لم تتوقف ردود الفعل الرافضة لـ اتفاق الإطار، الذي وقع بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ووزارة الخارجية الأمريكية في 15أيار/ مايو الماضي، من أجل استعادة الدعم المالي الأميركي المشروط لأنشطة الوكالة، و الذي كان قد أوقفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
ويعود سبب رفض هذه الاتفاقية بحسب ناشطين سياسيين فلسطينيين لاعتبارها تنازلًا عن حق العودة والقرار الأممي 194 المطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم التي هجروا منها وتعويضهم، كما أنه يستهدف سلخ الفلسطينيين عن واقعهم وشطب قضيتهم العادلة؛ فانعكاساته خطيرة على قضية اللاجئين، بحسب ما يؤكدون.
بوابة اللاجئين الفلسطينيين استطلع آراء عددٍ من الشخصيات، من اللاجئين الفلسطينيين بالأردن، بشأن اتفاق الإطار وتبعياته الخطيرة.
إدارة الوكالة تمارس الاتفاقية منذ عام 2000!!
الناشط السياسي والاجتماعي، محمد البهبهاني، يقول: إن اتفاق الإطار ليس حديثاً، بل أن إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، تمارس الاتفاقية منذ عام 2000.
يوضح البهبهاني: إنه في عام 2000، كان يعمل معلماً في إحدى المدارس التابعة لـ "أونروا"، ووقع على عقد يقضي بعدم التدخل في الشؤون السياسية، ومنذ ذاك التاريخ فإن الوكالة تمارس ضغوطات على اللاجئين الفلسطينيين وبالأخص على الموظفين.
اتفاق الإطار يمنع بشكل جلي في أحد بنوده أي موظف فلسطيني في أحد المؤسسات التابعة لـ "أونروا"، أن يمارس حقه في التعبير عن رأيه بخصوص قضيته الفلسطينية، ويعتبر أي موظف يمارس أي نشاط على شبكات التواصل الاجتماعي لمواجهة الاحتلال الصهيوني، أنه قد تجاوز الحيادية وبناء على ذلك تتم محاسبته.
وبحسب الناشط البهبهاني، فإن الاتفاق جاء في عهد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في محاولة من الولايات المتحدة الضغط على إدارة "أونروا" من أجل إعادة التمويل المالي لها، حيث أن أمريكا تنظر إلى العالم على أنها الأقوى والقادرة على إدارة العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
ويضيف: أن اتفاق الإطار يتضمن مجموعة من الضغوطات، التي ستمارس على الشعب الفلسطيني، من أهمها أن الإدارة الأمريكية تشترط على "أونروا"، ألا تقدم أي خدمة لأي عضو في منظمة التحرير الفلسطينية أو أي فصيل فلسطيني، إضافة إلى التدخل في المناهج الدراسية وما يدور من حديث عن فلسطين داخل أروقة المدارس.
وأعرب الناشط البهبهاني، عن تخوفه من أن تحذو الدول التي تقدم مساعدات للاجئين الفلسطينيين، على نفس سياسة الإدارة الأمريكية، مطالباً أبناء الشعب الفلسطيني بتوحيد وتكثيف جهودهم في مواجهة كل هذه المؤامرات، وإنهاء الانقسام.
البهباني يؤكد أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى فرض واقع اقتصادي سيء على الشعب الفلسطيني، من أجل القبول بحل أسوأ من صفقة القرن، مشيراً إلى أن تقليصات دعم الولايات المتحدة لـ "أونروا"، أثر بشكلٍ واضح على مستوى الخدمات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، وأعطى مثالاً بأن "أونروا" لا تقدم خدمات للاجئين في الأردن سوى بنسبة 10%، وفقًا لقوله.
وضع الإدارة الأمريكية شروطاً لإعادة التمويل مخالف للقوانين الدولية
ذات الرأي، حمله الكاتب السياسي المهندس لطفي أبو سليم الذي يؤكد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أن اتفاق الإطار يحول الوظيفة التي وجدت من أجلها وكالة "أونروا"، وهي تقديم خدمات إنسانية، إلى وظيفة استخباراتية للاحتلال الصهيوني، حيث تقدم معلومات عن الموظفين وكل من يتعامل معها سواء موظفين أو مستفيدين.
وبحسب أبو سليم فإن ثبات موقف الشعب الفلسطيني من رفض الاتفاق جملة وتفصيلًا هام جداً، خاصة أن هناك مخاطر وخيمة على مجمل القضية الفلسطينية.
وأشار، إلى أن وضع الإدارة الأمريكية شرطًا لعودة تمويلها لـ "أونروا"، يهدف إلى إفراغ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين من القضية الأساسية إلى خطر يهدد اللاجئ الفلسطيني.
وأكد، أنه هذه العملية تخالف القوانين والأنظمة الأممية كافة، التي وجدت بسببها المنظمة، والتي تنص على أن أي تبرعات لـ "أونروا" يجب أن تكون غير مشروطة.
واعتبر أبو سليم، أن الشروط التي تضعها الولايات المتحدة قاسية جدًا، وبمثابة تقرير أمني يقدم من قبل إدارة "أونروا" للكيان الصهيوني وأمريكا، وتفتح المجال للتدخل بالتفاصيل كافة، حتى يحق لها أن تفصل أي موظف يثبت أنه يتعامل مع تنظيم فلسطيني، عدا عن ذلك فإنها تتضمن حق واشنطن والاحتلال الصهيوني، في التدخل بصياغة المناهج الدراسية وتفريغها من محتواها الوطني من أجل غسل دماغ الجيل الجديد حتى ينسى حق العودة، وهذا لن يحصل أبدًا، بحسب قوله.
ويضيف: أن جود " أونروا" مرتبط بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، وهي تعمل من أجل اللاجئ الفلسطيني ونحن نختلف عن أي لاجئ في العالم؛ فلابد من استمرار الوكالة في عملها حتى تؤدي دورها الإنساني التي وجدت أمميًا من أجله، لما تمثله من شاهد قانوني وسياسي على الحق التاريخي للاجئين في العودة إلى ديارهم.
ويرى أن الاتفاق يشكل سابقة خطيرة ويجب رفضه محلياً وعربياً ودولياً، وأنه جزء من صفقة القرن التي فشلوا في تطبيقها.
مشاريع عدة طرحت لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين واتفاق الإطار أحد أدواتها
لا يمكن عزل هذا الاتفاق تاريخيًا عن الجهود المبذولة أمريكيًا وغربيًا لتصفية حق العودة هكذا وصف أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب الاتفاق.
يقول ذياب: إن هناك مشاريع طرحت في مراحل متعددة لإنهاء هذا الحق، ولكنه ظهر بشكل جدي خلال عهد الإدارة الأمريكية السابقة، عندما أوقف ترامب التمويل عن الوكالة بهدف إلغاء المؤسسة الدولية " أونروا" ليفتح بذلك المجال أمام إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، واعتبار اللاجئ هو الذي ولد في فلسطين قبل عام 1948، في مسعى لتقليص عدد اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء حقهم بالعودة، مؤكدًا أن ذلك يتناقض مع التعريف المنصوص عليه في الأمم المتحدة من أن المصطلح يشمل الأبناء والأحفاد.
وأوضح ذياب، أن الإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة "جو بايدن"، بدأت بطريقة مختلفة لتقديم الدعم لـ "أونروا"، من خلال وضع شروط جديدة على المؤسسة الدولية وتفريغها من أي مضمون تحت شعار الحيادية والموضوعية.
وأضاف، أن الهدف من الشروط تجريد العاملين في المؤسسات التابعة لـ "أونروا"، من حسهم الوطني في البداية، إلى أن يقودهم للتدخل في المناهج وإلغاء كل ما من شأنه يشجع على "العنف" من وجهة النظر الأمريكية- الإسرائيلية ، إضافة إلى تغيير في وظائف ودور الوكالة، وتحويلها إلى مؤسسة دولية كأنها مؤسسة أمنية تقدم معلومات عن الداخل والصادر.
وتوقع ذياب، أنه سيتم تدريجيًا تقليص دور "أونروا"، ثم تحويل قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية العليا التابعة للأمم المتحدة، وهي بدورها ووظائفها مختلفة بالكامل عن "أونروا".
وتابع، إن مهام "أونروا" يجب أن تستمر حتى يتحقق للفلسطينيين حق العودة إلى ديارهم وفق القرار 194.