شهدت مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أمس الأحد 29 أيّار/ مايو، يوم غضب حاشد، أعلن فيه النفير العار نصرةً لأهالي القدس المحتلّة في مواجهتهم للهجمة الصهيونية على المسجد الأقصى، فيما يسمّى بـ "مسيرة الأعلام" التي قام بها المستوطنين وواجهها أهالي فلسطين المحتلّة بمسيرات رفعت العلم الفلسطيني.
ومنذ ساعات الصباح الأولى بدأت المظاهرات، في معظم المخيّمات على امتداد الأراضي اللبنانية، وتزيّنت المداخل والشرفات بالأعلام الفلسطينية على وقع الأناشيد الثوريّة والوطنية، في يوم غضب شعبي وسياسي، رفعت فيه الأعلام الفلسطينية دون سواها.
وردت المسيرات، شعارات وهتافات مساندة للقدس وداعمة لأهلنا في الأراضي المحتلة ومؤيّدة للمقاومة الفلسطينية، وحضر الاعتصامات والمسيرات، ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية وفصائل هيئة العمل الفلسطيني المشترك، والمؤسسات والجمعيات والاتحادات والروابط اللبنانية وممثلو اللجان الشعبية وقادة الأمن الوطني الفلسطيني.
الاعتصام الأوّل في مخيم عين الحلوة بمدينة صيدا، حيث انطلق اللاجئون بعد صلاة الفجر في مسيرة حاشدة جابت أزقّة المخيم، كذلك شهد المخيم طوال اليوم اعتصامات متتالية نصرة للمسجد الأقصى والمرابطين فيه بوجه مخططات العدو الصهيوني.
وفي تصريح له، دعا مسؤول العلاقات الوطنية في حركة "حماس" أيمن شناعة، إلى رصّ رصّ الصفوف وتوحيد جهود الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات لمواجهة الاعتداءات المتكررة على شعبنا ومقدساته.
وقال شناعة في تصريح لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ "الأعلام الصهيونية التي ارتفعت في ساحات الاقصى اليوم سوف تندثر عند أوّل صاروخ يحلق في سماء القدس، وأكد أن سيف القدس لا زال مشرعا وأنّ المقاومة التي أطلقها شعبنا في القدس والضفة الغربية واراضيال٤٨ ومن خلفها مقاومة مقتدرة في قطاع غزة ثبّتت معادلات جديدة ووضعت قواعد اشتباك جديدة في المنطقة، مشيرًا الى أنّ العدوّ إذا تعدى الخطوط الحمراء سيواجه مقاومة شرسة ستكون مفاعيلها اشمل وأعم من "سيف القدس 1."
وفي الجنوب أيضًا شهد مخيمي الرشيدية والبرج الشمالي في مدينة صور، اعتصامات جماهيرية حاشدة، حيث دعا المعتصمون الى اعتبار هذا اليوم يومًا يعبّر عن وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة قيادته ووحدة حقوقه الوطنية.
وأدان عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في مخيم برج الشمالي فؤاد الحسين التصعيد الصهيوني بالدعوة لمسيرة الأعلام تحت شعار ما يسمى يوم توحيد القدس، مشيرًا الى أنّ هذه الطقوس التوراتية الزائفة التي بدأت الاحتفالات بها مع احتلال القدس عام 1967 والتي تأتي اليوم من بوابة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى من أجل السيطرة على القدس تحت ذرائع متعددة، في إطار المشروع الصهيوني الاستعماري وفي القلب منه مشروع الضم والسيطرة على القدس باعتبار أن القدس هي العاصمة الموحدة للصهاينة، و بأن لهم جذور في هذه الأرض.
وأشار حسين في حديث لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إلى فشل كافة مشاريع ومخططات الصهاينة، على امتداد 74 عاماً، من أن يثبتوا بأن هناك دلائل تشير في التاريخ على وجودهم في هذه الارض، قبل النكبة الكبرى والجرائم التي ارتكبوها بتدمير المدن والقرى الفلسطينية وتهجير أهلها قسراً الى خارج أرضهم ووطنهم.
وأكّد الحسين لموقعنا، أنّ كل هذا يأتي في إطار جوهر الصراع الذي يدور على السيادة وعلى الهوية وعلى الارض، والذي يعبر فيه الشعب الفلسطيني يومياً وعلى امتداد 74 عاماً على النكبة بأنه متشبث بالأرض ورافضاً لكافة المشاريع التي تنتقص من حقه في الحرية والاستقلال والعودة، مشددا على أنّ القدس هي العاصمة الابدية لفلسطين وأنّ كافة الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني يومياً لن تثنيه عن مواصلة نضاله لاستعادة حقوقه الوطنية.
وأضاف الحسين، "إن الرد الفلسطيني تجاه هذا التطور الهام في السياسة الصهيونية يجب أن يكون موحد اعلى مساحة كل الارض الفلسطينية في الداخل والخارج والزج بجميع أشكال النضال كأساليب مشروعة في مواجهة اجراءات الاحتلال، خاصة المقاومة المسلحة والانتفاضة الشاملة، وتوفير الحماية السياسية لجميع فعاليات المقاومة الشعبية، والانطلاق من هذا الحدث نحو اعادة النظر في السياسة المتبعة مع الاحتلال وممارساته، واعطاء الأولوية لتعزيز الوحدة الوطنية، بكل ما يتطلبه ذلك من اجراءات وارادة سياسية على حماية شعبنا وحقوقه الوطنية.
ودعا الحسين الأمّة العربية وقواها الوطنية تقديم كل أشكال الدعم والاسناد للشعب الفلسطيني ونضاله، واسقاط اتفاقيات الشراكة والتطبيع الأمني والاقتصادي من بعض الدولة العربية مع العدو الصهيوني والتي تقدم خدمة مجانية للاحتلال على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
كذلك انتفضت مخيمات بيروت عن بكرة أبيها، حيث كان الاعتصام الأول في مخيم شاتيلا، حضره أبناء المخيم وممثلون عن الفصائل والقوى الفلسطينية والوطنية.
وقال مقرر الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمّة ناصر حيدر : "من مخيم الشهداء مخيم الأبطال نعتصم اليوم لنقدم تحية إجلال واكبار للمنتفضين في القدس وارجائها بشيبها وشبابها ونسائها واطفالها الذين يسطرون بصدورهم العارية ملاحم عز وبطولة بوجه المحتلين الصهاينة قتلت الأطفال، وبوجه المطبعين والمتخاذلين، الذين ظنوا ان سيرهم في ركاب التطبيع و صفقة القرن وقرارات ترامب حول القدس واتفاقات التطبيع الإبراهيمية، ستحميهم أمام إرادة شعب لطالما كان وسيبقى شعب الجبارين و امام مقاومة اصبح تحيط فلسطين ، ناهيك عن داخل الفلسطيني المحتل".
ودعا حيدر عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" القوى والفصائل الفلسطينية على ضرورة توحيد كل القوى من أجل فلسطين، "فمن يقترب من فلسطين يعتز ومن يبتعد عنها يهتز".
أما مخيم مار الياس فقد شهد اعتصاماً جماهيريّاً ونفيراً عامَّاً عند المدخل الغربي للمخيم، وكانت كلمة لأمين عام حزب الوفاء اللبناني أحمد علوان، دعا فيها شرفاء الأمة لاستنهاض الشعوب ضد العد والصهيوني، مطالِبًا بهبَّة شعبية ووطنية لحماية الأقصى وجميع المقدسات.
كما شهد مخيّم برج البراجنة، عند المدخل الغربي للمخيم، حيث تعالت الهتافات المساندة للمقدسيين، وقال أمين سر حركة فتح وفصائل المنظمة في بيروت سمير ابو عفش أنّ مسيرة الأعلام اليوم، وكل المحاولات لإيقافها، وكل مناورات الاحتلال لعدم الرد عليها، ما هي إلاّ دلالة على أن الاحتلال ضعيف وهشٌّ، والشعب الفلسطيني ومقاومته لديهم القدرة الكاملة على تحديد نهاية هذا المشروع الصهيوني وأكد أبو عفش لموقعنا أنّ الشعب الفلسطيني بوحدته يكرِّس اليوم معادلة واضحة بأن العلم الفلسطيني والعلم الوحيد الذي سيُرفع على مساجد القدس ومآذنها وكنائسها.
معتبرًا محاولات المستوطنين ومعهم كل أجهزة كيان العدو لفرض تقسيم وواقع جديد في القدس سيسقط أمام وحدة الشعب الفلسطيني وجماهيره ومقاومته، ومؤكِّداً أن الشعب الفلسطيني سيفرض معادلاته رغم أنف العدو ومستوطنيه.
وطالب أبو عفش كافة فصائل الثورة الفلسطينية بالوحدة على اعتبارها المدخل الأساس للعودة إلى فلسطين ولحق تقرير المصير المتمثِّلة بحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
كما اجتاح غضب عارم، مخيمي نهر البارد والبداوي شمال لبنان، حيث شهدا وقفات استنكارية ومسيرات جماهيرية تنديدا بمسيرة الأعلام الاستفزازية في القدس، تخللها رفع العلم الفلسطيني، وقال مسؤول اتحاد لجان حق العودة في الشمال ابو فراس موسى إنّ علم فلسطين سيبقى مرفرفا فوق رؤوس الأمة بأكملها، وأنه علم الشرف والعزة والشهامة، ووجّه تحيّة إلى المرابطين المدافعين بصدورهم العارية عن مقدساتنا وعن شرف الأمة، وتابع لموقعنا : "نحن أهل فلسطين لم نخذل رسولنا ولأمتنا، ولم نخذل شعبنا ولا شهداءنا، وسنبقى متمسكين بحقوقنا، وسنطرد المستعمرين عن كامل التراب الفلسطيني المقدس، ستبقى القدس موحدة، وفلسطين دولتنا وسننتصر".
وأكد موسى على ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية، تحت راية فلسطين وثوابتنا ومقدساتنا، مشددًا على “تمسك شعبنا بالقدس عاصمة لدولة فلسطين كاملة من النهر الى البحر، وبالمقاومة كخيار للدفاع عن التحرير والعودة".
كما شهد تجّمع وادي الزينة للاجئين الفلسطينيين في منطقة إقليم الخرّوب، تجمعا شعبياً حاشداً، رفعن فيه الأعلام الفلسطينية بكثافة، كما ألقيت كلمات اكدت على تلاحم الشعب الفلسطيني في الشتات، مع أهله في الداخل المحتل في مواجهة مخططات تهويد القدس.
وكانت قد انطلقت "مسيرة الأعلام"، عصر أمس الأحد، بتنظيم جماعات يهودية في القدس المحتلة، لإحياء ما يسمى يوم "توحيد القدس"، وهو ذكرى ضمّ الاحتلال الإسرائيلي الجزءَ الشرقي من المدينة، بعد احتلاله في حرب حزيران/يونيو ١٩٦٧.