قال مكتب تنسيق الشؤون الإنساني التابع للأمم المتحدة "أوتشا" في فلسطين المحتلّة، في ورقة حقائق نشرها أمس الخميس 7 تموز/ يوليو، إنّ 215 أسرة فلسطينية مؤلفة من نحو 1,150 فردا، من بينهم 569 طفلا، تسكن في منطقة مسافر يطّا في الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، معرضة لخطر الإخلاء القسري، بسبب اعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي منطقتهم " منطقة إطلاق نار عسكرية."
وحذّر مكتب "أوتشا" الإخلاء القسري لأهالي المنطقة، سيفضي إلى تعاظم الاحتياجات الإنسانية التي ينبغي الوفاء بها لضمان حماية الناس وقدرتهم على الحصول على الخدمات الإنسانية.
كما أكد المكتب في الورقة، على موقف القانون الدولي، من جهة ان الإخلاء القسري الذي يفضي إلى التهجير، في حالة إنفاذه، قد يرقى “إلى مستوى الترحيل القسري الذي يُعد مخالفة جسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة، ولهذا يعتبر جريمة حرب."
وبالتالي "يتعيّن على السلطات الإسرائيلية أن تضع حدّا لجميع التدابير القسرية، بما فيها عمليات الإخلاء والهدم المزمعة وإجراء التدريب العسكري في المناطق السكنية." وفق الورقة.
تاريخ من القرارات والممارسات التهجيرية
وأوضحت الورقة، أنّ سلطات الاحتلال، صنّفت جزءاً من منطقة مسافر يطا منذ ثمانينيات القرن الماضي كمنطقة "إطلاق نار 918" وهي عبارة عن منطقة عسكرية مغلقة. ومنذ هذا التاريخ يتعرض السكان لخطر الإخلاء القسري والهدم والترحيل القسري.
وعرضت الورقة، سلسلة الممارسات التهجيرية الإسرائيلية بحق أهالي المنطقة، حيث أصدرت سلطات الاحتلال في عام 1999، أوامر إخلاء لنحو 700 فلسطيني من سكان مسافر يطا، بسبب "السكن في منطقة إطلاق نار بصورة غير قانونية" ونتيجة لذلك، أخلى الجيش الإسرائيلي معظم هؤلاء الفلسطينيين بالقوة ودمّر منازلهم وممتلكاتهم أو صادرها.
وأشارت الورقة، إلى أنّ التجمعات السكانية في مسافر يطّا مازالت تتعرض لعدة موجات من عمليات الهدم وأوامر الهدم منذ عام 1999، بما فيها القرى الواقعة خارج منطقة إطلاق النار.
وعرّجت الورقة، على القرارات التي أصدرتها "المحاكم الإسرائيلية" الرامية لتهجير أهالي المنطثة، ومنعا التماس رُفع إلى محكم العدل العليا في 2012، "أعاد الجيش الإسرائيلي تأكيد حقه في إخلاء ثمانية تجمعات من أصل 13، مع إتاحة الإمكانية لهم للوصول إلى أراضيهم لزراعتها والرعي فيها في أيام نهاية الأسبوع وخلال العطل اليهودية دون غيرها."
وادعت ما تسمى " محكمة العدل العليا" في جلية عقدتها المحكمة في آب/أغسطس 2020، "أن أبناء التجمعات الفلسطينية لم يكونوا يقطنون في المنطقة عندما أعلن عنها منطقة إطلاق نار، وأنهم بحكم ذلك لا يملكون الحق في مواصلة السكن في منازلهم."
فيما قضت ذات المحكمة في 4 أيار/مايو 2022، "أنه ليس ثمّة عقبات قانونية تحول دون تنفيذ الخطط الرامية إلى طرد السكان الفلسطينيين من مسافر يطا لإتاحة المجال أمام إجراء التدريبات العسكرية، وهو ما يعرّضهم فعليا لخطر الإخلاء القسري والتهجير التعسفي والترحيل القسري الوشيك." حسبما بيّنت الورقة.
وأكّدت "أوتشا" في الورقة، أن قرار المحكمة جزءاً من سياسة أعمّ تنفذها "إسرائيل" في الأرض التي تحتلها لاستخدام المناطق العسكرية المغلقة، مما يؤدي إلى مصادرة أراضي الفلسطينيين وهدم منازلهم، والسماح في بعض الحالات بإقامة المستوطنات وتوسيعها.
واستعرضت الورقة سلسلة تقوم بها سلطات الاحتلال خلال العام 2022 الجاري، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي في 18 أيار/مايو 2022 أمرا عسكريا بمصادرة الأراضي لشق طريق من مسربين لتسيير دورياتها في "منطقة إطلاق النار".
وفي 11 أيار/مايو و1 حزيران/يونيو 2022 هُدمت منازل العشرات من الفلسطينيين في خربة الفخيت والمركز. أما الهدم الذي نُفذ في الأول من حزيران/يونيو فيُعتبر بالنسبة للبعض المرة الثالثة التي فقد فيها منزله خلال فترة تقل عن سنة.
وفي حزيران/يونيو 2022، أصدرت سلطات الاحتلال أوامر بهدم المنازل السبعة ومعظم المباني التي يستخدمها مالكوها في تأمين سبل عيشهم في خربة التبان. كما صدر في 16 حزيران/يونيو 2022، المزيد من أوامر الهدم التي طالت 20 مبنى في خلة الضبع بعد يوم من الإعلان عن إجراء تدريب عسكري في المنطقة.
وأشارت الورقة، إلى أنّ أنشطة الرعي مصدر الدخل الرئيسي لدى هذه التجمعات، فيما تقلصت إمكانية الوصول إلى المراعي تقلصت بسبب الأنشطة العسكرية والاستيطانية، ويزيد هذا الحال من الاعتماد على العلف الذي شهدت أسعاره ارتفاعا هائلا خلال الحرب في أوكرانيا.
وبينت الورقة، اعتماد الاحتلال لإجراءات هدم المدارس والعيادات الصحية، كجزء من عملية التهجير، وقالت "أوتشا" سلطات الاحتلال تصدر أوامر الهدم أو "وقف العمل" ومصادرة المركبات والمعدات وفرض القيود على إمكانية الوصول إلى الأراضي ووصول العاملين في المجال الإنساني إلى هذه المنطقة.
كما يعيق الاحتلال، مساعي المنظمات الإنسانية في تقديم المساعدات لأبناء التجمعات السكانية في مسافر يطا للوفاء باحتياجاتهم الأساسية، بما فيها المياه والكهرباء والحيلولة دون ترحيلهم قسرا عن تجمعاتهم.
كما اصدرت سلطات الاحتلال أوامر بهدم المدارس الأربعة في المنطقة، والتي شيدت كلها بدعم من المانحين الدوليين، وهذا هو حال العيادات الأربع التي تشغلّها الفرق الصحية المتنقلة. وما تزال تلك الأوامر تنتظر التنفيذ.
وأكّدت "أوتشا" إلى أن عمليات الإخلاء المتواصلة التي تطال الفلسطينيين والتوسع الاستيطاني على مدى 55 عاما من الاحتلال تغيّر الواقع على الأرض ويتعارض مع القانون الدولي الإنساني والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي تعدّ ملزمة قانونيا.
وتأتي انتهاكات الاحتلال بحق أهالي بلدة مسافر يطا وقرى جنوب الخليل المحتلّة، في إطار عمليات تطهير عرقي، تفتتح لنكبة جديدة، كان قد سلّط "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" الضوء في تقريرٍ خاص عليها، وخاصّة بعد رفض سلطات الاحتلال التماساً من أهالي المنطقة لوقف قرارٍ سابقٍ يقضي بإغلاقها واعتبار أكثر من 30 ألف دونم مناطق "إطلاق نار"، وهذا ما يعني تهجير 12 تجمعاً سكنياً يؤوي 4 آلاف فلسطيني.