فلسطينيو أوروبا يمارسون التضامن وسط سياسات تنحاز للاحتلال

الثلاثاء 18 مايو 2021
من اعتداء الشرطة الألمانية على متظاهرين في برلين
من اعتداء الشرطة الألمانية على متظاهرين في برلين

مئات آلاف الفلسطينيين والعرب والمتضامنين الأجانب رفعوا أصوات الدعم في مدن أوروبية عدة خلال الأيام الماضية مع تواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية خاصة القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 48.

تلقف الفلسطينيون ومحبوهم بشغف هذه الكثافة في التضامن، التي لم تكن سهلة أبداً على المشاركين فيها في أغلب البلدان الأوروبية، وفي كثير من الأوقات تحولت مظاهرات الدعم لفلسطين -وجلها سلمية لا مظاهر فيها لأي شكل أو نية من الشغب أو الفوضى- إلى تصادم مع مجموعات اللوبي الصهيوني المنتشرة في أوروبا وخلفها أجهزة شرطة تتلقى التوجهيات السياسية بمنع أو قمع المظاهرات، كما يشي المشهد.

الحكومات الأوروبية لا ترغب في إظهار حجم تضامن كبير مع الفلسطينيين عبر المظاهرات

في النمسا، حضّر الفلسطينيون لمظاهرة في ذكرى النكبة وللتضامن مع فلسطين ليتفاجؤوا بعدم الحصول على ترخيص لها، والأمر ذاته جرى في فرنسا، وكان حجة الدولتين  "احتمالية الإخلال بالنظام العام" أو "حصول انتهاكات ضد مصالح إسرائيلية" .

وفي التبريرات المرسلة اعتراف صريح بأن كيان الاحتلال الصهيوني هو الخط الأحمر لدى هذه الحكومات، التي لا ترغب أيضاً بإظهار حجم تضامن كبير مع الفلسطينيين، كما جرى عندما تضامن نحو مليون شخص مع فلسطين في مظاهرة ضخمة يالعاصمة الفرنسية باريس عام 2009، حسب ما يقول  رئيس المنتدى الفلسطيني للثقافة والإعلام أحمد داري المقيم في العاصمة الفرنسية .

 يضيف داري أن: السلطات الفرنسية تخشى من تكرار سيناريو عامي 2014 و2002 عندما حصل عراك بالأيدي بين متظاهرين يهود وعرب،   وهذه ذريعة غير مقبولة، "فهناك قانون ينبغي تطبيقه على كل من يخالفه".

ديمقراطية الدول الأوروبية هشة للغاية

الناشطة الفلسطينية شيرين ادعيس المقيمة في النمسا والتي شاركت في تجمع صغير يوم السبت في ذكرى النكبة أمام مبنى الحكومة بعد منع الفلسطينيين من التظاهر، تتساءل حول الحيادية التي تعلنها دولة مثل النمسا

ولا ترى ادعيس أن النمسا صادقة في هذا الحياد عندما ترفع علم كيان الاحتلال على مقر حكومتها دعماً لعدوانه ضد غزة في حين تمنع الفلسطينيين والمتضامنين معهم من التعبير عن مواقفهم في دعم فلسطين، تضيف أن "ديمقراطية الدول الأوروبية هشة للغاية"

دعم قضية مهمة وعادلة يحتاج إلى قدرة وفن ومراس

ربما ينطلق ناشطون فلسطينيون في التعبير عن غضبهم من تصرفات رسمية كهذه من شعورهم الحقيقي بعدالة قضيتهم، إلا ان الأمر لا يجري كما يظنون في دول ترسم الأحزابُ المتطرفة للاحتلال سياساتها وعلاقلاتها الدولية، لذا تكثر الدعوات في أوساط فلسطينيي أوروبا إلى انتقاء هتافاتهم بعناية حتى لا يقعوا في فخ استخدامها ضدهم من قبل جماعات صهيونية في أوروبا، كما حصل في فيينا حين سجّل يهود صهاينة بعض الهتافات التي تعتبر في أوروبا "معادية للسامية" وترجموها وقدموها للشرطة مستفيدين من القانون في البلد.

 حول هذا كتب  عمر الراوي النائب في بلدية فيينا كتب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "دعم قضية مهمة، عادلة تحتاج الى قدرة وفن ومراس وكسب الرأي العام وعدم إيقاع الظلم في نفسك وارتكاب الأخطاء الفادحة".

 

خاطرة، نصيحة و موقف صريح: لا شك لا يوجد انسان شريف و نزيه تهمه ما يحدث الان في القدس الشريف الا و هزت مشاعره و حاول ان...

Posted by Omar Al-Rawi on Saturday, May 15, 2021

ولعله قد يكون محقاً، ففي دول مثل النمسا وألمانيا وفرنسا تعلن حكوماتها ووسائل إعلامها انحيازاً معلناً للاحتلال الصهيوني، قد ينقلب الأمر ضد الفلسطينيين والمبرر الجاهز هو القانون المرسوم بعناية لحماية المصالح الصهيونية ليس في فلسطين فقط بل في أوروبا أيضاً.

تهديدات صريحة أو مبطة للفلسطينيين في أوروبا بسحب الإقامات أو المقاضاة

وعلى ما يبدو مؤخراً، فإن هناك اتجاهاً رسمياً واضحاً في عدد من الدول الأوروبية أبرزها ألمانيا التي تضم عدداً كبيراً من الفلسطينيين لا سيما فلسطينيي سوريا ولبنان، لاستهداف كل من يناهض الاحتلال، حيث يتحدث اللاجئ الفلسطيني من سوريا إلى ألمانيا فارس شهابي عن جنوح لدى مجالس المدن ووسائل الإعلام بالتجييش لصالح الاحتلال مع وجود تهديدات مبطنة وصريحة تجاه فلسطينيين بسحب الإقامات أو المقاضاة.

Capture.JPG

قد لا يحدث هذا مع مجموعات صهيونية في البلاد تقوم باستفزاز المتظاهرين الفلسطينيين كما حصل في لايبزغ يوم ذكرى النكبة رغم أن القانون يجب أن يمارس على الجميع، ولكن هذه المجموعات تكون قد تعاملت بفهم أكبر لطبيعة السياسات القائمة في البلد، وحين تتظاهر وتستفز الفلسطينيين والمتضامنين معهم ، ربما تحرص على انتقاء الكلمات التي قد لا تدينها مستفيدة مرة أخرى من قوانين تحرم ما يسمى "معاداة السامية" وبكلمات أخرى مناهضة الكيان الصهيوني.

تغيير السياسات يحتاج إلى توحيد الجهود وتنظيم مدروس ووقت طويل

ولكن هل يكف الفلسطينيون عن التظاهر دعماً لقضيتهم، بالتأكيد لا يجب ذلك، هكذا يرد على السؤال الصحفي الفلسطيني محمد نجمة المقيم في ألمانيا: لن نتوقف عن التظاهر لدعم القضية الفلسطينية في البلدان الأوروبية بشكل عام وفي ألمانيا بشكل خاص حتى نلمس تغيراً في السياسات الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية و هذا يحتاج وقت طويل.

ليس نجمه وحده، بل لدى غالبية الفلسطينيين في أوروبا إصرار كبير على مواصلة التظاهر وتحشيد الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال لدى الرأي العام الأوروبي، الذي يزداد تضامناً مع فلسطين بشكل لا يتوافق مع السياسات في هذه البلدان.

يضرب نجمة مثالاً على انحياز ألمانيا للاحتلال اتصال المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" برئيس حكومة الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو" مؤكدة تضامنها الكامل مع العدوان ضد غزة بحسب ما غرّد المتحدث باسمها "شتيفن زايبرت" عبر تويتر.

 يضيف نجمة أن في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، ما يزال المستوى الرسمي يعمل بكل الوسائل المتاحة ومنها الإعلامية على قلب الحقائق وإظهار المُحتل الصهيوني على أنه الضحية، فيما المظاهرات التي تنظم استطاعت إلى حدٍ ما تغيير رأي الشارع الألماني وإظهار حقيقة ما يجري ، وجذب اهتمام الكثيرين وهذا من أهم الأهداف التي يجب العمل عليها بشكل كبير جداً،  لأنه المقدمة نحو تغيير السياسات القائمة، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل وتنظيم وتوحيد جهود الفلسطينيين في أوروبا.

لذلك تكثر الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأن يكون تنظيم المظاهرات مدورساً بشكل كبير، مع عدم الانسياق إلى استفزازات المجموعات الصهيونية التي غالباً ما تتجمع لإفساد مظاهرات الفلسطينيين والداعمين لهم من خلال جرهم للاشتباك أو العراك.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد