كشف تقرير نشرته صحفة "هآرتس" العبرية،  أمس الجمعة 3 حزيران/ يونيو، نيّة الاحتلال الإسرائيلي، تهجير فلسطينيي لبنان، كأحد أهداف الحرب التي شنها على لبنان في الخامس من حزيران/ يونيو عام 1982.

واستند التقرير على محضر اجتماع عقد بين رئيس حكومة الكيان السابق مناحيم بيغن، والرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغن، واقترحت خلاله الحكومة "الإسرائيلية" تهجير الفلسطينيين من لبنان إلى دولة عربية أخرى كليبيا أو السعودية، فيما طرح ريغن فكرة توطين اللاجئين في لبنان.

وجاء في التقرير، أنّ الرئيس الأمريكي حينها التقى مع مناحيم بيغن بعد مرور أسبوع على العدوان، حيث أبلغه الأخير، أنّ "إسرائيل" لن تتوقف عند حدود 40 كلم كما هو معلن، انما هدفها اجتياح كامل لبنان، على عكس ما كان معلن في ذلك الوقت.

وقال ريغان خلال الاجتماع: إنّ "الغالبية العظمى من هؤلاء الفلسطينيين، وليس المنتمين لمنظمة التحرير الفلسطينية، إذا ما وعدتهم الحكومة اللبنانية بالجنسية، أليس ذلك حلًّا؟" بحسب ما أورد التقرير، بينما رد سفير كيان الاحتلال لدى الأمم المتحدة "يهودا بلوم": "في لبنان مشكلة توازن دينيّ، وإذا مُنح اللاجئون الفلسطينيون مكانة دائمة، فإن التوازن نفسه يمكن أن يضطرب، لأن معظمهم من المسلمين".

واقترح بيغن تهجير اللاجئين إلى دول عربية، ونقل التقرير قوله: "ليبيا تقول إنها صديقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي دولة كبيرة. لماذا لا تستقبل الناس؟ والعراق بلد ضخم، به موارد هائلة، ومياه ونفط، لماذا لا يذهبون إلى هناك؟".

وتساءل ريغان: “هل يمكن إيجاد إجابة، حتى يتم إيجاد حلّ نهائيّ للمشكلة؟، ليجيب بيغن: "سيتم إيجاد حلّ إذا كانت هناك رغبة في إيجاده"، واقترح ترحيل الفلسطينيين في لبنان إلى دول عربية أخرى، قال "إن لها أراض شاسعة، إضافة إلى المياه والنفط ومليارات الدولارات".

وكما أورد التقرير، تأكيداً من سفير الكيان " الإسرائيلي" في الولايات المتحدة، موشيه أرنس، خلال الاجتماع على فكرة التهجير، وقال: "من المؤسف أنّ بعض الدول العربية ليست مستعدة لقبول عدد كبير (من اللاجئين). السعودية وسورية وآخرون يمكنهم أيضا".

الجدير ذكره، أنّ ما جاء في التقرير، يؤيد ما أظهرته وقائع الغزو الصهيوني عام 1982، حيث أظهرت أنّ الفلسطيني بكافة تصنيفاته، وليس فقط الفدائيّين، كانوا المستهدفين من العمليّة الصهيونية، ولعل ما حدث في مخيّم عين الحلوة عقب دخول قوات الغزو إلى صيدا، يبرهن على الهدف، حيث دُمّر المخيّم واعتقل معظم رجاله وشبّانه في معتقل أنصار، وكذلك الحال كان في مخيّم المية ومية المجاور، والتي دفعت إليه قوّات الاحتلال بعناصر من اليمين الانعزالي اللبناني، لتولي مهمّة حرق المخيّم ومحوه، فيما شهد مخيم شاتيلا ومنطقة صبرا المجاورة مجزرة إبادية، ما أشار إلى هدف إسرائيلي بإنهاء حالة اللجوء الفلسطيني في لبنان، وهو ما أشار اليه "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في وقت سابق.

ما جاء في التقرير "الإسرائيلي" يتقاطع مع تقارير سابقة ووثائق كشفت بعد مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبت في أيلول/ سبتمبر 1982 وراح ضحيتها نحو 3500 فلسطيني ولبناني وآخرين من جنسيات عربية أخرى.

 إذ كشفت وثيقة تم تسريبها بعد ثلاثين عاماً على المجزرة وتحديداً عام 2012، حين سمح بكشف الملاحق السرية للجنة "كاهان" التي أنشأها الاحتلال بعيد مجزرة صبرا وشاتيلا للتحقيق فيها، وكشف إحدى هذه الملاحق صحفي أمريكي يدعى "سيث أنزيسكا".

في هذه الوثيقة تم الكشف عن اجتماع سبق المجزرة في مزرعة بالنقب الفلسطيني المحتل حضره الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل ورئيس الاستخبارات العسكرية اللبنانية آنذاك، جوني عبدو، ومسؤولين لبنانيين واسرائيلين، على رأسهم وزير حرب الاحتلال في ذلك الحين، آرئيل شارون، ورئيس الاستخبارات الإسرائيلية، يهوشع ساغي.خلال ذلك الاجتماع الذي عقد  في 31 تموز/ يوليو 1982 جرت مناقشة وجود المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث قال شارون: "إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والحكومة اللبنانية يستوجب معالجة مسألة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان"، ليردّ عليه الجميّل: "سنهتم بكل شيء ونخبركم قريباً".
الملحق يوثق طلباً صريحاً من "ساغي" للجمّيل بالتخلص من الفلسطينيين في لبنان، "لقد حان الوقت لرجالك كي يعدّوا خطّةً للتعامل مع الفلسطينيين".
ويوثق الملحق أيضاً شهادة ضابط الاستخبارات الإسرائيلي "إلكانا هارنوف" والتي قال فيها: إنه سمع من الكتائب قولهم، أن "صبرا ستتحول إلى مزرعة حيوانات وشاتيلا إلى موقف للسيارات".
ولكن لم يشأ القدر بأن يُترك الجميّل ينتشي بلحظة تنفيذ ما خطط له، فعند الساعة الرابعة من يوم الثلاثاء الواقع في 14 أيلول/سبتمبر 1982، زلزل انفجار ضخم مبنى حزب "الكتائب" في منطقة الأشرفية شرقي العاصمة بيروت، نجم عنه مقتل الرئيس اللبناني بشير الجميل (34 عاماً) وأكثر من 20 آخرين.

متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد