يقبع داخل السجون اللبنانية مئات السجناء الفلسطينيين بتهم مختلفة، في ظلّ وضع مأساوي للغاية. سجون غير مؤهلة لاستقبال السجناء ولأسباب عديدة، الأمر الذي يزيد من الوضع النفسي والصحي للسجناء تدهورًا يومًا بعد يوم، خاصة أنّ فيروس كورونا قد تفشى داخلها، وفقًا لتصريحات رسمية لبنانية.
وعلم بوابة اللاجئين الفلسطينيين، من مصدر فضل عدم الكشف عن اسمه، أنّ "سفارة السلطة الفلسطينية في بيروت، والتي تعلم عبر برقيات يتم تبادلها بينها وبين الدولة اللبنانية عمن يتم اعتقالهم من فلسطينيين في لبنان، كانت قد شكلت لجنة لمتابعة أوضاع الموقوفين، لكن تهمل تلك اللجنة التابعة للسفارة متابعة هذا الملف ولا تقوم بدورها حتى".
وسام.. نموذج عن الإهمال
وسام أحمد نعيم، معتقل فلسطيني داخل السجون اللبنانية منذ أكثر من 9 سنوات، التهمة التخطيط لضرب الكيان الصهيوني عبر صواريخ من الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى عدد من التهم الأخرى بسبب انتماءاته الإسلامية، محكوم عليه بالمؤبد.
تقول والدة وسام أم نعيم عباس، "منذ أكثر من 3 سنوات، قدمت تمييزًا ضد الحكم الذي صدر بحق ابني، إلا أنّ موعد الجلسة لم يحدد بعد، الأعذار تتمحور حول كورونا وغياب محام وتأجيلات غيرها".
أم نعيم، وهي عضو في لجنة أهالي الموقوفين الفلسطينيين، والتي تتابع أوضاع السجناء الفلسطينيين داخل السجون اللبنانينة، تتهم الدولة اللبنانية بالاستفادة من الأشخاص الذين تتهمهم بـ "الإرهاب"، من أموال ودعم تأتيها من دول غربية.
مضايقات ومطالبات بالعدالة
وتشير أم نعيم، إلى مضايقات يتعرضن لها هي وأمهات الموقوفين خلال زيارتهنّ لأبنائهنّ، "يحصل تدقيق شديد يصل حدّ وصفه بالمعيب والتفتيش المذل، حيث يطلب منّا كثيرًا خلع ملابسنا بالكامل لتفتشينا، كذلك يتم التدقيق بالملابس التي نحضرها لأبنائنا وأنواعها وحتى ألوانها، كذلك أدوات الطبخ، فيما يجري رمي بعضها في المهملات من قبل إدارة السجن".
وتطالب أم نعيم، "بالعفو العام والشامل، ولكن إن كان هذا الأمر صعب المنال، فأن تعقد جلسات لمحاكمة الشبان وأن يأخذ كلّ سجين حقه، خاصة أنّ عددًا كبيرًا من الموقوفين لا تتجاوز إدانتهم سنتين إلا انهم يقضون وقتًا أكثر من ذلك خلف القضبان".
وتعنى لجنة أهالي الموقوفين الفلسطينيين، بجميع السجناء وتتابع جميع القضايا، المتعلقة بالموقوفين الفلسطينيين في السجون اللبنانية.
مئات خلف القضبان
عضو لجنة أهالي السجناء الفلسطينيين، مجاهد دهشة، أكد خلال حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، وجود أكثر من 850 فلسطينيًا من مخيم عين الحلوة وحده، داخل السجون اللبنانية".
وأضاف دهشة، "الوضع داخل السجون مأساوي جدًا، فيروس كورونا منتشر، ومن يصاب بالفيروس يتم تحويله إلى مبنى الخصوصية الأمنية، وهو مبنى معروف بالوضع الصعب فيه، حيث الزيارة فيه لا تتخطى الـ 15 ثانية، فيما لا يقدم فيه لا الطعام ولا حتى الشراب، أما أماكن العلاج داخل المبنى فهي غير متوفرة".
وأوضح دهشة، أنّ "تهم الموقوفين تتعلق بالإرهاب والانتماءات الإسلامية، فيما أخرى هي محض تلفيق وظلم، وصراعات بين تنظيمات داخل المخيمات، موقوف يعترف على آخر جراء الضرب الذي يتعرض له، وهكذا تحصل التوقيفات".
وتابع: "نعلم أن ليس جميع المسجونين مظلومين، ويجب محاسبة المخطئ منهم، ولكن لا أن نرميهم في السجون دون محاكمات، ونربيهم على العنف جراء الظلم الذي يتعرضون له".
معاناة الأهالي.. ولا أحد يسأل
وأضاف، "المحاكمات في مجملها تؤجل، والسبب إما أعطال أو إغلاقات مع تفشي الوباء أو تأجيل لغياب محام أو قاض، فيما المصاريف تزيد يومًا بعد يوم على الأهالي، حيث تكلّف الزيارة الواحدة كلّ أسبوع ما لا يقل عن 500 ألف ليرة لبنانية، وهذا معاش شهر لأي عائلة فلسطينية تقريبًا، عدا عن ذكر أن المحامين قد باتوا يطلبون أتعابهم بالدولار الأميركي".
وأشار دهشة، إلى أنّ اللجنة "قد طلبت لقاء لمقابلة السفير الفلسطيني، إلا أنّ جوابًا لم تحصل عليه، كذلك قدمت اللجنة رسالة لحركة حماس لمقابلة رئيس مكتبها اسماعيل هنية خلال زيارته لبنان إلا أنّ الأمر لم يحدث".
واسترسل، "التقينا بعدد من الفصائل الإسلامية والوطنية في لبنان، والتقينا بأمين سر حركة فتح فتحي أبو العردات كذلك، فيما الوعود جميعها بمتابعة الأمر ولكن لم نصل إلى شيء".
بيان اللجنة: نحو التصعيد
وكانت لجنة أهالي السجناء الفلسطينيين قد استغربت في بيان لها، حصل بوابة اللاجئين على نسخة عنه "الصمت الرهيب واللامبالاة من القضاء اللبناني والمرجعيات الرسمية والسياسية اللبنانية حيال قضية أبنائهم القابعين ظلمًا خلف أسوار السجون دون محاكمات عادلة بحقّهم، وتركهم سنوات أكثر من مدة عقابهم وإغلاق المحكمة العسكرية بحجة مبررات غير منطقية وإنسانية، خصوصاً في ظلّ الوضع النفسي والصحي المتدهور الراهن للسجناء وانتشار فيروس كورونا".
وعبرت اللجنة عن استيائها وغضب الأهالي الذين "يسألون كل يوم عن مصير أبنائهم المجهول، حيث لا جديد بقضيتهم"، مستنكرة، "إهمال المرجعيات الفلسطينية الوطنية والإسلامية في لبنان وعدم إيلاء ملف السجناء الاهتمام والمتابعة الحثيثة لهم ولأهلهم وما يتكبدونه من تكاليف باهظة أثناء الزيارات للسجون في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة".
واعتبرت اللجنة أن "ملف السجناء عند الدولة اللبنانية لا يتم التعاطي معه كملف إنساني بل سياسي وأمني، وهو لا يزال رهينة الخلاف السياسي في البلد بين الأحزاب الذي لا يُحل إلا بتسوية".
وأكدت اللجنة، أنها ستنفذ في الأيام القادمة سلسلة تحركات احتجاجية مع مراعاة إجراءات السلامة.