دعوات، ملصقات، بطاقات عمل، منشورات شخصيّة، بوسترات وإعلانات في الصحف.. قد نمضي عليها مرور الكرام ما إن ينتهي وقتها، إلا أن فريق "خزائن" التقط أهميتها في توثيق المراحل التاريخية للقضية الفلسطينية وبدأ بالعمل على جمعها وحفظها وأرشفتها، كي تشكل تأريخاً موازياً لا يقل أهمية في حفظ ذاكرة الفلسطينيين ومراحل قضيتهم تاريخياً وجغرافياً وأحداثاً مفصلية واعتيادية يومية.

المنبع والمصب.. فلسطين

تضم مبادرة "خزائن" شابات وشبان فلسطينيات/ ون منتشرون في دولٍ مختلفة، تطوّعوا لجمع كل ما يمكن حفظه من منشورات  وأورواق وبوسترات وإعلانات عامة سياسية تجارية فنية ثقافية وشخصية من الماضي والحاضر ليتم أرشفتها على اعتبار أن كل قصاصة ورق تحمل في خلفياتها حقبة زمنية عاشها الفلسطينيون وأحداثاً مروا بها.

WhatsApp Image 2021-07-09 at 5.12.23 PM.jpeg

 

نريد أن نحافظ على ذاكرة الأرض عبر تفاصيل لا يهتم أحد بجمعها

 "بوّابة اللاجئين الفلسطينيين" قابل الفريق الإعلامي لمبادرة خزائن، وأطلعتنا إحدى أعضائه إيمان سليمان على المبادرة بكلّ تفاصيلها: "تعتبر المبادرة أول أرشيف عربي مجتمعي يبنيه ويثريه المجتمع دون أي تدخل إداري ودون أي خطة ممنهجة لجمع المواد."

تضيف إيمان، " المنبع والمصبّ لمشروع خزائن هما فلسطين، نريد أن نحافظ على ذاكرة الأرض وكلّ ما جرى عليها من أحداث وتفاصيل، ولكي نحفظ لها ذاكرتها يجب أن نجمع ذاكرة الفلسطينيّين أينما كانوا عن طريق جمع الذّاكرة اليوميّة الّتي لم يهتمّ أحد بجمعها، ولم يتخصّص أيّ أرشيف فلسطيني بهذه المنشورات قصيرة المدى، منشورات تشمل دعوات، ملصقات، بطاقات عمل، منشورات شخصيّة، وغيرها.

WhatsApp Image 2021-07-09 at 3.19.22 PM (1).jpeg

 

WhatsApp Image 2021-07-09 at 3.19.23 PM.jpeg

وتتابع: "كلّ أرشيف يجمع، يحفظ في خزائننا بأسماء أصحابه، فما يعطي للرّواية قيمتها هو صاحبها، ومن خلال هذه المنشورات الصّغيرة نستطيع فهم النّاس بشكل فرديّ وفهم أسلوب وصورة الحياة الّتي عاشوها وربط قصصهم وتفاعلاتهم الجماعيّة خلال حقب زمنيّة مختلفة، وهي شاهد أمين على التّاريخ في لحظة تشكّله".

إن لم يكن مركز "خزائن" في القدس فأين سيكون؟

يقع المركز الرئيسي لمبادرة "خزائن" في القدس، عاصمة فلسطين، وتشير ايمان إلى أنّ التّركيز على القدس هو بحكم واقعنا لأنّها مركز الصّراع، لذا كل ما يؤرشف يحفظ هناك، تأكيداً على عروبة وفلسطينية المدينة، "القدس هي البوصلة لكلّ فلسطينيّ وهذا ما أُثبت في الهبّة الأخيرة، هي مكان الصّراع الّذي يوحّد كلّ فلسطينيّي العالم في الدّاخل وفي الشّتات، أحجار وهواء القدس يُشعرك فوراً بصراع الوجود الّذي نخوضه ويخضعك طوعا أن تلبّي نداء الحفاظ عليه، لذا كان لا بدّ من بناء مشروع بهذا المكان ليحفظ إرث أهله ويكون مساحة للفلسطينيّين، وإن لم تكن في القدس، فأين إذن؟!"

لكنها تضيف أن "خزائن" ليست حكراً على مكان أو زمان أو شخص، هناك نقاط ومحطّات تجميع، وفرق وأشخاص في عمّان وبيروت والمغرب والدّوحة وأوروبا والولايات المتحدة، وتصل المواد المُراد أرشفتها من خلال شبكة من بلد إلى بلد عن طريق أصدقاء "خزائن".

لا يوجد حدّ لما يستطيع النّاس أرشفته فكلّ ورقة تخدم وجود الشعب الفلسطيني

 وتصنّف هذه المواد ضمن مواضيع وحقب زمنيّة، تقسّم أرشيفات خزائن إلى ثلاث فترات تاريخيّة: الأرشيف العثمانيّ، أرشيف الحقبة الانتدابيّة (الانتداب الفلسطيني)، أرشيف المنشورات الفلسطينيّة منذ النّكبة، ليسهل الأمر على المتصفح البحث حسب الفترة وحسب المكان وحسب الشّخص .

تلك الأرشيفات عبارة عن  قصاصة ورق لأنّ كلّ تفصيل هو جزء لا ينقطع عن واقع النّاس، وقد تكون هذه القصاصة من تذكرة القطار التّي تثبت وجود فلسطينيّ كان يستقلّ القطار على أرض فلسطين، أو إعلان لحفلة موسيقيّة ستقام في مسرح يافا قبل النكبة، أو وصل ضريبة على الأملاك، أو استدعاء لمحكمة، أو مناشير وزّعها الفلّاحون ضدّ خطط الاستيلاء على بساتينهم.

وتلفت إيمان الانتباه إلى أنّه لا يوجد حدّ لما يستطيع النّاس أرشفته في خزائن، فكلّ ورقة تخدم وجود الشعب الفلسطيني.

 

WhatsApp Image 2021-07-09 at 3.19.20 PM.jpeg

 

WhatsApp Image 2021-07-09 at 5.12.22 PM.jpeg

 

WhatsApp Image 2021-07-09 at 5.12.22 PM (1).jpeg


وبعد خمس سنوات على انطلاق المبادرة تقول إيمان: إن أعداد  المواد المؤرشفة المحفوظة في خزائن تخبر بمدى التّجاوب مع مبادرة خزائن (أكثر من 120 أرشيف عائلي يحوي أكثر من 100 ألف ورقة) الأرشيفات الموجودة إلكترونيّا (5248 مادّة من الذّاكرة) "لم تكن لتتحقّق لولا تجاوب النّاس وإيمانهم بهذه الفكرة كما آمنّا بها عند تأسيسها..رؤيتنا أنّ هذا المشروع مستمرّ وهو تخليد لموروث كلّ فلسطينيّ".

إمكانيات محدودة في ظل ظروف تتسم بالاختلاف على مستوى النضال الفلسطيني

ويتمنّى أعضاء المبادرة أن تكون قدرتهم الاستيعابيّة على قدر إقبال النّاس، فالكثير من المواد صاروا يؤجلون استلامها لعدم توفّر أدوات الحفظ الكافية لها، وتشير سليمان إلى أنَّ المرحلة الجديدة والمختلفة تعيد تشكيل الهُويّة الفلسطينيّة وصياغة خطاب وطنيّ وسياسيّ ونضاليّ مختلف، وتوحّدت المفردات والمصطلحات الفلسطينيّة بمختلف أماكن الوجود الفلسطينيّ.

وتضيف،"هذه المرحلة اتّسمت بكثافة الأحداث، العدوان غزّة، إغلاق باب العامود، الشّيخ جرّاح، بيتا، الهبّة في الدّاخل، كلّ هذه الأحداث بحاجة لفهم وتعمّق ودراسة نقاط القوّة والضّعف بكلّ أدوات العمل الفلسطينيّ، وهذا لا يمكن إلّا بوجود مساحة تحتوي وتوثّق كلّ التّفاعل الّذي حدث بكلّ المناطق، وفتحه أمام الباحثين والدّارسين والطّلبة ليستفيدوا منها كلّ في مجاله".

تقول سليمان: أن عملية الأرشفة لكل ما تشهده فلسطين من مستجدات في الوقت الحاضر صارت من مهام كل مؤسسة من مؤسسات الشعب الفلسطيني، التي عليها أن تولي الأرشفة اهتماماً أكبر، وأن تطور قدراتها بالتّوثيق والحفظ لكلّ النّشاطات والدّوائر ضمن مجالات عملها، لأنّ هذه المؤسسات وهذه الأحداث هي  جزء من صناعة المرحلة "إمكانهم فعل ذلك بواسطة تضافر الجهود مع أرشيفات موجودة أو بواسطة خلق أرشيف خاصّ لكلّ مؤسّسة فلسطينيّة".

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد