قال المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إنّ التخفيضات في ميزانية وكالة "أونروا" بما في ذلك خفض بريطانيا لمساعداتها إلى النصف تعني أنّ "أونروا" على وشك الانهيار.
وأوضح لازاريني في تصريحٍ لصحيفة "الغارديان" البريطانيّة، أنّ بريطانيا خفضت منحتها الأساسية المقدمة لوكالة "أونروا" بأكثر من 50٪ من 42.5 مليون جنيه إسترليني في عام 2020 إلى 20.8 مليون جنيه إسترليني في عام 2021، لافتاً إلى أنّ الوكالة تواجه أزمة وجودية بسبب نقص 100 مليون دولار (74 مليون جنيه إسترليني) هذا العام، وبسبب طريقة التمويل التي ثبت أنها غير مستدامة.
وبيّن المفوّض أنّ الحالة المزاجية السائدة بين الفلسطينيين هي حالة من الضيق والغليان واليأس وعندما تكافح وكالة الأمم المتحدة مالياً لتقديم الخدمات الأساسية، فإنها تخلق شعوراً عميقاً بالتخلي عنها، وكانت المملكة المتحدة ثالث أكبر دولة مانحة لوكالة "أونروا" في عام 2020، لكن التخفيض الأخير بدأ يضع المملكة المتحدة في الفئة الثانية من المساهمين".
وبيّن أنّ الوكالة تدير حوالي 700 مدرسة وتستوعب 550.000 طفل، وتوفر مراكز صحية ورعاية اجتماعية للاجئين الفلسطينيين وذريتهم، وهناك تأثير مباشر لقرار بريطانيا تقليص ميزانية المساعدة مما يعادل 0.7٪ من الدخل القومي الإجمالي إلى 0.5٪، حيث سيكون لها تأثير على الأوضاع الانسانية وعلى التنمية البشرية حيث سيتأثر أكثر من 70 ألف فتى وفتاة في مدارسنا بسبب هذا التخفيض بالمساعدة.
وتابع لازاريني: كانت لدينا نفس الموارد مثل عام 2013، ومع ذلك فقد كان لدينا على مر السنين المزيد من المطالب، لذلك لم يكن لدينا خيار آخر سوى اتخاذ تدابير تقشفية صارمة للحفاظ على الخدمات قائمة، وميزانية الوكالة الأساسية البالغة 800 مليون دولار يجب أن توضع على أساس أكثر قابلية للتنبؤ وأنه سيكون هناك مؤتمر خاص في بروكسل هذا الشهر لحث المانحين تغيير طريقة تمويل الوكالة من اليد إلى الفم، حيث تعرّضت "أونروا" لضربة شديدة في عام 2018 عندما أوقف دونالد ترامب التمويل الأمريكي، تاركاً دولاً أخرى تندفع لسد العجز غير المتوقع، لكن إعادة انخراط الولايات المتحدة في عهد جو بايدن قابله عدم وجود التزامات متعددة السنوات حتى الآن من دول الخليج، وانخفاض من دول أخرى مثل المملكة المتحدة.
وأشار لازاريني إلى أنّ المساهمات الخليجيّة انخفضت من 200 مليون دولار في 2018 إلى 87 مليون دولار في 2019 إلى 37 مليون دولار في 2020، وحتى الآن عرضت دول الخليج 20 مليون دولار فقط لهذا العام، وهذه ليست مشكلة قصيرة الأمد وإن نموذج التمويل الحالي لدينا يقود الوكالة إلى الانهيار بعد أن أصبح غير مستقر لدرجة أنه يسبب تهديداً وجودياً للمنظمة عاماً بعد عام، ونحن في وضع يتفاقم أكثر من أي وقت مضى.
وأكَّد لازاريني أنّه ومع بداية نوفمبر الحالي، ليس لديّ أي شيء في حسابي المصرفي، ولا أعرف كيف سأغطي التكاليف والرواتب وهذا يعني آلاف المعلمين وآلاف العاملين الصحيين، وهذا يعني خسارة الخدمات الهامة في بيئة غير مستقرة للغاية، وبدأنا هذا العام بمسؤولية حرجة وأستطيع طباعة النقود وأستطيع اقتراض المال وكل ما يمكنني فعله هو التأخير والبناء عليه، مُشدداً أنّ "أونروا" لا يمكن تعويضها عندما يتعلق الأمر بتوفير التعليم للاجئين.
وحل الانتقادات للمناهج الدراسية، أوضح لازاريني أنّ كل عام لدينا عشرات المدارس التي يكافئها المجلس الثقافي البريطاني على جودة تعليمها ومن خلال الاستثمار في تعليم أكثر من 500000 فتى وفتاة في المنطقة، فإننا لا نستثمر فقط في المستقبل ولكن في استقرار المنطقة، مُبيناً أنّه يوافق على أنه في عهد ترامب كان الموسم مفتوحاً لمنتقدي المنظمة ونحن نتعرض أحياناً لهجمات سياسية شرسة عادة من منظور المناهج المدرسية، ولكن في الواقع يكون ذلك بسبب وجود وجهة نظر ساذجة مفادها أنه إذا تم إضعاف الوكالة أو القضاء عليها، فسيتم التعامل مع عقبة أمام الاستقرار الدائم، لكنّ "أونروا" ليست هي التي تكرس إقامة دولة اللاجئين وإن قيام دولة اللاجئ يديمها غياب الحل السياسي، وأؤكّد أنّه لا يوجد فلسطيني يريد أن يبقى لاجئاً بعد هذا الوقت الطويل.