المشهد في المخيمات الفلسطينية في لبنان نهاراً لا يختلف عن ساعات الليل، حيث الظلام وتعطل كافة المرافق العامة جراء انقطاع التيار الكهربائي في المخيمات لـ 22 ساعة يومياً.
الحال هذه نتيجة تقنين كهرباء الدولة من جهة، وانقطاع مادة المازوت عن البلاد ككل لاسيما المخيمات من جهة أخرى، خاصة بعد خصوعها لاحتكار التجار وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية بحسب سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية.
وضع دفع أهالي مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان إلى افتراش الشوارع، بعد انقطاع شامل للتيار الكهربائي، وغياب مادة المازوت عن المخيم، ما كلف أصحاب المحال التجارية خسائر فادحة، فيما شلت غالبية المرافق الصحية والاجتماعية في المخيم.
"من الطبيعي أن تتأثر مخيماتنا الفلسطينية بأزمة انقطاع المازوت كما الشعب اللبناني، لأنها تلامس أزمة الخبز، فالمازوت مطلوب في جميع المجالات والناس تضررت من فقدانه"، بحسب أمين سر الفصائل الفلسطينية في منطقة الشمال، بسام موعد.
لا يمكننا التأكد من أن أصحاب المولدات يخبؤون المازوت لبيعه بأسعار باهظة
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين، يقول موعد: "في ظل تقنين كهرباء الدولة اللبنانية التي كنا نراها ساعتين فقط في اليوم، كانت تعمل مولدات الكهرباء حوالى 6 ساعات، لكن مع غلاء أسعار المازوت في السوق السوداء أدى ذلك إلى تدهور الوضع، بالتأكيد هناك مصالح تضررت، فمن يبيع الأسماك والبوظة والأجبان والألبان وغيرها غالباً تضرروا، وهناك في المخيم الكثير من الناس يعتمدون على بيع هذه السلع لتأمين قوت يومهم".
وحول الاتهامات لأصحاب المولدات بأنهم يخبؤون المازت لبيعه بأسعار باهظة الثمن، يوضح موعد أنه "لا يمكننا التأكد من هذا المسألة فإنها مجرد أقاويل نسمعها، ولكن من لديه مازوت فإنه يشتريها من السوق السوداء، وعندما يقوم بشرائها بسعر مرتفع، فمن الطبيعي أن يزيد السعر، وبالتالي اللاجئ غير قادر على دفع التكلفة الحالية".
وحول آلية التواصل مع المعنيين لتأمين المازوت لمخيمات الشمال، يؤكد أمين سر الفصائل الفلسطينية في منطقة الشمال: "لن نقصر في التواصل مع المعنين من أجل تأمين هذه المادة، حيث تواصلنا مع الجيش اللبناني وبعض السياسيين لكي يؤمنوا لنا المازوت، إلا أنهم كانوا يلبون النداء تارة، وتارة أخرى لا يكترثون".
المسؤولية تقع على عاتق الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية والأونروا..يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم أكثر
أما بالنسبة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، يرى موعد أن "الوكالة أصدرت بياناً أنها ستعطي 40 دولاراً أمريكياً للأطفال ما دون الـ 18 عاماً، ولكن لم نر منها شيئاً في هذا الخصوص، وفيما يتعلق بانقطاع مادة المازوت، فالوكالة يمكنها فقط تأمين قليل من المازوت لأجل تشغيل آبار المياه في المخيمات، ولن تقدم أكثر من ذلك".
ويعد موعد بأنه "سيقوم بجهده انطلاقاً من مسؤوليته لتأمين مادة المازوت ولا يمكن عمل أكثر من ذلك، فالمسؤولية تقع على عاتق الدولة اللبنانية والفصائل الفلسطينية ووكالة الأونروا، ويجب أن يتحملوا مسؤولياتهم أكثر"، آملاً أن "يكون هناك توافق لتشكيل الحكومة في لبنان ليتم على أثرها تأمين مادة المازوت والبنزين، وتحل جميع الأزمات المعيشية".
ضاعت كمية المازوت التي وعدتنا بها الحريري دون أن تصل إلينا
تسود العتمة الشاملة مختلف أحياء مخيم عين الحلوة للمرة الأولى، بعدما قرر أصحاب المولدات الخاصة إطفاءها دفعة واحدة، نتيجة نفاد مادة المازوت، في خطوة علّها تدفع المسؤولين الفلسطينيين إلى التحرك والتواصل مع الجهات اللبنانية المختصة لتأمين المازوت.
"المخيمات الفلسطينية في لبنان ازدادت أزمتها بعد انقطاع مادة المازوت التي بات الاعتماد عليها بشكل كبير جراء تقنين كهرباء الدولة عن المخيمات، وخاصة أن عدد السكان كبير جداً والبيوت متلاصقة، مما زاد الاوضاع المعيشية صعوبة"، بحسب أمين سر حركة 'فتح' وفصائل 'م.ت.ف' في منطقة صيدا العميد ماهر شبايطة.
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول شبايطة: "التقى وفد فلسطيني من القوى الوطنية والإسلامية والسياسية المندرجة ضمن هيئة العمل الفلسطيني المشترك بالنائبين عن مدينة صيدا بهية الحريري وأسامة سعد، ووضعناهما بصورة انعكاس شح مادة المازوت على مختلف القطاعات في مخيم عين الحلوة، وبخاصة الحاجة إلى المياه. وتلقينا إجابة منهما بأن المخيم من ضمن مدينة صيدا".
ويوضح شبايطة أن "النائب بهية الحريري وعدتنا بتأمين حصة تحتوي 15 ألف ليتر من المازوت، وكان ينبغي استلامها يوم الإثنين الماضي حيث قالت أنها متوفرة لدى شخص معين في مدينة صيدا، إلا أنه نفى وجودها لديه، بالتالي ضاعت هذه الكمية دون وصولها إلينا. عدنا وتواصلنا مع سعادة النائب الحريري لتأمين مادة المازوت لكن الوقت كان ضاغطاً ووعدتنا بأن تؤمن فعلياً المازوت خلال الأيام المقبلة".
ويؤكد أمين سر حركة 'فتح' وفصائل 'م.ت.ف' في منطقة صيدا أنه "تم التواصل مع السفير الفلسطيني أشرف دبور بحضور عضو اللجنة التنفيذية والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد، وتم وضعهم بشكل دقيق حول أوضاع المخيمات، وبالتأكيد هما يتابعان الموضوع على المستوى الفلسطيني واللبناني ككل".
ورغم هذه التصريحات لا يبدو أن سفارة السلطة استطاعت حتى اللحظة مساعدة أهالي مخيم عين الحلوة خاصة والمخيمات الفلسطينية في لبنان عامة، فقط في إيجاد المازوت لتشغيل مولدات الكهرباء، ما يطرح أسئلة كبيرة حول جدية هذه التحركات.
ولا يبدو أن اللجان الشعبية سواء التابعة لمنظمة التحرير أو لفصائل التحالف تملك أكثر من مطالبة الجهات اللبنانية.
كوردوني أخبرنا أن الاونروا غير مسؤولة عن إنارة بيوت اللاجئين
يقول أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، أبو إياد الشعلان : إن"أزمة المازوت هي مشكلة عامة في لبنان، وكل المناطق اللبنانية بما فيها من مخيمات فلسطينية تعاني من انقطاع مادة المازوت، إلا أنه هناك تفاوت في تأمين هذه المادة بين منطقة وأخرى، فبعض المناطق تستطيع تأمينها من قبل البلديات، والبعض الآخر لمست تباطؤاً في تلبية الاحتياجات العامة وتأمين مادة المازوت كمخيمات مدينة صيدا مثلاً، ما دفع الأهالي في المخيمات لا سيما عين الحلوة إلى افتراش الشارع احتجاجاً على الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشونها".
وحول مسؤولية اللجنة الشعبية في التحرك عاجلاً لتأمين مادة المازوت للمخيمات الفلسطينية في لبنان، يقول الشعلان: "تواصلنا مع سعادة النائب بهية الحريري ووعدتنا بأنها ستؤمن كمية جيدة من المازوت لمخيمات منطقة صيدا، كما أننا نقوم بجهدنا مع البلديات والجهات المعنية لتوفير هذه المادة قدر المستطاع، كما طالبنا وكالة الأونروا في توفير هذه المادة، لكن مع الأسف هي جهة غير معنية في ذلك إلا لناحية تأمين المازوت لتغذية آبار المياه في المخيمات، أي أنها غير مسؤولة عن إنارة منازل المخيمات، وهو ما أخبرنا به خلال اجتماع عقد بين الفصائل الفلسطينية ولجنة الحوار اللبناني بحضور مدير عام وكالة الأونروا السيد كلاوديو كوردوني.
ويشير إلى "حجم الأضرار التي لحقت بالمصالح التجارية داخل المخيمات، ما استدعى رفع الصوت عالياً من قبل اللاجئين الفلسطينيين، وعلى الأثر تواصلت اللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية في الشمال مع جهات لبنانية لتأمين مادة المازوت، وبالفعل تم إدخالها إلى مخيمي نهر البارد والبداوي قبل أسبوعين".
وحول مهمة اللجان الشعبية في لجم أصحاب المولدات ومنعهم من احتكار الأسعار، يوضح الشعلان أن "اللجان الشعبية لم تلمس احتكاراً من قبل أصحاب المولدات بأسعار المازوت، إنما الغلاء قائم كونهم يشترون المادة من السوق السوداء. على سبيل المثال سعر 5 أمبير 750 ألف ليرة لبنانية، وفي بعض المخيمات أضحت التسعيرة كل 10 أيام وليست شهراً، مما يضاعف الأعباء على اللاجئ الفلسطيني".
والحال هذه، لا يبدو أن هناك خطة إنقاذ وطوارئ قد وضعت من قبل المعنيين في سفارة السلطة الفلسطينية ببيروت وفصائل التحالف وكذلك وكالة "اونروا" لتخفيف أعباء الأزمة الاقتصادية اللبنانية على المخيمات الفلسطنيية التي تعاني وحيدة كما في كل أزمة.