هنالك قضايا تصبح جزءاً من لوازم الأخبار اليومية، ولكنها تمر أمامنا ونحاول تجاهلها، لوجود انطباع راسخ بعجزنا عن التأثير فيها.

خبر يومي يرد ولا نسمعه ولا نقرأه نمر عنه فحسب ونتمنى أن ينتهي فحسب، قتل الاحتلال لفلسطيني على طرقات الضفة، قصف على غزة، أو التردي الخطير لوضع اللاجئين في مخيمات لبنان في ظل الأزمة اللبنانية.

خبر آخر مفاده أن  40% من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان ممن أجروا اختبار فيروس (كوفيد)19  ثبتت إصابتهم به، قد يمر بذات الطريقة، لكن الفارق أن هناك ما يمكن فعله ويجب فعله، دون ربط ذلك بتغيير المعادلات السياسية الكبرى أو توازنات القوى، وأن النتائج المترتبة على عدم اتخاذ رد فعل ستكون كارثية كما تشير المقدمات ووقائع الحال.

لا نتحدث هنا عن تلك الآثار التي يتركها وباء كورونا حول العالم على مختلف المجتمعات، أو عن ضعف القطاع الصحي في هذا البلد وذاك، أو حتى عن الظروف المأساوية للاجئين الفلسطينيين والمستمرة منذ النكبة، ولكن عن تدهور حاد في الوضع الصحي في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من شأنه أن يتحول لبيئة تفشي وبائي خطير لا يقتصر على وباء كورونا.

 وحتى لا يتم فهم هذا التحذير كمبالغة، علينا النظر للحقائق الأساسية المفضية حول الوضع في المخيمات، فإلى جانب الظروف القائمة من اكتظاظ سكاني وسوء البنى التحتية ورداءة الخدمات وظروف العيش والفقر المدقع، فإن تقليص وكالة "أونروا" لخدماتها قاد لانكماش كبير في دور وقدرة المراكز الصحية المحدودة في المخيمات، وقد جاءت الأزمة الاقتصادية اللبنانية لتضيف لذلك أزمة الحصول على الدواء، ما يعني فعلياً استعصاءً في حصول اللاجئ الفلسطيني على خدمات التشخيص الطبي أو العلاج، وهو ما يشكل خطراً مباشراً على حياة المرضى من السكان، ويهدد بمضاعفات لتلك الحالات التي لا تُعالج في الوقت الملائم.

لا يقتصر الأمر على ذلك، فالانقطاع المستمر للكهرباء وصعوبة وصول معظم السكان للمياه، صارت بحد ذاتها تشكل ظروفاً محفزة لانتشار الأوبئة والأمراض، ناهيك عن أضرارها المباشرة على المرضى وكبار السن والأطفال، في مجتمع يعاني أصلاً من انتشار واسع لحالات نقص التغذية وفقر الدم بأشكالها، في ظل تراجع أولوية العلاج عند كثير من اللاجئين الذين يعانون لتدبر قوت يومهم.

 

إن نطاق المسؤولية السياسية هنا محدد وواضح، فإمكانيات التدخل متوفرة، وفي متناول الجهات ذات المسؤولية وهي وكالة "أونروا" أولاً والدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية، حيث يمكن الشروع وبكلفة بسيطة نسبياً في توريد الاحتياجات العلاجية والدوائية مباشرة للمخيمات وتوزيعها من خلال الطواقم الطبية فيها، كما يمكن العمل على منح مساحة لاستفادة اللاجئين الفلسطينيين من شبكة مؤسسات القطاع العام والخاص الطبي اللبناني، وكذلك تبدو إمكانية إيفاد فرق طبية ومستشفيات وعيادات ميدانية متنقلة أو ثابتة ممكنة، كما إن رفد موازنة القطاع الطبي لأونروا في مخيمات لبنان على نحو طارئ ممكنة ولا غنى عنها في مواجهة الظرف القائم.

هذا النداء لا يقول انقذوا مخيمات لبنان ولاجئيها، ولكن أرسلوا الدواء والفرق الطبية لمخيمات لبنان، واعملوا على إعادة  الحياة

 إعادة الحياة تكون عبر توفير خدمات المياه والكهرباء المتأثرة بانقطاع الوقود، وهذا النداء موجه بالأساس للقوى الفلسطينية والمؤسسات الفاعلة في مجتمع اللجوء الفلسطيني في لبنان، يدعوها للتحرك والضغط تجاه الأطراف المسؤولة لتدارك الكارثة قبل توسعها.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد