر، إلى أنّ "الأشياء المجّانيّة التي تبعث في العيد البهجة وهي صلاة العيد وساحات لعب الاطفال والزيارات بين الجيران والأقارب، حرمنا منها كورونا، وأمّا الأشياء المكلفة، فصرنا لا نقوى على فعلها" مشيراً إلى أنّ الحال ها العام هو الأسوأ دونا عن كل سنوات الأزمة العشر التي مرّت على البلاد.
"ملابس العيد للأطفال، التي تعبّر عن فرحة العيد بالنسبة لهم، ولو كانوا جالسين في منازلهم، أو يخرجون إلى الحارة لملاقات أصدقائهم، صارت تشكّل عبئاً كبيراً، استغنت عنها معظم العائلات، ولو على حساب فرحة الأطفال" يقول "أبو عمر مزهر" في سياق توضيحه لحجم السوء الذي بلغه الحال، مشيراً إلى أنه لم يشتر هذا العيد ملابس لأولاده الثلاثة، إنّما قاموا باستعمال ملابس العيد الفائت ذاتها، فشراء قطعة جديدة في كل عيد بات من المستحيلات في ظل غلاء الأسعار، بينما هناك أسر لم تتمكّن تجديد ملابس أطفالها منذ العيد الفطر الفائت حسبما أضاف.
في مخيّم درعا.. فرحة أطفال غير كاملة
في مخيّم درعا للاجئين الفلسطينيين جنوبي سوريا، وصف مراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" فرحة العيد بغير الكاملة، وذلك بسبب مخاوف الأهالي من الاكتظاظ بسبب الوباء، والارتفاع الشديد بدرجات الحرارة، إضافة إلى الضائقة الماليّة الكبيرة التي يعيشها الأهالي.
وأشار المراسل، إلى أنّ مظاهر العيد، اختلّفت عمّا كانت عليه في عيد الفطر الفائت حين شهد المخيّم مظاهر عيد، كانت الأولى من نوعها من حيث حجمها وحيويتها منذ خمس سنوات عاشها المخيّم في ظل الحرب والحصار، الّا أنّ ما جرى في عيد الأضحى اليوم، بدد آمال أطفال المخيّم في أنّ الفرح والعيد قد عاد وسيستمر، حسبما أضاف.
وفي جولة أجراها في ساحة العيد بالمخيّم، بدت الأجواء خجولة من حيث الحضور والاكتظاظ على العاب الاطفال، تخوّفاً من الحالة الوبائيّة، إضافة إلى انهيار الأوضاع المعيشيّة والغلاء الفاحش، حيث عجزت معظم العائلات عن شراء لباس العيد لاطفالهم، ما انعكس بشكل مباشر على الأطفال في ساحة العيد.
الجدير ذكره، أن إطلالة عيد الأضحة لهذا العام، تأتي أيضاً في ظل استمرار نزوح نحو 50% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا داخليّاً، وفق تقديرات "أونروا" بعد أن فقدوا مخيّماتهم، ومن بينهم 144 ألف لاجئ فلسطيني في مخيّم اليرموك بدمشق، صاروا بين نازح داخل البلاد ومهجّر خارجها، وكذلك 13 ألف لاجئ نازح عن مخيّم درعا، و5500 عن مخيّم حندرات بحلب، يُضاف إليهم مئات العائلات الفلسطينية من سكّان غوطة دمشق، الذين نزحوا بسبب الحرب إلى مناطق مختلفة داخل البلاد، وآخرون من مخيّم الحسينية تتعثّر عودتهم إلى مخيّمهم.