يتابع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان باهتمام شديد ما يجري داخل فلسطين المحتلة، وسط تأكيدات أنهم جزء من هذه المعركة التي يتزامن اندلاعها مع مرور الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة الفلسطينية.
وأمام مشهدية اندلاع انتفاضة في القدس والضفة ومدن وبلدات الداخل المحتل عام 1948، والعدوان الصهيوني ضد قطاع غزة، يحاول اللاجئون الفلسطينيون في لبنان مقارعة صداها، والمشاركة بجزء ولو كان صغير في هذا المشهد.
لينطلقوا ومنذ اليوم الأول في تظاهرات ومسيرات داعمة لحي الشيخ جراح، تبعها مظاهرات داعمة للقدس فاشتباكات الداخل المحتل ثمّ معركة "سيف القدس" التي انطلقت من غزة في مقابلة عدوان الاحتلال على القطاع. تتوج أمس الجمعة، بـ انطلاق مجموعة شبان فلسطينيين نحو الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية.
العدوان أعاد توحيد الفلسطينيين
تعلّق المتحدثة الإعلامية باسم الجبهة الشعبية، انتصار الدنان، على الحراك الفلسطيني في المخيمات، بالقول: "نرى الحالة التضامنية في هذا الظرف جدًا قوية، الأعلام الفصائلية الفلسطينية تعانق بعضها، خلال التظاهرات من أعلام (فتح وحماس والجبهة والجهاد) تصاحب أيضًا الأعلام الفلسطينية. نرى هذا الأمر على أنه لحمة وطنية، هذه اللحمة الوطنية الفلسطينية قد توحدت من جديد لمجابهة العدو المغتصب لأرضنا".
وتابعت الدنان في حديثها لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن هذه الهبة واللحمة تعبر عن الانتماء للقضية الفلسطينية رغم ظروف النكبة واللجوء، فما زالت فلسطين حاضرة في وجدان كل اللاجئين الفلسطينيين.
هذه الصورة، نستطيع أن نراها وبشكل جلي في الدعوات التي تنطلق كلّ يوم تقريبًا، تطالب أبناء المخيمات بالخروج بمظاهرات داعمة لفلسطين، وبحسب الدنان فإن قيادات الفصائل في مقدمة المشهد، ومناصروهم يرفعون الأعلام الحزبية والوطنية، فيما الهتافات تعلو وتطالب القسام والسرايا بالردّ على عدوان الاحتلال.
وأضافت الدنان، "تتزامن هذه الانتفاضة الثالثة التي أحب وأرغب أن أسميها، مع ذكرى النكبة الـ 73 هذا العام، انتفاضة تعمّ كافة الأراضي الفلسطينية، من غزة والضفة وأراضي الـ48 الذين يسطرون تلاحمًا أسطوريًا ضد العدو الصهيوني، ليخرج العرب ويقولوا إنّ فلسطين لهم وليست للكيان الإسرائيلي".
وأردفت، "يحمل عرب الداخل على عاتقهم، حماية حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة، أمر إن دلّ على شيء فيدلّ على أنّ الشعب الفلسطيني واحد، لا تفرقه المسافات ولا أيّ مؤامرات تقوم ضده".
انتفاضة الشباب واللاجئون جزء من المشهد
وتضيف أن جيلاً واعياً من الشباب مؤمناً بأنّ الأرض الفلسطينية له، مهما تآمر عليه المتآمرون، وسيحرر أرضه من أيدي الغاصبين، على الرغم من التهافت العربي نحو التطبيع، لكنّ الفلسطينيين خذلوا هذه الدول عبر تلاحمهم ضدهم".
الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الحاج، إنّ "داخل كلّ فلسطيني لاجئ في لبنان، يوجد صراع عبارة عن مشاعر واعتبارات، أولها الشعور بالعجز عن الالتحام بالفلسطينيين في الداخل سواء في الـ 48 أو غزة أو القدس هذا العجز يولد رغبة عارمة في نفس أي فلسطيني بالانتفاضة والنصرة، ثانيها هناك أيضًا شعور بالفخر، فلأول مرة ومنذ فترة طويلة نرى الفلسطينيين في أراضي 48 ورغم كل محاولات الأسرلة، نراهم يشاركون وبدور رئيسي في معركة التحرير أو في هذا الصراع الواسع الطويل".
وأشار الحاج، في حديثه لموقعنا، إلى أنّه "قد جرى الحديث عن مشاركة ما يقارب من مليون ونصف فلسطيني بهذه الانتفاضة الواسعة النطاق في الداخل المحتل، هذا الأمر باعث للفخر والبهجة والحماس لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خاصة أنّ لهم روابط عائلية مع إخوانهم في الداخل المحتل، منهم في عكا والجليل وحيفا، ليصبح ذاك التفاعل مضاعفًا".
وأضاف الحاج، "هذا كله يولد عدّة مشاعر بنفس كل فلسطيني، منها كذلك مشاعر الغضب مما يجري ومن الصمت العربي الواسع، هذه الأمور كلها تدفع الفلسطيني إلى التظاهر والمشاركة في الفعاليات، فهو يعرف جيدًا أمدى أهمية أن يراهم في الداخل يتضامنون ويتفاعلون ويشاركونهم صراعهم".
المظاهرات في المخيمات تعبئة نفسية للجيل الجديد
أما الناشط الفلسطيني محمد حسون، فيرى أنّ الفلسطينيين الموجودين في لبنان، "وعلى الرغم من الجراح والمآسي والظروف الصعبة التي يعانون منها، إلا أنّ الوطن والأحداث التي تجري فيه، قد أنستهم أوجاعهم وآلامهم فعليًا".
وأضاف حسون في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، "نسي اللاجئ الفلسطيني الأزمة المالية والاقتصادية وما يجري معه في لبنان، وخرج في مظاهرات لأنه يعلم جيدًا مدى تأثير الدعم النفسي والإسناد عند حصول أيّ أزمة، وهذا ما يقوم به اللاجئون الفلسطينيون اليوم.. إسناد إخوانهم الذين يقدمون الغالي والنفيس من دم وتهجير".
وتابع: "إذًا التحركات والتظاهرات هي دعم معنوي، تؤكد على أنّ الشعب الفلسطيني في الداخل ليس وحيدًا في المعركة، وأنّ كل اللاجئين والشعوب الحرّة معهم، وأنّ أهلهم في الشتات النصف الثاني منهم موجودين معهم في المعركة".
ويرى حسون، أنّ التحركات السلميّة في المخيمات، "تعتبر تعبئة في نفوس اللاجئين والجيل الجديد منهم، وإعادة تذكير لهم بأنّ لهم أرضًا في فلسطين ووطنًا مغتصبًا من قبل محتل جبان، ومع مجيء ذكرى النكبة، فإننا سنحييها اليوم منتفضين مع إخواننا في مخيماتنا وإن استطعنا فسنكون على الحدود مع أراضينا المحتلة".