"بعض الفنانين الفلسطينيين رسموا وأعمالهم كانت أقرب لتقرير عن عملية اللجوء، فيما آخرون فكروا بشكل آخر، بمعني كيف نعبر عن آمال الشعب الفلسطيني بالعودة بعكس عملية اللجوء أنا كنت منهم" بهذه الكلمات يعبر الفنان الفلسطيني اللاجئ في مخيم جباليا شفيق رضوان عن اتجاهه الفكري الفني إزاء قضية اللجوء التي احتلت مكاناً واسعاً في أعماله، لكن من منظوره المختلف عن غيره.

لجوء يتكرر.. واتجاه فني يُصقل

يقول الفنان رضوان لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن مسألة اللجوء تلاحق الفنان الفلسطيني أو أي فلسطيني أينما كان، وأن الإحساس باللجوء وما يعنيه من مشاعر الغربة لا يقتصران على من عاش رحلة اللجوء وانتُزع من أرضه، ولكن الأجيال المتعاقبة يتولد لديها هذا الإحساس وتعيش ألم الغربة حتى في مكان ولدت فيه بعد أن وصله الأجداد، فعدم وجود وطن لشخص ما هو مشكلة بحد ذاتها، مضيفاً بأن الفنان الفلسطيني مثل الأديب مثل الشاعر مثل السياسي مثل أي إنسان فلسطيني سواء كان قد عاش اللجوء في الطفولة يشعر بهذه الغربة.

ولعل رضوان قد خبر تجربة الشتات الفلسطيني جيداً مع تنقله من بلد إلى آخر، واضطراره في كل مرة للمغادرة بسبب التقلبات السياسية للأنظمة العربية إزاء الفلسطينيين.

يقول هذا الفنان الذي ولد في قرية نجد المهجرة قضاء قطاع غزة عام 1943، ولجأت عائلته إلى مخيم جباليا شمالي القطاع إبان نكبة عام 1948: إنه في عام 1965 ذهب إلى الكويت ومن ثم إلى الاتحاد السوفيتي للتخرج والحصول على الدكتوارة، وبعدها إلى سوريا حيث أقام جزء من أسرته، ثم إلى ليبيا للعمل في الجامعات الليبية، ولكن بعد توقيع منظمة التحرير على "اتفاق أوسلو" أوقفوا كل الفلسطينيين عن العمل، ليعود إلى سوريا بصعوبة جداً، ثم يُبعد عنها كونه يحمل وثيقة سفر، "وكانوا في ذاك الوقت لا يسمحون للفلسطينيين بدخول سوريا بناء على اتفاق أوسلو يعني لأبعاد سياسية وفق ما يفكر النظام السوري في ذلك الوقت" بحسب تعبيره.

شاهد/ي التقرير

شتات طاول اللوحات والأعمال الفنية

عاد رضوان إلى قطاع غزة في 1997 ولم يكن لديه من أعماله إلا القليل، ففي كل بلد كان فيه خرج ولم يستطع العودة، مثل الكويت والاتحاد السوفيتي وليبيا وسوريا ، حيث بقيت أعماله ولم تعد معه، وما هو موجود من أعماله في قطاع غزة هو فقط ما عمل عليه منذ عام 1997 حتى اليوم.

يضيف رضوان: في كل مكان استقريت به كنت أحرص على أن يكون لي أعمال ذات علاقة بالقضية الفلسطينية، لإيصال الصوت الفلسطيني والمعاناة التي يعيشها اللاجئ بعد تهجيره قسراً من أرضه، لذلك أنا مهتم في رسم الإنسان لتعطي لوحاتي إحساساً بالروح والحياة والمشاعر التي يعيشها الفلسطيني بالتزامن مع مختلف الأوقات القاسية التي مر بها خلال سنوات الاحتلال للأرض الفلسطينية.

7-1.jpg

 

يرسم الإنسان لأنه منبع المشاعر المختلفة المتناقضة

يركز على رسم الإنسان بشكل أساسي، لاعتماده على تكوين العمل من الجوانب الجمالية بمختلف المشاعر، سواء القلق أو الحزن أو الضياع، مُؤكداً أنّ الأعمال الفنية عبارة عن تكوين مترابط ما بين العناصر واللون والخطوط، لتوصل مشاعر الفنان والرسالة التي يحاول إبرازها والتركيز عليها.

ويقول: إن أهم أعماله التي تتحدث عن القضية الفلسطينية تركّز عن مشاعر الوجوه بشكلٍ لا شعوري، وتعكس إحساس اللاجئ الفلسطيني وهو خارج وطنه ويشعر بنقصه للهوية، لا سيما وأنّ مسألة اللجوء تلاحق الفنان الفلسطيني وتظهر في معظم أعماله بقصد أو بغير قصد، لتأصلها بداخله.

شعرنا بمعاناة اللجوء في الخمسينيات.. كنا أطفال وعانينا كثيراً من الطقس ونقص الغذاء واللباس

بالإضافة إلى هذا الجانب في لوحاته، هو يحاول عكس جانب آخر أظهره في مشروع تخرجه خلال ستينيات القرن الماضي، حيث كان مشروع التخرج في ذلك الوقت حول "الطموح بالمقاومة والعودة في العهد الناصري فكان عنوانه (قسم العودة) ومن ثم في ذلك الوقت في الخمسينيات في الستينيات قبل عام 1967 كان معظم الفنانين الفلسطينيين من هم في عمري او أكبر قليلاً كان الموضوع الذي يشغلهم هو قضية اللجوء والمعاناة مثل اسماعيل شموط وغيرهم كنت أنا انظر للموضوع بشكل آخر، شعرنا بمعاناة اللجوء في الخمسينيات كنا أطفال وعانينا كثيراً من تقلبات المناخ ونقص الغذاء واللباس، ولكن لا بد أن يكون هناك حل  في المقاومة والعمل من أجل العودة والتحرير، لذا كانت معظم أعمالي في ذلك الوقت ذات موضوع ذي طابع وطني يدعو إلى المقاومة"

 ويؤكد رضوان أنّ الفن الفلسطيني يجب أن يكون ناضجاً، وهذا أهم من كونه يقدّم القضية الفلسطينية بطريقةٍ نمطيةٍ وتقليديّة لإيصال الرسالة المرجوّة بالشكل المطلوب.

7-2.jpg

 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد