أكَّد مركز العودة الفلسطيني في لندن، أنّه رصد في تقريرٍ له الأبعاد الخطيرة لمذكرة التفاهم أو اتفاق الإطار الموقّع في يوليو الماضي بين الولايات المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على قضية اللاجئين الفلسطينيين، إذ أنّ الاتفاق يفتح المجال لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني من خلال استثناء شرائح أخرى من اللاجئين، حسب منظور الطرف ذي المصلحة في حال تم إبرام مذكرات أو عقد تفاهمات أخرى مع وكالة "أونروا" بنفس الطريقة.
وأوضح مركز العودة في تقريره، أنّ بنود الاتفاق تتيح لوكالة "أونروا" الحصول على مبالغ مالية من واشنطن "مقابل الخضوع لشروطٍ قاسية تمس بالوضع القانوني والإنساني والسياسي للاجئين الفلسطينيين"، مُؤكداً أنّه استقرأ مذكرة التفاهم الواردة باللغة الإنجليزية وشمولها مجالات حيوية في حياة اللاجئين الفلسطينيين، إذ يتضح من خلالها مدى التحيّز وعدم حياديّة الموقف الأمريكي تجاه اللاجئين والذي يقوم على محددات أساسية، منها: التعامل مع قضيتهم كمسألة إغاثة إنسانيّة من شأنها تحييد البُعد السياسي، والانحياز للموقف "الإسرائيلي" ومحاولة تصفية قضية اللاجئين من خلال توطينهم.
وأشار المركز إلى خطورة ما ورد في مذكرة التفاهم من محاولة تعريف اللاجئ الفلسطيني وفقاً للمنظور الأمريكي حصراً، وينطوي على ذلك الشرط لا موضوعيّة وانعدام الحياديّة تجاه اللاجئين، وهذا يهدف إلى ترسيخ واقع جديد يقوم على انتزاع البُعد السياسي عن قضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث خلت من أي إشارة إلى حق العودة، بل كانت في جُلّها تركّز على الدور الأمريكي في التمويل والشروط المفروضة على الوكالة، إلى الحد الذي يمكن به التعبير عن وصاية أمريكيّة على الوكالة.
الاتفاق يمثّل صك انتداب أمريكي
واعتبر تقرير المركز، أنّ هذا الاتفاق يمثّل صك انتداب أمريكي على اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يزالون حتى اليوم يدفعون ثمن انحياز الولايات المتحدة لسياسات الاحتلال وحماية انتهاكاته، مُحذراً من إمكانية امتثال وكالة "أونروا" للشروط الأمريكيّة وفقاً للمذكرة الموقعة.
وشدّد المركز على أن ذلك يُشكّل تنكّراً لحقوق اللاجئين الفلسطينيين التاريخيّة وغير القابلة للتصرّف، لا سيما وأنّ بعض بنود الاتفاق تُفيد بأنّ جزءً كبيراً من جهد وكالة "أونروا" سينصرف إلى الرقابة على اللاجئين للتحقّق من أنّ المستفيدين من الخدمات تنطبق عليهم الشروط الواردة في المذكرة حسب الرؤية الأمريكيّة.
وقدّم التقرير شرحاً حول الطبيعة القانونية لهذا الاتفاق أو مذكرة التفاهم بين "أونروا" والولايات المتحدة، مُؤكداً أنّ هذه الوثيقة بأكملها بما في ذلك المرفق الملحق بها تشكّل التزامات سياسيّة من جانب "أونروا" والولايات المتحدة الأمريكية، ولا يشكّل هذا الإطار اتفاقاً دولياً، ولا يترتّب عليه أي التزامات ملزمة قانوناً بين الطرفين بموجب أي من القوانين الدولية أو المحلية.
يجب رفضه جملةً وتفصيلاً
وأوصى التقرير بضرورة العمل على استنهاض كافة الأطراف ذات الصلة لمواجهة المشروع السياسي الأمريكي الموجّه ضد اللاجئين تحت ذريعة الدعم وادّعاء الحياديّة، وتداول المذكرة بالنقد والتفسير وتوضيح التناقضات التي تحملها سواء كان ذلك على المستوى المحلي الفلسطيني أو على المستوى الدولي.
كما حثّ التقرير على عرض وجهة النظر الفلسطينيّة على شركاء وداعمي وكالة "أونروا" الآخرين والحيلولة دون اتباع النهج الأمريكي في الدعم المشروط لوكالة "أونروا".
وفي ختام تقريره، شدّد المركز على ضرورة رفض المذكرة جملةً وتفصيلاً من خلال الجهات التي لها صفة تمثيليّة للاجئين من نظير منظمة التحرير الفلسطينيّة واللجان الشعبيّة لخدمات اللاجئين.