لم يمنع تحويل السلطات اليونانية لعدد من مخيمات طالبي اللجوء لديها إلى مراكز مغلقة، تحيطها الأسلاك الشائكة وتطبّق بحقّها إجراءات لا تسري سوى على سجون المجرمين الخطرين، من تسرّب ما يدور فيها من انتهاكات بحق طالبي اللجوء، ومنها مخيّم جزيرة "كوس" الذي حُوّل في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2021 الفائت.

"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تواصل مع أحد طالبي اللجوء الفلسطينيين من أبناء مخيّم خان الشيح في سوريا، والمحتجز في مخيّم جزيرة "كوس" برفقة 50 فلسطينياً من سوريا وقطاع غزّة، ووصف المخيّم بالمعسكر المغلق وشديد الحراسة، وتحدّث عن انتهاكات لا إنسانيّة يتعرّض لها طالبو اللجوء في المخيّم.

يقول "أبو معتز" الذي وصل مؤخراً إلى اليونان قادماً من تركيّا، إنّه والمجموعة التي كان معها، جرى نقلهم إلى جزيرة "كوس" بعد سجنهم لمدّة 10 أيام في جزيرة "رودوس" منذ لحظة وصولهم. ووصف معاملة السلطات معهم "كمعاملة المرتكب لجرم كبير حيث وضعونا في سجن ولا يقدمون لنا شيئاً، فالمياه بالمال ووجبة طعام واحدة لا تسد جوعنا."

"كامب" اللجوء أسوأ من السجن

وأضاف اللاجئ، أنّه بعد انقضاء فترة سجنهم، تم تحويلهم الى "كامب" في جزيرة "كوس" وهو عبارة عن مجموعة من الكرافانات تحيط بها الأسلاك الشائكة وتخضع لحراسة مشددة، ولم تكن الحال فيها أفضل من سجن "رودوس" حسبما أشار حيث جرت مصادرة هواتفهم ومقتنياتهم الشخصية.

وتبدأ الانتهاكات داخل المخيّم، من ظروف الإقامة بحسب اللاجئ  "أبو معتز" حيث يودع 8 أشخاص في "كرفان" دون أبواب خارجية ولا إضاءة داخليّة، ويعاملون معاملة السجناء، فيما لا يُقدّم لهم سوى وجبتين في اليوم ولا تصلح للاستهلاك البشري.

وأكّد اللاجئ، أنّ المنظمات الإنسانيّة لا تقدّم مساعدات لطالبي اللجوء في المخيّم المذكور، سواء مساعدات إنسانية أم قانونية. فالسلطات اليونانية صادرت أيضاً أوراقهم الثبوتية وجوازات السفر لإجبارهم على أخذ بصماتهم وتقديم اللجوء بشكل قسري في الجزيرة، فيما اقتصرت المقابلات مع السلطات في إدارة الهجرة على التحقيق حول أسباب خروجهم من تركيا وتفاصيل أوضاعهم هناك.

يخوض المهاجرون في كوس تحركات لتحسين واقعهم دون جدوى نظراً لعزلة المحتجزين فيه عن العالم وغياب المنظمات المعنية

 

ولفت اللاجئ المحتجز في "كوس" إلى حاجة المهاجرين الذين تتنوّع جنسياتهم بين سوريين وفلسطينيين، إلى العديد من المستلزمات وأولها لوازم الشتاء من ملابس وبطانيات، نظراً لموسم البرد الذي بدأ في الجزر اليونانية، فيما يخلو المخيّم من خدمات النظافة، ويفتقد لمواد التنظيف.

ويخوض المهاجرون في المخيّم المذكور، إضرابات وتحركات مطلبيّة لتحسين ظروفهم المعيشيّة والخدمية والإنسانية، إلّا أنّها نادراً ما تثمر، نظراً لعزلة المحتجزين فيه عن العالم وغياب المنظمات المعنية في مراقبة الواقع الحقوقي لطالبي اللجوء هناك. حسبما أكّد اللاجئ الفلسطيني لموقعنا.

الجزر اليونانية مآل أسوأ بعد الهرب من واقع سيّء

وأكّد اللاجئ، أنّ حالات خروج اللاجئين الفلسطينيين والسوريين من تركيا باتجاه اليونان باعتبارها بوابة عبور إلى دول اللجوء الأوروبيّة في ازدياد، وذلك هرباً من سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتفشي العنصريّة تجاه اللاجئين في تركيا وتصاعد عمليات احتجاز اللاجئين غير النظاميين هناك.

وتحدث اللاجئ، عن المخاطر المتعددة التي يواجهها طالبو اللجوء عند دخول الجزر اليونانية، وتبدأ بعمليات الاعتقال البحري التي تنتهي بالإعادة القسريّة إلى المياه التركية، عبر رمي اللاجئين بطوافات صغيرة وهو ما تسبب بعشرات الوفيات خلال الفترات الماضية.

أمّا من يلقى القبض عليه في اليابسة، فيتعرض لفترات احتجاز طويلة ومجهولة المصير، وفق تعبيره، تمتد بين 6 إلى 9 أشهر، يتخللها معاملة سيّئة، ويجري إجباره على تقديم اللجوء في الجزر اليونانية.

وأشار اللاجئ، إلى أنّ اللجوء في الجزر اليونانية ليس متاحاً للجميع، حيث يجري تمييز اللاجئين بحسب الجنسيّات، حيث يتم رفض لجوء كافة الجنسيّات باستثناء فلسطينيي قطاع غزّة، فيما يتم معاملة اللاجئ الفلسطيني السوري كمعاملة السوري.

وتابع، أنّ اللاجئ الذي يُرفض لجؤوه في الجزر اليونانية، يجري تحويل ملفّه إلى الشرطة، ويُعطى ورقة طرد مدّة صلاحيتها 6 أيام فقط. أمّا من يُقبل لجؤوه فيقع ضحيّة واقع أسوأ من الذي هرب منه، حسبما أشار. مضيفاً: "اليونان ليس بلد لجوء ولا يمثّل اختياراً لطالبي اللجوء وإنما هو معبر باتجاه دول أخرى كألمانيا والنمسا وهولندا بالنسبة لمعظم اللاجئين."

وتقدّر تقارير أممية عدد طالبي اللجوء في الجزر اليونانية بـ 42 الفاً، يعيشون في جزر مثل  (كوس، ليسبوس، خيوس، ساموس وليروس) فيما وصفت منظمات حقوقية عدة من بينها منظمة أطباء بلا حدود مراكز الاحتجاز المغلقة بالسجون، كما قالت عنها مفوضة مجلس أوروبا لحقوق الإنسان "دنجا ميجاتوفيتش" في أيار/ مايو 2021: إنّها من الممكن أن تؤدي إلى حرمان المهاجرين من حريتهم.

 


 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد